من منا لم يسمع ولو بأسطورة «مدّب» في حياته ولم يسمع عنه أمهات الغرائب. ف «المدب» ما خلا منه مكان ولا زمان. و«المدبية» أنواع شتى حسب تصنيف العامة، فمنهم من لا يؤمن الا ب «الفلقة» في التعامل مع المتلقّي. ولا غرابة ان وجدناه مستشارا في البناء الحر الديمقراطي. ومنهم من ارتقى الى رتبة «فريجيدار» وقيل إن يده تجمّد الماء بمجرد كتابه «حرز» باسم الدين والأولياء الصالحين. ولا عيب إن وجدناه «يبرد ويسخن» في البندير الاعلامي الرسمي ب «الفلاقي» أيضا.
ومنهم من ينصب نفسه مستشفى جامعيا متعدد الاختصاصات لعلاج الامراض المستعصية المزمنة بمجرد حرز بما في ذلك الصرع. ولا عجب ان وجدناه مستشارا في النوايا وفي ما يدور في صدور الخلق. ومنهم من فتح مقاولة لاستخراج الحجر من «كريار» الكلى البشرية بالدعاء والبخور وخيط الحرير والكمون ولا غرابة إن وجدناه مستشارا في التنمية المستديمة وإبقاء حليمة على عادتها القديمة.
ومنهم من نصب نفسه مندوبا دائما لدى الجن للمصروعين وقائما بأعمال المعذبين في الأرض عشقا وهياما وغراما بمجرد كتابة خطين على «حرز مضروب بالسفود» وما على العاشق الولهان الا أن «يدوثو ويشرب ماه» لينعم بوصال الحبيب ولا عجب إن وجدناه رئيس جمعية خيرية تعنى بتربية الحلزون في الصناديق الانتخابية.
ومنهم باسم الدين والأولياء الصالحين من نصب نفسه مختصا في افطام الرضيع عن الرضاعة. والطفل عن الغيرة والشاب عن الزيغ والكهل عن اهمال العيال والشيخ عن الأنين من آلام تحجّر المفاصل وتصلب الشرايين ولا غرابة ان وجدناه رئيس لجنة مقاومة الفساد بالفساد ضمن منظومة «ما دواء الكساد كان الفساد».
المؤدبون الذين أعنيهم هم «المدبية» كتبة «الحروز» دون سواهم لأنني أخشى ما اخشاه ان يكون لهم أثر في اعمال المجلس التأسيسي فيتغلب كتبة «الحروز» على كتبة الدستور.
وما دام هذا المجلس في حالة مخاض ننتظر هل يلد دستورا أم حزمة «حروز» لاستخراج الكنوز للشعب الكريم حتى تزال عنه التابعة وينهض سعده الراقد في حجر الترويكا.