رغم أن نبي هذه الأمة كان أميا، إلا أنه كان أحرص الناس على نشر العلم بين أفراد المجتمع. وقد كانت أمية النبي صلى الله عليه وسلم، حكمة من الله تعالى، حتى لا يقول المشككون في نبوته من قومه إنه تعلم القراءة، وقرأ كتب الآخرين، ونقلها إلى مجتمعهم الذي كانت تغلب عليه الأمية. فأميته برهان من الله تعالى على صدقه. فما يكون لرجل أمي أن يؤلف كتابا، إلا أن يكون من عند الله العليم الخبير. وكان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الناس تقديرا لقيمة العلم والعقل. فالعقل والعلم أخوان لا غنى لأحدهما عن الآخر، فهما يقترنان سويا في مسيرة الحياة. والرسول الذي كانت أول كلمة تسمعها أذنه من القرآن هي كلمة اقرأ، أراد أن يحمل الرسالة التي تلقاها، وينشرها، ويحث على التمسك بها. فهو يريد للأمة الإسلامية أن تكون أمة متعلمة عاقلة واعية، لا تعيش أسيرة قيود الجهل أو الخرافات. وأحاديث النبي في قيمة العلم، ما أكثرها وما أروعها؛ فهو الذي يقول: «من سلك طريقا يلتمس به علما؛ سهّل الله به طريقا إلى الجنة». (أخرجه مسلم). وكما هو أسلوب النبي في كل ما له قيمة، فإنه يربط فعله بالجنة ونعيمها. فها هو يحث المسلمين على سلوك طرق العلم، حتى يكون ذلك عونا لهم على سلوك طرق الجنة. ويعلمنا النبي أن العالم له فضل، ربما لا يصل إليه سواه، حين يقول: «إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت، ليصلون على معلمي الناس الخير». (رواه الترمذي). ويقول: «إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء». (رواه أبو داود والترمذي).