لو كنت مكان المنصف المؤقت لذهبت الى «وقاعة» اختصاصها إزالة التابعة! فالدنيا «عاكسة» لهذا الدكتور المختص في الأعصاب، والتوفيق لا يحالف أي حركة يقوم بها، والفلاح لا يعرف إليه سبيلا. فحتى ذلك الوفد من «حكماء» برّ الهمامة أو سيدي بوزيد، الذين زاره في ما كان يسمّى بقصر قرطاج لم يثر الا استياء الأهالي، بل واعتبروا اللقاء مع المرزوقي ممنهجا تم تحت اشراف الوالي الذي يطالبون بإقالته، وبتنسيق مع حركة النهضة التي أصبح حرق مقراتها في تلك الربوع مثل اشعال كانون لبرّاد تاي.
قصّة المرزوقي مع السلطة مثل قصّة الصيّاد المنكود الحظ التي قرأناها ونحن أحداث في الابتدائي، وخلاصتها أن صيادا حام يوما كاملا بحثا عن حمامة أو حجلة أو أرنب وأنه لما عجز عن صيدها أتى بأرنب وعلّقها بخيط على شجرة ثم تراجع وراءا بغاية اطلاق النار عليها، فإذا بالنار تصيب الخيط وإذا بالأرنب تنجو! وباستقباله للوفد «البوزيدي» خسر المرزوقي أمرين: الأول ثقة أهالي بوزيد الثاني ثقة حليفته النهضة.
فالرجل في هذه المسألة يزايد ويبحث كعادته عن تميّز على حساب الحليف، وهو الفعل السياسي الوحيد الذي أصبح قادرا على ممارسته رغم أن فيه حتفه (السياسي طبعل).
ولعلّه في ذلك «غلطوه» فإستبيانات الرأي التي تقوم بها شركات متحيّلة مع جمهور أبله، مازالت تضع المرزوقي في الصدارة، ومازالت تبيعه الوهم تلو الآخر! يتميّز المرزوقي بخصال كثيرة، حب السلطة حبا جما، وعشق الذات، والقدرة على جلب العداوات، وكثرة الزلات، والمقدرة على التفريق بين الناس. فحزبه تهشّم، وتحالفه خُرّب، وعلاقته مع المعارضة منتهية إلّا من بعض زوّار الليل الذين إمّا يأتي بهم الفضول أو يجيء بهم الأكل وتوابعه خصوصا بعد أن أظهر للعموم حتى طبّاخه المؤقت الخاص!
بأي شيء عاد وفد بر الهمامة من رئيس لاصلاحية له؟ طبعا بخفيّ حنين مع لعنات الأهالي الذين أدركوا أن رسالة المرزوقي الانتخابية مفضوحة، وأنه ليس لديه من حلّ غير أن يقلّد أهالي بوزيد المهاتما غاندي في صبره وزهده والمرازيق في تربية الماعز. فيعتمد كل بوزيدي على «معزة» كما المهاتما يشرب حليبها ويدفأ ببعرورها!