خرجت نقابة وحدات التدخل والحرس من صمتها حيال ما حدث عشية أمس الأول في مبنى السفارة الأمريكية من تخريب ونهب وحرق وقتل.. لتتوجه بأصابع الاتهام إلى وزارة الداخلية وتحدث بيان النقابة عن ما أسماه «فشل الخطة الأمنية». بعض المصادر الأمنية ذهبت أبعد من هذا الوصف في تفسير ما حدث، وحسب ما رشح من معطيات فإن عدم تحرّك الأجهزة الأمنية بالمستوى المطلوب للحيلولة دون وصول جحافل المحتجين إلى مقر السفارة الأمريكية ليقع ما وقع من مواجهات عنيفة أدت إلى حدّ ليلة أمس إلى وفاة أربعة أشخاص من المحتجين ثلاثة منهم بإطلاقات نارية والرابع دهسا تحت عجلات المدرعات الخفيفة.. يطرح أكثر من سؤال.
الأخطاء
وتحدثت مصادر أخرى عن أخطاء أمنية فادحة ارتكبت أمس الأول فالمحيط الخلفي لمبنى السفارة الأمريكية كان تقريبا بلا حراسة أمنية وهو ما أتاح الفرصة لعدد كبير من المحتجين تسلّق الجدران الخلفية والجانبية واقتحام مبنى السفارة وإضرام النار في بعض السيارات والمعدات التابعة للسفارة.
أخطاء أخرى ارتكبت أثناء المواجهات فلا أحد يدري كيف غاب عن قوات الأمن الداخلي والجيش تأمين المؤسسة التعليمية الأمريكية المحاذية للسفارة ونهبها بالكامل وسرقة ما فيها من حواسيب وشاشات وآلات موسيقى خلال مدة زمنية تزيد عن الساعة.
أسئلة أخرى يسوقها بعض العارفين بالشأن الأمني تلامس أداء المؤسسة الأمنية في الصميم فمشاهد الآلاف على الناس الذين كانوا يحثون الخطى سيرا على الأقدام من مسجد الفتح بشارع الحرية بعد صلاة الجمعة في اتجاه ضفاف البحيرة كانت تنقلها بعض وسائل الإعلام ومقاطع الفيديو المنشورة على صفحات ال«فايس بوك» وكان واضحا أن من كانوا في هذه الجحافل البشرية لم يكونوا جميعا من السلفيين فقط بل التحق بهم عدد كبير من المنحرفين وذوي السوابق العدلية جاؤوا من أقاصي العاصمة «طمعا في غنيمة».
ولم يكن من الصعب على الأجهزة الأمنية المتمرسة بمثل هذه المواجهات أن تتبين خيوط ما كان يُحاك من تدبير للركوب على مسيرة نصرة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام والتنديد السلمي بالفيلم المسيء لشخصه وللإسلام.
مسؤولية من؟
ثمة بعض الجمل المهمة في بيان نقابة وحدات التدخل والحرس يجدر الوقوف عندها لعل أهمها المطالبة «بمتابعة قضايا الموقوفين في مسيرة أمس الأول والمعتدين على رجال الأمن والتصدي لأي مساع لإطلاق سراحهم وإفلاتهم من العقاب». وهذا يعني أن السفارة الأمريكية المجهزة بأحدث معدات وتقنيات الرقابة بواسطة عيون الكاميرا المثبتة في كل ركن فيها سجلت كل ما حدث وصور المعتدين على السفارة ومن ارتكبوا التخريب ونهبوا واستولوا على المعدات بواسطة تجهيزات أتوا محمّلين بها.
بعض من واكبوا الاجتماع الرسمي في رئاسة الجمهورية عشية أمس والذي ضم رئيس الجمهورية المؤقت ورئيس الحكومة ووزراء الداخلية والعدل والدفاع والخارجية لاحظوا أن السيد علي لعريض وزير الداخلية قدم إلى الاجتماع حاملا حقيبة «سامسونايت» محشوة بالصور ومقاطع الفيديو لما حدث في مبنى السفارة.
لا شك أن الأربع وعشرين ساعة الماضية كانت كافية جدا لتجميع وتوثيق كل المعطيات الأمنية حول ما حدث لتحديد المسؤوليات وأسباب ما وصفه البعض «بالإخفاق الأمني» في تجنيب البلاد سقوط قتلى وجرحى وما لحق السفارة الأمريكية من تخريب ونهب.