كلّ شيء ممكن في شهر رمضان خصوصا أنه شهر «حشيشة» تنفخ الصدور، وتخيّل للواحد أنه بطل، وتوهمه أن لا أحد يقدر عليه، والحشيشة فوق ذلك ومعه تجعل الواحد يغلط في نفسه ويغالطها، فتراه يساير كل وسوسة لها وينساق وراء ما تبعثه من خيالات وما ترميه من قصص هي أشبه بالأساطير. ولكن «المحشش» يصدق كلام النفس التي تنفخ فيه، وتمدحه وتطريه، وتهدهده وتغريه، ولعل الكلام الصادر أمس عن وزير العلاقات مع المجلس التأسيسي السيد عبد الزراق الكيلاني هو أبرز تجسيد لحشيشة رمضان.
فقد قال من جهة إنه لم يجرؤ في تونس أحد على بن علي كما تجرّأت أنا عليه، ولكن لا أحد يعلم لا متى تجرّأ السيد الكيلاني على بن علي ولا أين بالضبط مارس تلك الجرأة اللهم إلا بعد أن غادر بن علي السلطة بل والبلاد بأسرها، ومع ذلك فإن عدد الذين تجرؤوا عليه بعدها يفوقون السيد الكيلاني نبرة وجرأة. وقال من جهة أخرى وهنا تذهب الحشيشة إلى أقصى مداها بأنه لولا مهاتفته لبن علي لغرقت القصرين في حمام دم، والسيد العميد يساير بذلك كل أولئك الذين قالوا نفس الكلام حول حمام الدم الذي لا دليل عليه ولا علامة له، ومن هؤلاء الذين منعوا تونس من حمام الدم؟ السيد علي السرياطي ورضا قريرة ومحمد الغنوشي فكلهم قالوا نفس هذا الكلام الفارغ. أما وقد انضاف إليهم السيد عبد الر زاق الكيلاني، فهذا ما يدعو إلى العجب العجاب!
الله أحد، الله أحد الكيلاني ما كيفو حد، ذلك هو التعليق الوحيد الجدير بالرجل الذي لم يتجرأ أحد في تونس على بن علي مثله والذي لولا هاتفه الجوال لغرقت القصرين في حمام دم. فعلا، أهل العقول في راحة