منطقة الوشواشة «أولاد بوعزة» من عمادة بلهيجات لا تبعد سوى بعض الكيلومترات عن مركز الولاية «القصرين» غير أن ما يسمّونه تنمية لم يعرفوا شيئا عنه بل لم يسمعوا في حياتهم مطلقا عن هذه التنمية ولا يعرفوا حتى مفهومها. باعتبار أنهم يعيشون في عزلة عن هذا العالم فلا طريق يسهّل لهم التّنقل ولا إنارة يستطيعون من خلالها أن يضمنوا سبل العيش والاستقرار ولا ماء صالح للشراب يقيهم من الأمراض والأوبئة التي تتسبّب فيها مياه الغدران والمواجل الآسنة والملوّثة. فأهالي هذه المنطقة الواقعة تحت سفح جبل «خشم الكلب» لا يزالون تحت وطأة الفقر والجهل والأمية وليست لهم موارد رزق قارّة بل يعيشون على تربية بعض الماشية التي ما إن يحل فصل الشتاء القاسي حتى يهلك معظمها في ظل ندرة الأعلاف وارتفاع أسعارها وضعف المقدرة الشرائية للأهالي الذين ظلوا على مدى الزّمن تحت كلاكل الفقر الممنهج ولا يرفع عنهم غبار الحاجة سوى موسم تقليع الحلفاء بيد أن زهادة ثمن الحلفاء الذي لا يتجاوز العشرة دنانير ل 100 كلغ– لا يستطيعون من خلاله أن يحقّقوا أدنى سبيل للعيش الكريم ممّا جعل العديد منهم ينزح إلى المدينة بحثا عن الاستقرار وفرص الشغل المنعدمة ممّا خلق مشاكل أخرى... يصعب حلّها. لذلك فإن أهم ما ينتظره أهالي منطقة الوشواشة ويمنّون به الأنفس هو تمتيعهم بالنّور الكهربائي وحفر بئر عميقة واحدة لا أكثر حتى يعاد توطين عشرات العائلات النّازحة إلى المدينة بمنطقتهم والاشتغال بالفلاحة خاصّة وأن الأراضي هناك خصبة وصالحة لكل الزراعات على اختلاف أنواعها، إنّهم لا يطلبون مستحيلا ولا يستجدون أحدا بل يطالبون بحقّهم المشروع قانونا في التّنمية العادلة فجل المناطق المحاذية والمتاخمة تحقّقت أمانيهم السّهلة والبسيطة فأصبحت لهم طرقات ريفية مهيأة وآبار عميقة ومناطق سقوية كبرى درّت عليهم الثروات. .. إنّ أهالي منطقة الوشواشة يطالبون السّلطات الجهوية بتهيئة الطّرق والمسالك ويريدون تعبيدها كما يطالبون بالإنارة فلا يعقل أن يظلّ تونسيون في زمن ما بعد الثورة وفي عهد الجمهورية الثانية يستعملون « القازة»، «والفتيلة» للإنارة ليلا، ويطالبون أيضا بمدّهم بالماء الصالح للشراب حتّى يضمن لهم الاستقرار. إذ كيف نريد منهم الاستقرار بأراضيهم وسبل العيش معدومة تماما. لذلك فإن مطالب أهالي منطقة الوشواشة مشروعة ومستحقّة فهل من مجيب لاستغاثاتهم ونداءاتهم؟