نواصل مع «بوطبيلة» فقد كان أحيانا ينادي من يعرفهم من أصحاب البيوت والمنازل بأسمائهم: يا فلان ويا فلان انهضوا للسّحور، قوموا للسّحور. وفي القديم كان المسحّر يغنّي بشعر يصنّف في فنّ من فنون الشعر وهو فنّ القوما، ومما كان ينشد هذه الأبيات: أيّها النوّام قوموا للفلاح واذكروا اللّه الذي أجرى الرياح إن جيش الليل قد ولّى وراح وتدانى عسكرُ الصّبح ولاح اشربوا عجلى فقد جاء الصباح معشر الصوام يا بُشراكمو ربّكم بالصّوم قد هناكمو وجوار البيت قد أعطاكمو فافعلوا أفعال أرباب الصّلاح اشربوا عجلى فقد جاء الصّباح
ويبدو أن المرأة لم تتخلّف في القديم في بعض البلدان الاسلامية عن النهوض بمهمة المسحّر، فكانت تمرّ على البيوت في الأزقّة والأنهج، متغنّية بصوت مطرب، داعية النائمين الى السّحور. قال شاعر في امرأة حسناء مسحّرة ذات صوت شجيّ: عجبت في رمضان من مسحّرة بديعة الحسن إلا أنها ابتدعت جاءت تسحّرنا ليلا فقلت لها كيف السّحور وهذي الشّمس قد طلعت؟