في ليالي رمضان تسطع المآذن والشوارع والأنهج والساحات بالأضواء البهيجة، وتدخل الدنيا في طور جديد من المحبّة والتآلف والتآزر، وتتفتّح القلوب لبعضها بعضا، مليئة بمشاعر العطف والتسامح والرحمة، تجد كلّ الناس سواسية في المشاعر والأفكار وحبّ الخير، وتتوطّد العلاقات الأسرية فتتبادل الأسر الزيارات، ويجتمع الخلاّن في المجالس الثقافية أو الفنية أو المقاهي، وتنشط الحركة التجارية، وتبقى الليالي نيّرة يسودها جوّ من الإيمان والتّقوى، وتعمر المساجد لصلاة التراويح، وتلوح المآذن تحيط بها هالة من نور، تتسامى الى السماء، كأنها أيد مبسوطة للدعاء، إذ تعمر المساجد بالمصلين، تتلى فيها آيات الذكر الحكيم، وتقرأ الأحاديث النبوية الشريفة خاصة من صحيح البخاري، وتتزيّن البلاد، فالمنارات مضاءة، والشوارع مزدحمة بالصائمين، وجوههم تعلوها مشاعر البهجة والفرحة بشهر العبادة والتبتّل والغفران.وفي رمضان يتواصل الناس، ويزداد الشعور بالتقارب والألفة والمحبّة، وتزهو المساجد والجوامع وتُضاء بالأنوار الكهربائية، وكانت في ما مضى تُضاء بالقناديل.وكان رمضان في القرون الماضية، مقترنا بالفوانيس الرمضانية، والقناديل المتلألئة التي تجعل الليل كالنهار، وتنير القلوب بنورها، وتبدو كالنجوم في الحلك. قال الشاعر يصف ا لمآذن في رمضان:«تلفّتت المآذن حالماتكحوريات خلد سافراتتلألأ حولها أطواق نورمضيئات بحبّك هائمات»