الوجوه هو استعمال اللفظ الواحد في عدة وجوه من المعاني، والسياق هو الذي يبين المعنى على التخصيص. ومن ذلك مثلا:«النبأ والأنباء» في القرآن، فهي بمعنى الأخبار إلا قوله تعالى:«فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون» (القصص:66) فإنها بمعنى الحجج (البرهان في علوم القرآن:ج1/109). و«لعلكم»فقد وردت في القرآن بمعنى «لكي» إلا في سورة الشعراء: «و تتخذون مصانع لعلكم تخلدون » (الآية:129) فإنها بمعنى التشبيه«كأنكم» (البرهان في علوم القرآن ج1/110) وقيد يرد اللفظ الواحد بمعنى واحد في موضعين فأكثر، فيكون له نظير أو نظائر.
ومن ذلك مثلا لفظ« الظلم » في قوله تعالى: « الذين أمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن». (الأنعام)
روى أحمد والشيخان عن ابن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية شق ذلك على الناس، فقالوا: يا رسول الله، وأينا لا يظلم نفسه؟ قال: إنه ليس الذين تعنون إنما هو الشرك. ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: « وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم »(لقمان 13/و الحديث رواه أحمد )
و هنا لا بد للمفسر بالقرآن من معرفة هذا الاختلاف في المعنى للفظ الواحد بحسب الغرض من استعماله، حتى لا يخطئ بالتعميم أو التنظير. واعتبر بعضهم كأبي عبيدة أن القراءة الشاذة مرجع هام في تفسير القرآن بالقرآن، وذلك بحمل القراءة غير الشاذة عليها في المعنى (محمد عبد العظيم الزرقاني: مناهل العرفان في علوم القرآن ج:1/14 ط القاهرة 1372ه ) ولا سيما إذا كان اللفظ مبهما عند البعض كقراءة ابن مسعود: (أو يكون لك بيت من ذهب. فقد فسرت معنى زخرف في القراءة المشهورة« أو يكون لك بيت من زخرف » الإسراء: 93 ). أو كانت هذه القراءة الشاذة توضح حكما من الأحكام كقوله سبحانه وتعالى: «وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس »(النساء:12 )
قرأ سعد بن أبي وقاص: وله أخ أو أخت من أم. فبينت هذه القراءة أن المرأة بالأخوة في هذا الحكم الأخوة للأم دون الأشقاء، والأخوة للأب، وهذا أمر مجمع عليه (الزقاني: مناهل العرفان في علوم القرآن ج 1/140 ط القاهرة 1372ه ) وبناء على ذلك فإن أبا عبيدة يرى أن المقصد من القراءة الشاذة وإثباتها، تفسير القراءة المشهورة وتبيين معانيها (السيوطي: الإتقان في علوم القرآن:ج 1/82).