مازالت المنطقة السقوية بولاية جندوبة رغم أهميتها من ناحية المساحة والإنتاج تعيش أوضاعا صعبة أثرت على عطاء الفلاح وجعلته يطلق صرخة استغاثة ربما تخلصه من المشاكل التي جثمت على القلوب لسنوات لعل أهم هذه المشاكل نقص مياه الري والمديونية. مع انطلاق الزراعات الشتوية طفت على الساحة معضلة انعكست سلبا على النشاط وجعلت الكثيرين من الفلاحين يحجمون عن الزراعة خوفا من تواصل مشاكل مياه الري وانقطاعها المتكرر وكذلك تراكم المديونية التي بقي الكثيرون عاجزين عن تسديدها رغم تسهيلات الدفع.
«الشروق» التقت عددا من الفلاحين لتعرف المشاكل والصعوبات التي تعترضهم وجعلت الكثيرين يمتنعون عن نشاط الزراعات الشتوية رغم كونهم اقتنوا بذور البطاطا والأسمدة والأدوية.
يعتبر الهادي مرعي (فلاح بالمنطقة السقوية سوق السبت) أن ما جعل الفلاح لا يقبل بحماس على الزراعات الشتوية هو عدم انتظام توزيع مياه الري التي تظهر ليوم وتغيب لثلاثة أو أربعة أيام وهو ما يسبب تلف البطاطا وغيرها من المزروعات التي تتطلب كميات كبيرة من المياه وبشكل منتظم خاصة أن موعد زراعتها يتزامن مع ارتفاع درجات حرارة شهر أوت.وهنا لا بد من مراجعة مسألة الرزنامة المتعلقة بالري لأنه من الوهم أن تطبق والجهة تزخر بمياه كثيرة تدعمت من خلال الموسم الفارط حتى أن السدود مازالت ملأى إلى اليوم.
من جهته يرى خيرالدين عمارة (فلاح سوق السبت) أن الزراعات الحالية يعيقها العمل بالرزنامة خاصة أمام تواصل العمل بيوم على ثلاثة للري وهو ما لا يتماشى وحاجة المزروعات للمياه والتي يذهب أكثرها سدى وضياعا بسبب القنوات القديمة والمتهرئة والتي من الأولى مراجعتها قبل التفكير في تسليط رزنامة جائرة, يأتي كل هذا في ظل التهديدات المتواصلة بقطع المياه نتيجة عدم تسديد معاليم الاستهلاك القديمة (30 بالمائة من أصل الدين) وهو في الحقيقة إجراء لا يتماشى ووضع فلاحي الجهة الذين تكبدوا كارثتين في فصل واحد ذلك أن الفيضانات غزت الحقول في أكتوبر 2011 وأفريل 2012 وكانت الخسائر فادحة للجميع وقد كان بالإمكان وكوقفة تضامنية ومساعدة للفلاحين المتضررين إعفاؤهم من الدين.
كما اكد مصطفى بن الحاج أحمد (فلاح بالعيثة) أن تأثير نقص المياه انعكس على الأرض التي تشققت وسبب أيضا تسوس المزروعات وهو ما يؤذن برمي الفلاح للمنديل خاصة بعدما أنهكته كثرة المصاريف من بذور (طن البطاطا 1400د) وأسمدة وأدوية ويد عاملة ونفقات النقل وهي مصاريف طائلة في ظل محدودية الدخل والضغط المتواصل من طرف الدولة لتسديد الديون والتي لا يجد القادر عليها مكانا لتسديدها فالجمعيات مغلقة ومندوبية الفلاحة لا تتكفل بذلك فكيف السبيل؟
أما رضا عيادي (فلاح العيثة) فقد اشار الى أن حالة الإحباط التي أصابت الفلاح جراء تراكم مشكل مياه الري غير المنتظمة والمديونية التي تجثم على القلوب أخر عملية الزراعة رغم اقتنائنا البذور وبأثمان خيالية وهي الآن عرضة للتسوس في انتظار حل لمسألة الماء الذي لا يشجع أصلا على النشاط لذا يجب التنصل نهائيا من سياسة قطع الماء وتركه بصفة مسترسلة حتى لا تتأثر الزراعات بذلك والفلاح قادر على ترشيد استهلاكه ثم لا بد من الابتعاد عن سياسة التهديد بقطع المياه نتيجة عدم تسديد الديون فاتركوا الفلاح يعمل في أريحية لموسم أو موسمين وبعد ذلك تأتي المحاسبة لأنه من الظلم أن يكبل بمثل هذه القيود.
ان موضوع الزراعات السقوية يتطلب تدخلا ناجعا من طرف وزارة الفلاحة لوضع حد لهذا الهاجس حتى يعود الأمل إلى الفلاح في الإقبال على الزراعة حتى لا يؤدي الوضع إلى مقاطعة الزراعات ونضطر بذلك إلى توريد حاجياتنا من المنتوجات الفلاحية التي هي في النهاية إحدى مميزات الجهة عامة والبلاد خاصة.