انطلقت بالمنطقة السقوية بجهة جندوبة عملية الزراعات الشتوية وفي مقدمتها منتوج البطاطا والجلبان والأعلاف ورغم الانطلاقة الموفقة فإن هاجس الخوف مازال يسيطر على عديد الفلاحين وهو خوف بالأساس من العوامل المناخية وكذلك غياب الدعم. رغم ما مر به الفلاح خلال الموسم الفلاحي المنقضي من هزات كبدته خسائر بالغة فإنه لم يرم المنديل وانطلق بكل ثبات في موسم الزراعات الشتوية ضاربا بذلك مثلا في التحدي مؤكدا بالمناسبة أن النشاط الفلاحي جبل عليه ولا تنازل عنه كلفه الأمر ما كلفه .
فالفلاح وبعزيمة كبيرة دخل غمار التحدي وانطلق بزراعات شتوية متنوعة وقد فاقت نسبة التقدم في الزراعات 70 بالمائة وقد أكد عدد من الفلاحين ل«الشروق» أن ما يشغل بالهم ويقلقهم هو تكرر سيناريو الموسم الفارط وهو سيناريو الكوارث الطبيعية بعد أن أتت السيول الجارفة على أكثر من 4 آلاف هكتار من الزراعات ذهبت سدى فكانت الخسائر كبيرة وقد زاد هاجس هذا الخوف العوامل المناخية الحالية والتي تنبئ حسب التجربة بموسم شتاء قاس وكثير الأمطار وختم الفلاحون على التأكيد على أن العبرة من فيضانات سيول الموسم الفارط على جهات «العيثة سوق السبت لبير لخضر الجريف» لم تأخذ منها العبرة ولم يتم التدخل للسيطرة على السيول وذلك جراء غياب مشروع حفر مجرى لمياه السيول الجبلية التي تصب في المناطق السقوية ويمكن هذا الخندق من السيطرة على المياه المتدفقة وتحويل وجهتها نحو الوديان الكبيرة والسدود القريبة وهو مطلب نادى به الفلاحون في كل موسم وكانت الوعود تتهافت عليهم الموسم تلو الآخر دون تطبيق وهنا أكد الفلاحون على ضرورة حسم وزارة الفلاحة في هذا التدخل لا يستريح الجميع من هذا الهاجس المخيف .
بالإضافة للتخوف من العوامل المناخية وهذه في النهاية مسألة مرتبطة بمشيئة الرحمان في المقام الأول فإن الفلاحين أكدوا على ما تمثله المسالك الفلاحية شتاء من مشكل للفلاح حين تصبح كتلا من الأوحال وبركا من المياه مما يعطل عملية نقل المنتوج وكذلك جلب الأسمدة والأدوية وهذه معضلة أخرى تتطلب التدخل لتهيئة المسالك الفلاحية بما يسهل النشاط ويحد من الصعوبات التي تقف بالمرصاد في وجه الفلاح .
وبرغم كل هذا الزخم من الصعوبات التي تنكسر على صخرة الأمل التي انطلق بها الفلاح موسمه فإن هاجس الرزنامة المتعلقة بالري خاصة خلال هذه الأيام من شهر أوت تبقى هاجسا كبيرا ناهيك أن الزراعات الشتوية تحتاج في هذه الفترة بالذات لكمية هامة من المياه وفق توزيع منتظم وقد يكون القطع للمياه إن حصل طامة كبرى لذا يطالب الفلاحون بضرورة احترام الرزنامة وتمكين الحقول من الكميات الكافية والمنتظمة لتنمو المزروعات ويكون الموسم في مستوى التطلعات .
وتأتي كل هذه الصعوبات في ظل شبه غياب لتدخل مصالح الفلاحة ودعم الفلاح حيث يبقى الدعم المادي والمعنوي متواضعا ولا يرقى لمستوى تطلعات الفلاح وهو ما زاد في حجم المديونية وجعل أسعار البذور والمشاتل والأدوية والأسمدة ترتفع دون هوادة دون تدخل من وزارة الفلاحة لترشيد هذه الأسعار لتكون في تمشى ومعادلة مع المداخيل التي تبقى متواضعة مقارنة بالمصاريف التي يتكبدها الفلاح على مدار الموسم .