عرفت مدينة باجة يوم الخميس الماضي نزول كمّيات مهمة من الأمطار سرعان ما أغرقت شوارعها وأنهجها في بحيرة من المياه وعطّلت حركة مرور المواطنين والعربات وأكّدت حقيقة مرّة ألا وهي هشاشة البنية التحتية للمدينة . تواصل نزول الأمطار الغزيرة قرابة السّاعتين عجّل بتدفّق المياه من أعالي المدينة والتي جرفت في طريقها كلّ شيء وقد غمرت المياه الشّارع الرّئيسي الّذي يشقّ المدينة كما عرفت شوارع أخرى نفس المصير ولكن بأكثر حدّة خاصّة شارع 18 جانفي والأنهج المتفرّعة عنه والّذي أصبح يمثّل خطرا متزايدا على السكّان وأصحاب السيّارات عند نزول الأمطار وكذلك شارع الطاهر الحداد المؤدّي إلى المنطقة الصّناعيّة بالمدينة دون أن ننسى أحياء المدينة التي تضرّرت أكثر من مرّة من وقع نزولها .
وقد تعالت أصوات استغاثة المواطنين في كلّ مرّة طالبة النّجدة لدرء خطر سيول المياه التي تهدّد حياتهم وممتلكاتهم وأرزاقهم وهم يتذكّرون تلك الحادثة التي ذهب ضحيّتها أمّ وابنتها حين جرفتها المياه وألقت بهما في شعاب حيّ صالح المغراوي المفتوحة ليتمّ انتشالهما جثتين هامدتين بعد يومين كاملين من البحث .
أصبح المحوّل المنجز بمدخل المدينة محلّ سخط سكّان المدينة والسوّاق وهوالّذي يلعب اليوم دورين في غاية السّلبيّة فمن جهة عطّل انسياب حركة المرور ومن جهة أخرى يتحوّل زمن نزول الأمطار إلى سدّ حقيقيّ لتجميع المياه المنحدرة فيرتفع فيه مستوى المياه لتغرق السيّارات فتضطرّ مصالح التّطهير أوالبلديّة لإحداث ثقوب بالجدار الّذي يعزل السكّة الحديديّة وذلك لتصريف المياه وتجنيب المدينة كارثة حقيقيّة وقد وقفنا على هذه الحقائق أكثر من مرّة .
ثمّ إنّ وجود 15 نقطة سوداء بالمدينة في ما يتعلّق بتكدّس الفضلات ودون الحديث عن بقيّة النّقاط الأخرى ورغم تحسّن تواتر رفعها في الآونة الأخيرة إلاّ أنّها مثّلت عند نزول الأمطار سببا في انسداد قنوات تصريف المياه لتزيد في معاناة الجميع وهو ما يهدّد فعلا بمزيد تدهور الوضع البيئي بالمدينة والّذي لم يعد يحتمل المزيد .
قبل بداية موسم الأمطار تقوم مصالح ديوان التّطهير وبلدية باجة بتفقّد وصيانة شبكة التطهير وقنوات تصريف المياه إلاّ أنّ الأمر لم يعد كذلك خلال هذه السّنة حيث لم نشاهد أشغالا مماثلة باتّجاه التوقّي من خطر الفيضانات وبقيت تلك القنوات مغلقة أمام المياه كما إن تنامي حضائر البناء بنوعيه المرخّص فيه والفوضوي شكّل مع نزول هذه الأمطار معضلة كبيرة حيث جرفت المياه أكداس الرّمل والحجارة التي استقرّت بأكثر من شارع ونهج ليكون مآلها قنوات تصريف المياه دون أن يدرك المواطن فداحة الخطإ الذي قام به حين وضعها في مواجهة السّيول وهو الّذي تعب كثيرا من أجل توفير ثمنها .
تعدّد الفيضانات بالمدينة في كلّ مرّة وهي التي تقبع على سفح جبل يتطلّب التسريع بايجاد حلول جذريّة لهذا الوضع وبالإسراع بتجاوز الصّعوبات التي تعترض تنفيذ البرامج الموجهة لحماية المدينة من الفيضانات ذلك أنّه يوجد عدّة مشاريع لم تنطلق بعد في هذا الصدد ويتعلق الأمر بمشروع تهذيب شبكة سيلان المياه بالمدينة وهو يقدّر بمليون دينار وينتظر أن يتمّ إعداد ملف طلب العروض من طرف مكتب الدراسات كما يوجد مشروع ثان يخصّ تهذيب قناة « بوزقدم» التي تمّ إنشاؤها زمن الاستعمار الفرنسي والتي كانت قبل إنجاز المحوّل تساهم بصورة فعّالة في تصريف مياه الأمطار وتقدّر تكلفتها 1.5 مليون دينار غير أنّ إشكالا عقّاريا يخصّ إحدى قطعتي أرض التي ستخصّص لإنجاز حوضين لتجميع المياه حال إلى حدّ الآن دون انطلاق المشروع وتبقى الإشكاليات العقّارية بالولاية ككلّ من الأسباب الرّئيسيّة التي تحول دون إنجاز عدّة مشاريع ستحسّن حتما من ظروف عيش المواطنين وتقي المدينة خطر الفيضانات الّذي أصبح يرعب سكّانها .