هل تشهد الساحة السياسية ميلاد «ترويكا 2» بعد تلميح رئيس الهيئة السياسية في الحزب الجمهوري أحمد نجيب الشابي إلى احتمال إقامة «تحالف انتخابي» مع المسار الديمقراطي الاجتماعي وحزب حركة نداء تونس؟ وأية ضرورة لهذا الائتلاف المحتمل؟ تسعى القوى الديمقراطية والتقدّمية منذ انتخابات 23 أكتوبر الماضي إلى إيجاد صيغة للالتقاء حول برنامج واحد وهدف واحد من أجل إحداث نوع من التوازن على الساحة السياسية وإنجاح الانتقال الديمقراطي بضمان مبدإ التداول على السلطة والتعددية السياسية.
ضرورة انتخابية
وبعد أخذ وردّ وتردّد في الانضمام إلى حركة «نداء تونس» يبدو أن المسار الديمقراطي الاجتماعي والحزب الجمهوري قد وجدا الصيغة الملائمة للتنسيق مع هذه الحركة دون الحديث عن انصهار أو تحالف بل في إطار عمل جبهوي قائم على جملة من المشتركات والنقاط التي تلتقي عندها هذه الأطراف السياسية الثلاثة. وأكّد نائب رئيس المسار الديمقراطي الاجتماعي عبد الجليل البدوي «إن هناك ضرورة للالتقاء بين هذه الأطراف، لأن الساحة السياسية اليوم تتّسم بتشتت كبير للأحزاب الديمقراطية والتقدمية، قاد إلى اختلال فظيع في موازين القوى على الساحة، وهذا الأمر لا يتلاءم مع الانتقال الديمقراطي الذي يتطلب حدّا أدنى من التوازن بين الفاعلين السياسيين حتى لا يتحوّل إلى مسار لعودة الاستبداد».
وأضاف البدوي «هذه ضرورة يقتضيها الانتقال الديمقراطي ويقتضيها أيضا التداول على السلطة بين قوى سياسية متباينة في آرائها ومواقفها». وإضافة إلى هذه الضرورات تبدو هذه القوى متفقة على أن أداء «الترويكا» الحاكمة لا يستجيب لتطلعات الشعب وتبدي هذه الأطراف عدة تحفظات على عمل الحكومة وتعمل على كسب «نقاط» في مسيرتها نحو الاستحقاق الانتخابي القادم من هذا المنطلق، فضلا عن أنّ تجربة انتخابات 23 اكتوبر التي دخلت فيها الأحزاب التقدمية مشتّتة لا تزال ماثلة امامها اليوم وهي تسعى إلى تجاوز أخطاء الماضي وتبدو على يقين من أن الالتقاء على أرضية مشتركة وعلى برنامج واحد بات امرا ضروريا.
مشاورات... وخارطة طريق
وفي هذا السياق قال البدوي إنّ المنطلق السياسي والموضوعي موجود وبالتالي بدأت المشاورات بعقد جلسة يوم الخميس الماضي واتفق المجتمعون (المسار والحزب الجمهوري ونداء تونس) على المبدإ «انطلاقا من نفس التشخيص للواقع السياسي وللتحديات الاقتصادية والاجتماعية والمجتمعية، فضلا عن وجود إرادة سياسية لتكوين جبهة تضم كل الأطراف التي تعتقد في الديمقراطية ولديها البعد الاجتماعي والديمقراطي والإصلاحي وتتسم بالتسامح والعقلانية في معالجة جميع القضايا دون إقصاء لأي طرف».
وأضاف البدوي أن هذه الأطراف اتفقت على القيام بلقاءات دورية وتشكيل لجان عمل لبحث مختلف الملفات ورسم خارطة طريق للتعاطي مع الواقع السياسي في المرحلة المقبلة.
وفي السياق ذاته قال أمين عام حزب حركة نداء تونس الطيب البكوش إن اللقاء الذي دار الخميس الماضي يندرج في إطار ما أعلنته حركة نداء تونس منذ مدّة، وهو أن عملها لا يقتصر على بعث هيكل سياسي وإنما يتجاوز ذلك إلى السعي إلى تجميع القوى الديمقراطية حول قواسم مشتركة ووضع خارطة طريق للمرحلة الانتقالية والمستقبل.
وأوضح البكوش أنه «بعد إنشاء حركة نداء تونس انتقلنا إلى مرحلة موازية، وهي مرحلة التنسيق مع مختلف الأطراف السياسية التي تلتقي حول مبادئ مشتركة ورسم تصور عام للاستراتيجيات التي تخدم مصلحة تونس وتعمل على الحفاظ على مكاسبها الحضارية وتنميتها على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي» مشيرا إلى أن اللقاء الذي حصل «سيكون متبوعا بلقاءات أخرى مع الحزب الجمهوري والمسار ومع اطراف سياسية واجتماعية أخرى».