قال سمير ديلو الناطق باسم الحكومة انه لن يتم السماح لمن طردهم الشعب من الباب أن يعودوا من الشباك وان عملية كشف ملفات الفساد ومحاسبة المتورطين متواصلة كما سيتم تفعيل العفو العام والانتداب بداية من الأسبوع المقبل. وقد صرح بذلك بلهجة حادة أمام انصار حزب النهضة بالقيروان مساء السبت 6 أكتوبر وسط ساحة الشهداء في لقاء حضره المئات وسط تنظيم محكم اغلق الباب أمام جميع محاولات الاستفزاز.
سمير ديلو وزير حقوق الإنسان أشرف على الملتقى الذي نظمه لمكتب الجهوي لحزب النهضة بالقيروان وحضر بصفته الحزبية كعضو مجلس شورى حركة النهضة، وفق تأكيد عضو بلجنة التنظيم. بينما كان العلم السوري يتوسط العلم التونسي وشعار النهضة. وبين عضو التنظيم ان وضع العلم احالة الى دعم ثورة الشعب السوري.
وتحدث السيد ديلو عن عديد القضايا والملفات ومنها مسالة استقلالية القرار الوطني في سياق رده على بعض الأطراف التي قال انها استقوت بالأطراف الأجنبية وشدد على ان الاستقواء بالأجنبي خيانة وعمالة معتبرا ان استقلالية القرار الوطني خط أحمر. وانه «لا احد يخيفنا ولا نقبل المساعدات المشروطة مضيفا «نحن عملاء لجهة واحدة وهي تراثنا وديننا».
أين التنمية؟
ولم يأت الخطاب بجديد تنموي أو قرارات سياسية ما عدا مسالة البدء في خطوات عملية لتفعيل العفو العام من خلال الانتداب الاستثنائي في الوظيفة العمومية بداية من الأسبوع المقبل والذي سينتفع منه اكثر من 400 سجين سياسي متمتع بالعفو العام في القيروان الى جانب آخرين تقدموا بملفات لإدراجهم في المنظومة ومنهم الطلبة ومن توقف وليس لديه أحكام قضائية. وهو ما جعل بعض الحاضرين يصفقون والبعض الآخر يهتف «الله أكبر».
كما شدّد ديلو على أن النهضة ليس لها أعداءً مؤكدًا كلمة الشيخ عبد الوهاب الكافي عضو مجلس الشورى الذي افتتح اللقاءَ بعد تلاوة ما تيّسر من القرآن الكريم وشدد فيها على ضرورة وحدة الصف التونسي والإسلامي.
وقال ديلو: «العدو الوحيد لنا هو من يعادي الشعب ويعتدي على المقدسات والبقية شركاء لنا». متحدثا عن اطراف تهدد الثورة من النظام السابق ومن الإعلاميين. وقال «إن من يظن نفسه قادر على الالتفاف على الثورة فهو واهم ويحلم». مضيفا «سنواصل بيد ثابتة وقويّة».
ووصف بعض الإعلاميين بأبطال «الساعة 25 وأبطال يوم 15 جانفي» مبينا أن الحكومة لا ترغب في إعلام يطبل لها وإنما «إعلام جمهوري في خدمة الشعب مثل الأمن والجيش».
وتحدث عن علاقة انصار حزب النهضة وقياديها ووزراء الحكومة بالشعب. بل وتحدث عن «مميزات أخلاقية ونضالية».. وتحدث عن «الوزراء الفقراء» وعن مشاركة انصار النهضة في الثورة منذ سنوات. وقال «لم نصل الى الشعب بانقلاب ولا على ظهر دبابة». وبين قائلا «قطعنا مع ممارسات وزراء الماضي واستغلالهم لنفوذهم ولا لتصفية حسابات شخصية ضد من عذبوهم كما انهم «سيمرون على الميزان» من خلال كشف الحسابات. معتبر ان من صنع الثورة هو من يجب أن يخاف عليها وليس غيرهم.
