بحضور أعضاء اللجنة الفنية الخامسة المشرفة على الحوار الوطني حول العدالة الانتقالية احتضن المركز الجهوي للتكوين المستمر فعاليات الحوار الجهوي الذي استقطب عددا كبيرا من المواطنين من عائلات الشهداء والمساجين السياسيين والمناضلين وممثلي الأحزاب السياسية والحقوقيين. الأستاذة «سارة خضر» رئيسة الجلسة قالت في كلمتها الافتتاحية إن مشروع قانون العدالة الانتقالية الذي سنساهم في إعداده معا سيكون جسرا للعبور والمرور من مخلفات ماض أليم إلى مستقبل أفضل. الأستاذة قالت كيف ستكشف الحقائق وكيف نعوض للضحايا ونرد لهم الاعتبار ومن أين نبدأ كلها أسئلة مصيرية لا نملك لها إجابات جاهزة بل سنبحث لها مع بعضنا في هذا الحوار عن إجابات مقنعة نؤسس بفضلها ملامح مشروع عدالة انتقالية تشاركية ذات خصوصية تونسية . وبدوره قال الأستاذ «عادل السبوعي» المنسق الجهوي للجنة لقد جئنا اليوم لنسمع كلامكم ونرفع رؤاكم ومقترحاتكم بكل أمانة . الفترة الصباحية وعلى مرحلتين شهدت ضغطا كبيرا على طلب التدخل وتم تسجيل خمسين طلبا استجابت اللجنة لها جميعا مشيرة بكل لطف إلى ضرورة التقيد بحدود الحوار حتى يتمكن كل من طلب التدخل من ابداء رأيه، وقد شهدت القاعة بعض المواقف المؤثرة عند وصول والدة الشهيد كمال المطماطي وعند تدخل بعض المناضلين الشيوخ. وكانت أهم المقترحات والأفكار التي جاءت في التدخلات تطلب تحديد مجالات العدالة الانتقالية وفق نظرة شمولية ترصد الفئات والجهات التي تهمشت وسلطت عليها المظالم كما تطالب بأن يكون الجهاز المشرف على العدالة الانتقالية مستقلا بأتم معنى الكلمة وأن نسرع في المرور إلى مراحل التنفيذ لإنقاذ بعض العائلات التي تعاني الخصاصة والبؤس. بعض التدخلات الأخرى أشارت إلى ضرورة تفعيل مرسوم العفو التشريعي العام وإصلاح المنظومة القضائية والأمنية والإعلامية وتطهيرها من رموز الفساد اعتماد قانون لين وصلب في آن واحد حتى لا يفلت أحد من المحاسبة ولا نقع في داء التشفي والانتقام. أحدهم طالب الإعلام بضرورة القيام بدوره كاملا وكشف حقائق المظالم عبر توثيق عمليات التعذيب ومكاشفة الرأي العام .أما عن التاريخ الذي سيعتمد في المحاسبة فقد اختلفت حوله الآراء بين من يقترح سنة 1956 ومن يقترح تواريخ أخرى بعده. بعض الحقوقيين ركزوا على ضرورة إخراج ملف العدالة الانتقالية من إشراف الحكومة وإسنادها إلى لجنة مستقلة تفوز بالتوافق والكفاءة وتعمل وفق مقاييس دولية. ولابد من أن نشير إلى أن عديد التدخلات كانت حماسية ومتشنجة أحيانا ومؤثرة حينا آخر . هذا وقد شهدت الفترة المسائية تقسيم العمل على خمسة ورشات اهتمت بمحاور كشف الحقيقة وجبر الضرر والمحاسبة وضمانات عدم العود والمصالحة وقد تم على إثرها صياغة تقرير تضمن كل التوصيات التي تم الاتفاق في شأنها سيرفع إلى اللجنة الوطنية ليكون مساهمة ولاية قابس في إعداد قانون العدالة الانتقالية المنتظر والذي سيمثل نقلة نوعية للثورة التونسية من مرحلة الانتظار إلى طريق الحسم والمصالحة والاستقرار.