شهدت غابات معتمدية عين دراهم خلال الأسبوعين الماضيين اندلاع العديد من الحرائق بعدة أماكن وقد كانت أشجار الصنوبر هي الأكثر تضررا نظرا الى قابليتها الشديدة للاشتعال وانتشار النيران بداخلها، وهذا ما يقتضي الحيطة والتوقّي من خلال اليقظة ليلا نهارا. تعتبر هذه الحرائق من أكثر الآفات فتكا بالغابات لما تخلفه من أثار سلبية على البيئة والحيوانات البرية والطيور والزواحف والفراشات كما تسببت بارتفاع في درجات الحرارة وانتشار الدخان طال حتى وسط المدينة بالرغم من بعد مكان الحريق عنها بحوالي 12 كيلومترا وقد ظلت أسباب اندلاع هذه الحرائق مجهولة الى حد الآن باستثناء حريق غابات منطقة الحمراء المتاخمة للمعبر الحدودي التونسي الجزائري بفج كحلة حيث تسربت النيران من غابات القطر الجزائري واجتازت الحدود لتلج الغابات التونسية وضخامة هذا الحريق وما ألحقه من أضرار اجبر أعوان الغابات وعمالها على الاستماتة في المقاومة ليلا نهارا بمعاضدة الجيش الوطني والحماية المدنية وبتسخير كل الوسائل المتاحة من شاحنات اطفاء ومضخات محمولة على الظهر وآلات يدوية وعملة الخفاف كما تم الاستنجاد بطائرتين للجيش الوطني التونسي لتعزيز التدخلات الأرضية من الجو بضخ الرغوة والماء..
أخطار محدقة
لم تقتصر الأخطار على ألسنة النيران ووهجها وتناثر أدخنتها وتطاير أوراق الأشجار المشتعلة والحرارة المرتفعة بل كان هناك عامل اشد خطورة من كل هذا وهو الألغام الموجودة داخل هذه الغابات والمتبقية من اثأر حرب التحرير الجزائرية حيث كانت القوات الاستعمارية الفرنسية تمطر الثوار الجزائريين البواسل بوابل من القنابل على مستوى الشريط الحدودي التونسي الجزائري. وقد بقي بعض الألغام وسط هذه الغابات الكثيفة ممّا أدى الى انفجار لغم في اليوم الثاني من شهر أوت وتلاه آخر 3 من نفس الشهر عندما طالتهما النيران
المدير العام للغابات يعد بتجديد أسطول الشاحنات
تحول كل من السيد محمد الأمين المناعي رئيس دائرة الغابات بعين دراهم ورئيس قسم التشجير والسيد المكي البامري المندوب الجهوي للتنمية الفلاحية بجندوبة والسيد صلاح الدين التواتي المدير العام للغابات بتونس على عين المكان للاطلاع على الوضع ومتابعة نجاعة التدخلات والاشراف عليها. «الشروق» كان لها لقاء بمكان الحريق مع السيد المدير العام للغابات بتونس الذي أفادنا قائلا «صحيح أن عدد الحرائق قد ارتفع هذه السنة لكن الخسائر المسجلة من حيث المساحة تعتبر طفيفة مقارنة بهذا العدد وبنفس الفترة من السنة الماضية ولم تأت النيران الا على حوالي 270 هكتارا بكامل غابات الجمهورية في حين بلغت في السنة الماضية وخلال نفس الفترة 576 هكتارا و يدل هذا التراجع في المساحات المحروقة على نجاح الاستراتجية التي تم وضعها هذه السنة».كما أن التدخلات كانت لها الجدوى المطلوبة ولكن بحلول شهر أوت ارتفعت درجات الحرارة وانخفضت الرطوبة وازداد هبوب رياح الشهيلي فأصبحت الغابات أكثر جفافا وعرضة للحرائق. ويضيف انه خلال هذه السنة تم توزيع اعتمادات هامة على كل الجهات للاعتناء بالمعدات بالرغم من قدم أسطول شاحنات الاطفاء ولتجديده تم الحصول على تمويل ايطالي لاقتناء 26 شاحنة اطفاء للتدخل السريع و يؤكد أن سلك الغابات قد قام بمجهودات جبارة في هذا الصدد من ناحية الاستعدادات اللازمة كصيانة المسالك وتعهد المعدات وفتح الطرائد النارية وكذلك التصدي للعديد من الحرائق واخمادها في وقت قياسي بالرغم من محدودية الامكانيات ويرجع نجاح ونجاعة التدخلات الميدانية الى التنسيق مع عدة مصالح منها الحماية المدنية والجيش الوطني والتدخلات الجوية ويقول ان المساحة المحروقة جراء حريق الحمراء لم يقع حصرها بعد ولكن يبدو أن هذه المساحة هامة وهي من أشجار الصنوبر وهذا يعود الى ضخامة الحريق الذي تسرب من القطر الجزائري ليعود من جديد الى الاشتعال داخل الغابات التونسية ويختم قوله ان معدل مساحات الغابات التي تتلفها الحرائق سنويا بكامل تراب الجمهورية تكون في حدود 1300 هكتار ولكن سنة 2011 ارتفعت هذه المساحات لتصل الى 2000 هكتار ويأمل أن لا تصل هذه المساحات خلال السنة الحالية الى هذا العدد.