في كتابه تحت اسم «عيسى بن مسكين» يقول الأستاذ والإمام الخطيب بوراوي المزوغي إن الاسم الكامل لعالمنا الزاهد الذي نتناوله في مقالنا هذا هو ابو موسى بن مسكين بن منصور بن محمد الافريقي ولد بمدينة مسجد عيسى (ولاية المنستير) وهذه المدينة تُنسب اليه. ميلاده كان سنة 214 هجريا ووفاته سنة 295 هجريا حسبما حققه مؤرخنا حسن حسني عبد الوهاب.
يعتبر عيسى بن مسكين أحد علماء العهد الأغلبي وهو تلميذ للإمام سحنون وخليفته في القضاء بالقيروان وروى انه رأى الإمام سحنون قبل وفاته في المنام وقد قلّده القلادة. وكان اذا استفتي محمد بن سحنون وابن مسكين حاضر قال له سحنون: أفته يا أبا موسى.
كما كان إذا قيل لأهل العراق: عندكم مثل عيسى بن مسكين؟ ويقولون: ذلك أفضلكم وأفضلنا. القاضي العادل
بعد وفاة الإمام سحنون أراد الأمير الأغلبي إبراهيم بن أحمد ان يولي يحيى بن عمر (المعروف عند سكان مدينة سوسة ب «سيدي يحيى) قضاء القيروان فقال له يحيى إن دللتك على من هو خير مني تعفيني؟ قال الأمير: نعم... فدلّه على عيسى بن مسكين فولاه هذا رغم امتناع هذا الأخير وإجماع الناس عليه. ولما ولي القضاء وقدم القيروان رأته امرأة في زي حمال على حمار وبردعة فقالت: اي قاض هذا؟ فسمعها فقال: والله لقد قلت لهم هذا!! بقي في القضاء زهاء تسع سنوات أخضع خلالها جميع الناس للوقوف سواء أمام العدالة وحاول الأمير التدخل مرة في القضاء فأجابه بقوله تعالى: «يا قوم مالي أدعوكم الى النجاة وتدعونني الى النار».. فقال الأمير هذا رجل يحاربنا بالله، أتركوه وشأنه.
مجانا
بعد إعفائه من القضاء بطلب منه رجع الى مدينته (مسجد عيسى، الحاملة لإسمه) ولازم معصرته يعلّم بناته وبنات أخيه القرآن حتى وافته المنية وضريحه معروف بين مدينته ومدينة سيدي عامر (ولاية المنستير) وتذكر الدراسات هنا انه دفن بضيعته. كما انه لم يأخذ أجرا أبدا عن ممارسته القضاء.
ينسب اليه بن فرحون في كتابه «الديباج المذهّب» الكثير من الكرامات ومنها انه مرّ بناحية مدينة المهدية (قبل تأسيسها طبعا) وغرس سيفه في رمال الشاطئ وقال: هنا تظهر البدعة... وهو يعني المذهب الشيعي».