بناء إصلاح محاسبة
وعن الإصلاح والتنمية قال ديلو، «ما فسد في 60 عاما لا يمكن إصلاحه الا في 6 أشهر». و«الحكومة وجدت بناء مهدما يحتاج الى إصلاح طويل». معتبرا الاحتجاجات والإضرابات والاعتصامات تعطيل عمل الحكومة وقال ان المطالب مشروعة تتعلق بالعدالة وتحسين الظروف الاجتماعية، ولكنه في المقابل قال ان المرحلة الانتقالية تحتاج الى بناء وعمل وتطوع وتبرع مقدما مثال اليابان التي قال انها لم تصبح كما هي بالحركات النقابية والمطلبية وانما بالعمل.
واعتبر ديلو ان العمل مازال متواصلا من خلال كشف ملفات الفساد ومحاسبة من تورطوا «في دماء التونسيين». وقال ان الحملة على الفساد انطلقت استجابة لمطالب «اكبس» وقال ان الرسالة وصلت (هتف الحاضرون مرات «اكبس»). وقال ان هناك من أحيل على التقاعد الوجوبي وهناك من عزل وأضاف مهددا من تبقى من الفاسدين «من لم يوقفوا فليعدوا أمتعتهم لانهم سيوقفون قريبا». وشدد على انه لا أحد فوق القانون سواء كان سلفيا او مهما كان موقعه (لم ينطق اسم نهضويين). وشدد انه لن يتم تطويع القانون لمصلحة اي طرف سياسي.
وتحدث ديلو عن حادثة اغتصاب الفتاة وقال انه تم إيقاف 3 أعوان امن «فماذا ينتظرون اكثر من الحكومة» واعتبر ان هناك حملة تستهدف الجهاز الأمني معتبرا ان كل قطاع فيه الشرفاء أكثر من الفاسدين ومنه القضاء والإعلام، داعيا الى ان يعمل كل قطاع على كشف غير الشرفاء.
كما تحدث عن وجود مخاطر تهدد مسار الثورة واعتبر انه من مسؤولية الحكومة ان تضمن المسار الصحيح للثورة وتلبي مطالب الناس واعتبر ان الثورة لا تسير في طريق معبد مستقيم وهناك «أخطار تهددها» مضيفا أن هناك من يعمل على بث اليأس في نفوس الناس واعتبر انه من الواجب الثوري عدم السماح لمن طردهم الشعب من الباب أن يعودوا من النافذة ملمحا إلى الأحزاب التي يقول إنها استقطبت التجمعيين دون أن يقدم أسماء.
واثر إنهائه خطابه تدافع العشرات من اجل مصافحة سمير ديلو كما رغب البعض في تقديم ملفات وتشكيات وهو ما عطل موكبه واضطر الى تدخل أعوان الأمن في زيهم المدني.
تعبئة واحتجاج
اللّقاء طغت عليه الحماسة والتفاعل بين خطاب ديلو والحاضرين سواء عبر التكبير او التصفيق او الهتاف بشعارات «اكبس» أو الأناشيد الثورية. حيث كان استقبال ديلو حارا وسط التصفيق والتكبير ورغم ضعف الحضور الأمني (حضروا في زي مدني) فان الملتقى لم يشهد أحداثا تعكر صفوه ما عدا بعض الملاحظات الجانبية والنقاشات التي سبقت الزيارة من خلال التعليق على معلقة «القيروان ترحب بالسيد سمير ديلو». حيث اعتبر البعض ان التعميم والشمولية تكريس لسلوكات قديمة والحديث عن استغلال تجهيزات عمومية. مثل الحواجز الحديدة التي قال عضو لجنة التنظيم انه تم اكتراؤها من البلدية وبعض التجهيزات الأخرى التي توفرت بين الهبة والكراء (من دار الثقافة). وقد بدأ الإعداد للملتقى قبل أيام من خلال تهيئة ساحة الشهداء وتزيينها وصيانة الفوانيس والمقاعد الرخامية.
وعبر بعض الشبان عن استيائهم من عدم وجود قرارات تنموية لفائدة ولاية القيروان متحدثين عن حملة انتخابية سابقة لأوانها تعبئة ضد نداء تونس خاصة وان سمير ديلو تحدث بلهجته الحادة وبمراوغاته اللغوية والأسلوبية وقد كان خطابه حماسيا نال إعجاب انصار النهضة ولكنه مثل خيبة امل لغيرهم وخصوصا لمنافسيهم.