آلاف مواطن الشغل تلاشت بسبب إغلاق عديد المؤسسات الاقتصادية ما بعد 14 جانفي 2011 وحوالي 2600 رجل أعمال استثمروا في الجزائر هذا بالاضافة الى تحويل بعض الاستثمارات الى المغرب وعدد من دول أوروبا. وهذه مفارقة عجيبة في وقت تسعى فيه البلاد لاستقطاب مستثمرين أجانب. كما امتنع عدد من رجال الاقتصاد في العالم عن بعث مشاريع جديدة هنا نظرا للأوضاع الأمنية المضطربة في تونس. الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وجد نفسه أمام مأزق خطير بين مطرقة الحكومة وسندان رجال الأعمال الذين اتهموه بالتخاذل في معالجة ملفهم. وعن هذا قال هشام اللومي رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية «منظمة الأعراف لم تتخل عن رجال الأعمال بل بالعكس ساندتهم ودعت الحكومة للاسراع في فتح هذا الملف ودراسته حالة بحالة ورفع قرار حجر السفر عن عدد منهم لأن الاقتصاد الوطني يحتاج الى الجميع».
وأضاف اللومي في هذا السياق أن نظرة المجتمع لفئة من رجال الأعمال على أساس انهم «مستكرشون» و«ناهبو أموال» غير صحيحة وظالمة لمجموعة خدمت الاقتصاد الوطني وطوّرت الاستثمارات ووفّرت آلاف مواطن الشغل اذن لا يجب مكافأتهم بهذه الطريقة وعلى الحكومة أن تعيد رابط الثقة معهم خدمة لاقتصادنا.
آلاف مواطن الشغل
«آلاف من مواطن الشغل ذهبت أدراج الرياح بسبب اغلاق مئات المؤسسات الاقتصادية وحجر السفر عن عدد من رجال الأعمال وسجن البعض منهم» هكذا قال مسؤول بمنظمة الاعراف مضيفا: «ماذا سنجني من سجن رجال الأعمال سوى البطالة وتشريد العائلات وهدم المنظومة الاقتصادية الوطنية فنحن نحتاج لكل رجل أعمال ليستثمر في بلده ويساعد على بناء الحياة الاقتصادية وليس هدمها».
كما تطرق محدثنا الى سجن رجل الأعمال خالد القبي الذي انجر عنه خسارة 1200 موطن شغل قائلا «لو اعتمدت الدولة على مبدإ المصالحة واتفقت مع هذه الفئة من رجال الأعمال على بعث مشاريع اقتصادية وتوفير مواطن شغل وخاصة في الجهات عوض رميهم في السجون أو منعهم من السفر لأن هذا لا ينفع أحدا بل يضر الاقتصاد لا غيره وخاصة في ظل العزوف عن الاستثمارات بتونس من الأجانب. ارفعوا...
قال محافظ البنك المركزي الشاذلي العياري إنه يجب التعجيل بحل مشاكل رجال الأعمال والمستثمرين التونسيين الممنوعين من السفر أو الذين جمدت أموالهم وأصبحوا متخوفين من استثمار أموالهم وسحبوها من البنوك وأضحت خارج الدورة الاقتصادية مما ألحق مضرة كبرى بالاقتصاد الوطني وأضاف العياري ان عددا من رجال الأعمال اتصلوا به مطالبين بالتعجيل بمحاكمتهم أو تبرئتهم.
الشاذلي العياري محافظ البنك المركزي كان واضحا في طريقة طرحه لملف رجال الأعمال حيث دعا الحكومة صراحة الى ايجاد حل عملي لهذا الملف الذي أنهك الاقتصاد الوطني، فهل ستجد اقتراحاته صدى لدى حكومة الجبالي؟
تصريحات نارية
أعرب عدد من رجال الأعمال عن استنكارهم لتصريحات حمادي الجبالي رئيس الحكومة حين قال أن عددا منهم يخبئ أمواله في «المخادد والمضارب»، هذا الكلام اعتبره البعض اتهاما واضحا لهم بأنهم متورطون في قضايا فساد حيث قال أحدهم «أموالنا موجودة في البنوك وفي مؤسساتنا ولسنا عصابات لنضع تعبنا وشقائنا في «المخادد»». أضاف أحد رجال الاعمال أنه بسبب بعض تصريحات وزراء الحكومة أصبحنا نخاف حتى طرح مجرد فكرة الاستثمار خوفا من اتهامنا بأننا «نبيض أموالنا». هذا بالاضافة الى كثرة الاشاعات التي تحوم حولنا وآخرها اشاعة هروب رجل الأعمال الهادي الجيلاني الى المغرب مما تسبب في بلبلة له ولنا وأصبحنا جميعا متهمين بمحاولة الهروب، وكلما فتحت صفحات الفايسبوك وجدت اشاعات من هذا النوع.
تضارب في الأرقام
بعد 14 جانفي خرجت قائمة ب 460 رجل أعمال ممنوعين من السفر ثم تقلص العدد وأصبح لا يتجاوز 300، والآن حسب تصريحات وزير الشؤون الاقتصادية والاجتماعية أصبح العدد 60 فقط، وهنا نلاحظ تضاربا واضحا في الأرقام وعندما سألنا مصدرا من وزارة العدل أكد لنا أنه لا يوجد عدد واضح لرجال الأعمال الذين حجّر عنهم السفر لأن الملف يدرس حالة بحالة وكل واحد منهم له خصوصياته في القضية المرفوعة ضده.
وأضاف أن عددا من رجال الاعمال متهمون بالفساد المالي واستغلال النفوذ للكسب الغير شرعي وفئة أخرى متهمة بالتهرب من الضرائب، وجزء آخر دفع ثمن قربه من الطرابلسية في النظام السابق لذلك لا نستطيع جمع كل رجال الاعمال في نفس التهم، وكل تهمة لها الدائرة الخاصة بها التي تنظر في حيثيات القضية.
مرّت سنتان
هناك عدد من رجال الاعمال الممنوعين من السفر لا تتعلق بهم تهم فساد بصفة مباشرة بل وقع الاستماع لأقوالهم في بعض القضايا كشهود أو يملكون ملفات تورط النظام السابق ولكن رغم ذلك شملهم قرار منع السفر، في حين أن عددا آخر منهم مازال في طور التحقيق معهم ولكنهم في حالة سراح. أشهر تفصلنا عن سنتين من أحداث 14 جانفي ومن قرار منع السفر عن عدد كبير من رجال الاعمال ومازال هذا الملف يعالج ببطء من قبل بعض وزارات الاشراف التي تناست بأن الدقيقة الواحدة في عالم المال تساوي الملايين لرجال الاعمال ولكن رغم ذلك يبقى هذا الملف طارحا فرض لتساؤلات عديدة حول سبب هذا الاهمال في معالجته؟