«النهضة» باقية في السلطة لسنوات أخرى طويلة... لا بديل عن «النهضة» في المرحلة الحالية وبقاؤها في الحكم يضمن الاستقرار لتونس... تصريحات تكررت في الأيام الاخيرة صادرة عن قيادات بارزة في الحركة... ما هي دلالاتها وهل تمثل خطرا على الديمقراطية؟ رئيس حركة «النهضة» راشد الغنوشي قال في حوار إذاعي قبل أيام إنّ «النهضة باقية لسنوات مديدة فلا بديل عنها لأنها العمود الفقري للسياسة في تونس اليوم» وأضاف الغنوشي أنّ «أغلبية الشعب تؤيد حركة النهضة لأنها الأقرب لها ونحن نعلم انه ليس هنالك بديل للحركة حاليا».
أمل... أم ثقة؟
وبخصوص تشبيه النهضة بالتجمع الجديد قال الغنوشي إن هذا الكلام من قبيل الإيهام والمغالطة للشعب فالتجمع كان ضعيفا ولم يقبل المنافسة السياسية وهو أمر تختلف معه فيه النهضة».
وأشار الغنوشي إلى انه يؤيد تصريحات وزير الخارجية رفيق عبدالسلام بخصوص بقاء النهضة في السلطة لسنوات طويلة موضحا ان بقاء النهضة سيكون ناتجا عن تأييد شعبي بانتخابات نزيهة وليس نتيجة تزوير، ومبيّنا أنّ كلام عبد السلام إنما هو من قبيل الأمل لا الخبر .. «فهو يأمل في بقاء الحكومة طيلة سنوات وأنا أوافقه هذا الأمل مادام الشعب التونسي راضيا عن سياسة النهضة».
وكان عبد السلام القيادي في حركة النهضة ووزير الشؤون الخارجية صرح بأن «الحكومة الحالية التي تستمد شرعيتها من الارادة الشعبية ستستمر في الحكم لسنوات طويلة قادمة» معربا عن يقينه في أن الشعب التونسي «سيفوض حزب حركة النهضة للحكم من خلال انتخابات حرة ونزيهة» حسب تعبيره. ورأى الغنوشي أن «الديمقراطية لا تتناقض مع وجود حزب واحد قوي حاكم».
وفي المقابل قال عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة العجمي الوريمي إن انعدام التوازن في المشهد السياسي في البلاد يهدّد الديمقراطية . وأكّد الوريمى أن انقسام المعارضة وغياب حزب قوي قادر على إحداث التوازن في المشهد السياسي يعطي الانطباع بأن حركة النهضة تسعى إلى التغوّل والانفراد بالحكم مشيرا إلى أن ذلك عار من الصحّة.
اتهامات ومخاوف
وتتعرض حركة «النهضة» لموجة من الانتقادات والاتهامات بالسعي إلى التغول والسيطرة على المشهد السياسي والاستئثار به لسنوات قادمة. وقال أمين عام الحزب الاشتراكي اليساري محمد الكيلاني إنّ حركة «النهضة» لن تترك السلطة «قبل أن يشيب الغراب» في إشارة إلى إحكام سيطرتها على مفاصل الدولة واستعدادها للبقاء في السلطة لمدة طويلة.
وذهب المفكر محمد الطالبي إلى وصف «النهضة» بالحركة السلفية التي لا تؤمن بالديمقراطية. كما انتقد يوسف الصدّيق المفكّر والكاتب التونسي حركة «النّهضة» واتّهمها بمحاولة الاستيلاء على وسائل الإعلام، واستنكر التعيينات الأخيرة في قطاع الإعلام. واعتبر الصدّيق أنّ نموذج الانسجام في المجتمع التّونسي مهدّد بطريقة مباشرة وأنّ حركة النّهضة تريد أن تبقى في الحكم ولا تريد التناوب على السّلطة. وقال الصديق إنّ «حركة النّهضة حجبت الباب عن كل أفق للدّيمقراطيّة وهذا ما نلاحظه صلب المجلس الوطني التأسيسي من خلال إضعاف التكتّل والمؤتمر من أجل الجمهوريّة بطريقة مجحفة فكلّ القرارات تؤخذ دون مشاورتهم وفي بعض الأحيان تكون ضدّ أرائهم.» حسب قوله.
وتبدي المعارضة تحفظات على عدة خطوات اتخذتها الحكومة وخصوصا بشأن التعيينات على مستوى الولايات والمعتمديات والمؤسسات الكبرى في الدولة معتبرة أنّ الحركة تعمل بذلك على بث نفوذها وبسط سيطرتها على الساحة السياسية والإعلامية والتغلغل في المجتمع، كما تتعرض الحركة إلى اتهامات بالخلط بين الحزب والدولة.
الدلالات والمخاطر
واعتبر الناشط والمحلل السياسي محمد القوماني أن تصريح طرف سياسي في الحكم بأنه سيبقى في السلطة مدة طويلة يندرج في إطار رفع معنويات القاعدة الداخلية لأنصاره والتأثير النفسي على خصومه بالتأكيد على انه في وضعية مريحة وبالتالي فإن هذه التصريحات عادية.
وأوضح القوماني أن «النهضة» وهي تصرح بهذا إنما تشعر بالتهديد الحقيقي لوجودها في الحكم لأن هناك في المقابل تصريحات وشعارات واحيانا أعمالا تدل على أن جهات عديدة وضعت في صدارة أجندتها العمل على إزاحة «النهضة» من الحكم في أقرب وقت، وهذا يجعل النهضويين يعملون تحت هذا الضغط».
وتابع القوماني قوله «ما ينبغي أن نتفق عليه أن الثورة التي حصلت وغيرت وجه تونس وتاريخها متعددة الدوافع والأهداف لكن لا بد أن نرى ما هي البوابة والاولوية القصوى التي تكون مدخلا إلى تحقيق كل أهداف الثورة» مضيفا «ما أراه شخصيا أن الديمقراطية والانتخابات الحرة هي أهم مكسب فعن طريق هذه الانتخابات وصلت «النهضة» إلى الحكم وعبر الشعب عن رأيه، وبالتالي يمكن أن يبقى الشعب صاحب الكلمة الفصل وبإمكانه أن يعاقب من خلال التصويت... فإذا اتفقنا على هذه القاعدة وتشبثنا بالانتخابات الحرة والتعددية والشفافة أرى أن النهضة قادرة على ابقاء في الحكم في المرحلة القادمة، ولا يزعجني ذلك».
وأكّد القوماني أنّ «المشكل يكمن في أن تفكر «النهضة» وهي في السلطة في الانقلاب على الانتخابات وأن يفكر خصومها في إزاحتها عبر طريق غير طريق الانتخابات».
ورأى القوماني أن «ما يشجع النهضة على شعورها بنوع من الاطمئنان أو الإعجاب بالذات هو وضع خصومها فما تراه الحركة من انقسام في صفوف المعارضين والمنافسين يشجعها على أن تقول إنها ستستمر، ويمكن القول إن الكرة اليوم في شباك من هم خارج الحكم ومن هم مختلفون من النهضة هل هم قادرون على تكوين قوة بديلة؟».