انتفضت أمس مدينة حمام الأنف على الأوضاع المعيشية الصعبة وغلاء الأسعار والبطالة فقد خرج شباب من بعض أحياء المدينة منذ الساعة الحادية عشرة صباحا ليعبروا عن غضبهم وسخطهم من تأزم الأوضاع وتفشي ظاهرة البطالة. هذا بالإضافة إلى احتجاجات سكان القصر الحسيني «دار الباي» الذين تم طردهم بالقوة العامة من المكان. بدأت شرارة العنف في حمام الأنف باصطدامات بين المحتجين من متساكني القصر الحسيني دار الباي مع أعوان الأمن حيث تم تهديدهم بتفجيرقوارير غاز في صورة تم اقتحام المكان واخلاؤه بالقوة وهذا ما استفز قوات الأمن لينفذوا قرار اخلاء المكان بالقوة العامة هذا بالإضافة إلى انتفاضة شباب الأحياء المجاورة لمحطة القطار كالملاسين والشعبية وبوقرنين وغيرهم الذين بدأو يرشقون قوات الأمن بالحجارة والقوارير البلورية وقطع من الأخشاب وأنهالوا عليهم بالشتم مما جعل رجال الأمن يردون باستعمال الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي.
«الشروق» انتقلت إلى حمام الأنف حيث وجدنا عددا كبيرا من شباب حي الملاسين قابعين في وسط الطريق الرئيسي وعن أسباب هذه التحركات الاحتجاجية قال كاتب عام لجنة حماية الثورة بحمام الأنف محمد السعداوي «لقد سئمنا الفقر والبطالة فشبابنا يعاني الكثير من المصاعب والسلط المعنية بالأمر لا تكترث فأصحاب المهن الصغرى أرادوا أن يتحصلوا على قروض فطردوهم شر طردة وأنا شخصيا متحصل على الأستاذية منذ 2006 وها أنا عاطل عن العمل وأغلقت جميع الأبواب أمامي وأمام شباب المنطقة، بل وعندما نحتج يعنفوننا ويطلقون علينا الرصاص».
وأضاف في هذا السياق بغضب وهو يصرخ «أين الوالي والمعتمد لقد وعدونا بإيجاد حلول جذرية لنا وتوفير مواطن شغل ولا حياة لمن تنادي باختصار أقوال لهم لن تمروا لقد خدعتونا» وهنا تدخل أحد المحتجين الملثمين وهو ماسك لقطع من الحجارة «لقد استغلونا في فترة الانتخابات ووعدونا بالتشغيل ولكن بعد أن فازوا بالكراسي أصبحوا يطرودوننا من مكاتبهم إن طلبنا حقنا في حياة كريمة وشغل محترم».
هتافات ملأت المكان وتعالت أصوات المحتجين منادية بالعدالة الاجتماعية والقضاء على ظاهرة البطالة مرددين شعارات «ولاد حمام الأنف بش يحتجو» و«يا حكومة يا جبانة التونسي لا يهان»
200 عائلة
يبلغ عدد سكان دار الباي قصر الحسيني حوالي 200 عائلة يتكونون من شيوخ وأرامل وأطفال ومعوقين وعاطلين عن العمل بعد الثورة تحديدا عادوا ليسكنوا بهذا القصر الأثري وأصبحوا يطلقون عليه في منطقة حمام الأنف «الوكالة» وقد حذرتهم سلطة الإشراف سابقا بضرورة إخلاء المكان بأمر قضائي وهذا ما رفضه المتساكنون وتمسكوا باحقيتهم في البقاء في هذا المكان وخاصة أن جلهم من الفئات الفقيرة والعاطلة عن العمل.
فور إبلاغ السكان بإخلاء المكان بدأت أعمال العنف في هذا المكان لتنتشر في الأحياء المجاورة له حيث قال أحد المحتجين «نحن أناس فقراء ومهمشون ونحن فئة من المجتمع من الدرجة الثالثة» وسنبقى غصبا عن الجميع حتى ولو متنا هنا ولتكن دار الباي قبورا لنا.
حرب عصابات
تحولت منطقة حمام الأنف إلى حرب عصابات بين الشباب المحتج وقوات الأمن الذين التحقت بهم سيارات لفرقة التدخل وعدد من أفراد الجيش الوطني حيث تم السيطرة لاحقا على الطريق الرئيسي وتم فتحه للسيارات والشاحنات لتمر رغم انه مليء بالحجارة والعجلات المطاطية المحروقة ولكن استطاع بعض رجال الأمن تنظيم حركة المرور التي تعطلت لساعات. ساعات مرّت لم تثن أبناء بعض أحياء حمام الأنف من التوقف عن أعمال شغب قاموا بها ليتحول المكان الى كرّ وفرّ بينهم وبين رجال الأمن الذين ردّوا على بعض أعمال التخريب بالغاز المسيل للدموع .
وقد أفادنا مصدر أمني ان عددا من الشباب المحتج هم من أصحاب السوابق وسيتم القبض عليهم لاحقا لأنهم معروفون بالاسم لدى مراكز الأمن.
عنف.. واختناقات
قال شهود عيان تواجدوا على عين المكان بحمام الانف ان حشودا غاضبة أشعلت النيران في بعض الأخشاب والأوراق اليابسة وعدد من القمامات لقطع الطريق أمام السيارات المارة وهذا ما أجبر عددا من سكان المنطقة للهروب او الاختباء لدى بعض الأجوار الذين يملكون أسطحا عالية خوفا من الاختناقات.
قوات الأمن حاولت إطفاء ما أحرقه بعض المحتجين الغاضبين وخاصة في وسط الطريق الرئيسي لحمام الأنف وهنا قال رئيس مركز المنطقة ل«الشروق» «لقد حاولنا إخراج سكان دار الباي بهدوء وعن طريق التحاور وخاصة أن هذا المكان الأثري ومن أملاك الدولة وللعلم هناك عدد من العائلات الذين تحصلوا على مساعدات مالية من قبل سلطة الاشراف لإخلاء المكان ولكن ما راعنا بعد الثورة إلا وعادوا محمّلين بأمتعتهم عائدين الي القصر الحسيني ليتحول هذا المكان الأثري الى وكر للدعارة والمتاجرة بأجساد البنات والسرقة والانحراف واستهلاك المخدرات.
وأضاف محدثنا أن الفوضى حلّت في دار الباي وهناك عديد المنحرفين الذين يتخذون من هذا المكان مخبأ لهم هذا بالاضافة إلى أصحاب السوابق الذين يختبئون في دار الباي وهنا تدخل أحد المسؤولين الأمنيين قائلا «كلما حاولنا التفاهم معهم إلا وزادوا عنادا وعنفا ومن حقنا أن نحمي المنشآت العمومية وقد طلب منا عدد كبير من مواطني حمام الأنف مساعدتهم لإيقاف هؤلاء المنحرفين الذين يسطون على المنازل المجاورة ويثيرون الرعب وينشرون الفوضى حيثما حلّوا ولكن هذه المرة لن نسمح لهم بذلك وسننفّذ قرار الاخلاء بلا خوف أو تردّد.