برّ الوالدين هو الإحسان اليهما، وطاعتهما، وفعل الخيرات لهما، وقد جعل الله للوالدين منزلة عظيمة لا تعدلها منزلة، فجعل برهما والاحسان اليهما والعمل على رضاهما فرضا عظيما، وذكره بعد الأمر بعبادته فقال عزّ وجل {وقضى ربّك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغنّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما وقل لهما قوْلا كريما} (الإسراء 23) وقال تعالى {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا} (النساء 36). وقال الله تعالى {ووصّينا الانسان بوالديه حملته أمه وهْنا على وهن وفصاله في عامين أن أشكر لي ولوالديك إليّ المصير} (لقمان 14).
كان اسماعيل عليه السلام غلاما صغيرا يحب والديه ويطيعهما ويبرهما. وفي يوم من الأيام جاءه أبوه ابراهيم عليه السلام وطلب منه طلبا عجيبا وصعبا حيث قال له {يا بُنيّ إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين} (الصافات 102).
فردّ عليه اسماعيل في ثقة المؤمن برحمة الله، والراضي بقضائه {يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين}(الصافات 102).
وهكذا كان اسماعيل بارّا بأبيه مطيعا له فيما أمره الله به فلما مسك ابراهيم عليه السلام السكين، وأراد ان يذبح ولده كما أمره الله جاء الفرج من الله سبحانه فأنزل الله ملكا من السماء، ومعه ذبح عظيم فداء لإسماعيل.
قال تعالى {وفديْناه بذِبح عظيم} (الصافات 107).
يحكي لنا النبي صلى الله عليه وسلّم قصة ثلاثة رجال اضطروا الى أن يبيتوا ليلتهم في غار، فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم باب الغار، فأخذ كل واحد منهم يدعو الله ويتوسل اليه بأحسن الأعمال التي عملها في الدنيا، حتى يفرّج الله عنهم ما هم فيه فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت أحضر لهما اللبن كل ليلة ليشربا قبل ان يشرب أحد من أولادي وتأخرت عنهما ذات ليلة، فوجدتهما نائمين فكرهت أن أوقظهما أو أعطي أحدا من أولادي قبلهما فظللت واقفا وقدح اللبن في يدي انتظر استيقاظهما حتى طلع الفجر وأولادي يبكون من شدة الجوع عند قدمي حتى استيقظ والداي وشربا اللبن، اللهم ان كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك ففرّج عنّا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة وخرج الثلاثة من الغار. (القصة مأخوذة من حديث متفق عليه).