جاءت النيابة الخصوصية بمثابة الحل القانوني لمأزق البلدية ما بعد حل المجالس البلدية التي ولغت من اناء الفساد الى حد التخمة. وكان ينتظر ان تكون النيابة الخصوصية طوق نجاة للمناطق البلدية من اجل ان تمسح عن المواطنين ما لحقهم من تقاعس المجالس البلدية المنحلة. خاصة وان النيابات الخصوية هي في الأصل طوعية ويتم تعيينها بالتوافق من اجل السهر على راحة المواطنين في المدن والمحافظة على توفير الخدمات البلدية. كان ذلك هو الحلم المنتظر تحقيقه بعد الثورة وبعد اكثر من عام ونصف من عمل النيابات الخصوصية يبدو ان التجربة جانبت النجاح وقاربت الفشل. ولم تتكرس اهداف الثورة ولم تنفذ عقلية العمل التطوعي وخدمة المصلحة العامة دون انتظار الجزاء والشكور. في القيروان تم تنصيب النيابة الخصوصية بعد انتهاء المدة النيابية للقائمة التي تم تعيينها بعد مناورات ومنافسات وصراعات واتهامات وتخوين. وقد اصر البعض على البقاء بينما خير البعض الآخر انهاء مهامه لكن بعد ان كسب مصالح وحقق مغانم. فهذا عضو بجمعية اصبح ذا سطوة وجاه. وهذا برز بنفسه ليترشح في الانتخابات وهكذا اقنع أحزابا باستقطابه ليواصل في القائمة الجديدة وحدث ولا حرج عن عضو النيابة الخصوصية الذي استغل موقعا ليفتح قاعة العاب ويوزع بداخلها المشروبات الساخنة والباردة تماما كما كان يفعل بعض أعضاء المجالس البلدية السابقة.
النيابة الخصوصية في السبيخة مثلت الاستثناء في ظل توفر نيابتين خصوصيتين تتمسك كل منها بحقها في العمل والوجود وتدفع كل قائمة منها اطرافا سياسية الى التمسك بالموقع كانه مغنم.
المتطوعون للعمل البلدي، قدموا انفسهم عن طواعية ليعرضوا خدماتهم وخبراتهم وبالتالي فان مسؤولياتهم اكبر. وعليهم ان يكونوا في مستوى انتظارات من زكاهم ونوبهم. وان يبتعدوا عن منطق الغنيمة وعقلية الانتهازية وربح السمعة والحصول على مقاسم عقارية وكسب العلاقات والحصول على «نصبة» او «كشك» فوضويين او الحصول على مكان في السوق البلدي وبيعه لاحقا في السوق السوداء او الحصول على صفقة سوق اسبوعي او محطة سيارة اجرة...نريد ان نرى نواب البلدية على الميدان يرفعون الفضلات ويخططون لصالح المجموعة من اجل تحسين خدمات البلدية والمساعدة على تسيير شؤون البلاد. وفي المقابل فان المواطن مطالب بدعم المتطوعين الساهرين على راحته، فان راى منهم خيرا سمع وأطاع وان رأى منهم زيغا ورغبة في الغنيمة تدخل ليسوي اعواجاجهم.
وعلى السادة المسؤولين من معتمدين وولاة وحكومة ان يقدموا للنيابات الخصوصية ما تحتاجه من معدات وان تساعد على انجاح البرامج الطموحة التي تخدم المصلحة العامة. اما المصالح والدوائر البلدية فعليها ان تكون عضدا قويا وسندا خصوصا في كشف ملفات الفساد السابقة وان لا «تضع العصا في العجلة». العمل البلدي والنيابات الخصوصية لن تنجح ولن تكسب ثقة المواطن المجروح، سوى اذا اقتنعت ان العمل البلدي هو عمل تطوعي وليس غنيمة.