هل يمكن للزيادة الاخيرة في ثمن علب السجائر أن تجعل التونسي يقلع عن هذه العادة خاصة بعد الكشف عن كلفة العلبة التي لا تتجاوز 300 أو 350 مي في حين تباع بأكثر من دينارين. كما أن هذه الزيادة كانت هامة وبلغت 200 مي للعلبة الواحدة (صنع تونسي) و500 مي للمستورد. وقد سبقتها زيادة أخرى في 2011. أسئلة أخرى تتبادر للذهن عن حجم استهلاك التونسي للسجائر وحجم المداخيل التي يوفّرها هذا المنتوج والأضرار أو التمويلات المخصصة لعلاج الأمراض التي يتسبب فيها التدخين.
«الشروق» تحدثت الى مصادر من وكالة التبغ والوقيد والى مصادر من «الكنام» لمعرفة مداخيل التبغ وثقل النفقات التي يسببها التدخين على الدولة التونسية.
500 مليون علبة
ذكرت مصادرنا من وكالة التبغ والوقيد أن التونسي يستهلك كميات هامة من علب التبغ إذ بلغت في 2009 نحو 500 مليون علبة سنويا من الصنف المصنوع بتونس ونحو 100 مليون علبة (مستورد) لكن في 2010 والسنة الحالية تراجعت هذه الارقام بسبب ما تم نهبه من علب سجائر وخاصة بسبب السوق الموازية التي جعلت الاستهلاك يتراجع الى 350 مليون علبة من السجائر المحلية في 2011 وبقي المستورد في نفس النسق بنحو 100 مليون علبة. وتعدّ سنة 2011 سنة استثنائية حسب مصادرنا باعتبار ارتفاع نسق نشاط بيع علب السجائر في السوق الموازية.
وهذا النقص الهام في بيع السجائر بالسوق المنظمة كلّف حسب مصادرنا نقصا كبيرا في تمويل خزينة الدولة ناهز المليارات وضخّ في السوق الموازية.
ولاحظت نفس المصادر أن 78٪ من ثمن السجائر تضخّ في خزينة الدولة في شكل جباية.
كذلك فالمهم ليس الزيادة في ثمن علب السجائر بل مواجهة «غول السوق الموازية» الذي حرم خزينة الدولة من المليارات، ويرى عدد من الملاحظين أن هذه الزيادة الجديدة قد تدفع بالمزيد من مستهلكي السجائر إلى السوق الموازية رغم أن ما تروجه غير خاضع لأي مراقبة صحية ولو علمنا أن السجائر التي تباع في السوق المنظمة هي مضرّة بطبعها فإن التي تروّج في السوق الموازية مضارها مضاعفة.
وفي سياق متّصل ذكرت مصادرنا أن نسق استهلاك التبغ من السوق المنظمة مازال متراجعا مقارنة بالسنوات الماضية وهو ما يتطلب وقفة حازمة للحد من ترويج التبغ في السوق الموازية.
خسائر أخرى
مليارات خسرتها خزينة الدولة بسبب السوق الموازية بالإضافة إلى خسائر مادية وبشرية أخرى نتيجة سلبيات التدخين على الصحة وقد أفادتنا مصادر من «الكنام» أن النفقات المرتبطة بالأمراض السرطانية عفاكم الله والتي يتسبب فيها بنسبة هامة التدخين قد شهد تطورا من 2007 إلى 2010 بنسبة 172.3٪ كما تطور حجم الأدوية المرتبطة بالسرطان م 37.5 مليون دينار في 2007 إلى 136.7 مليون دينار في 2010 أي بزيادة بنسبة 264.5٪. التدخين يتسبب في أمراض أخرى مزمنة وخطيرة مثل القلب وغيرها ويتسبب في نفقات ثقيلة كان أولى أن تنفق على برامج التنمية.