تشهد مدينة قصور الساف منذ فترة ما بعد الثورة حالة من الفوضى التي لم تستطع مصالح البلدية ردعها رغم كل المحاولات نتيجة الانتصاب العشوائي الذي زحف على أغلب الأرصفة وعطل الحركة في تحد صارخ للقانون. فقد استغل البعض الرصيف وكدّسوا عليه الخضر والغلال، بل أصبحوا ينامون مع بضاعتهم وكأن الرصيف تحوّل إلى ملك خاص في تحدّ صارخ للسلطة المحلية، ومع ذلك فالمواطن يساعد المنتصبين على تفشي الظاهرة، رغم أنه ينتقدها في جلساته ونقاشاته.
حوانيت فتحت لبيع السمك دون أي مراعاة للشروط الصحية، دون أن ننسى العدد المهول من السيارات المخصصة لبيع السمك والدلاع والخضار.. وهي تعمد إلى التوقف في أي مكان، دون حرج أمام مقهى أو مستوصف، أو حتى أمام مقر المعتمدية.
حالة الفوضى التي تعم مدينة قصور الساف ساعدت الباعة المتجولين للانتصاب في أي مكان وعلى أي رصيف ليعرضوا أي شيء قابل للاستهلاك من خبز وغلال وخضر وتبغ وقطع غيار وأدوات مستعملة قادمة من جهات مجهولة.
هذا النوع من التجاوزات ليس هو الوحيد، بل ثمة انتصاب من نوع آخر ولم يفطن له المواطن المنشغل بهمومه وقفّته يتمثل في استغلال الأرصفة لعرض بضاعة الحوانيت ومغازات الملابس، بل ثمة من أدخل مساحة من الرصيف إلى مغازته، وأوصد بابا وكأن شيئا لم يكن، مستغلا ما بقي له من علاقات ونفوذ أمام صمت الجهات المسؤولة. إن مثل هذه التجاوزات لا تعدّ ولا تُحصى، فمنهم من سيّج الرصيف ليجعله فضاء خارجيا لمنزله حيث تنشر زوجته زرابيها ونباتات الزينة، وجعل للرصيف بابا يغلقه ويفتحه على هواه، ومنهم من أضاف البلور والخشب بهدف توسيع فضاء محلّه التجاري ولا يعنيه إن أجبر المارة على النزول إلى الطريق حيث لا أمان لسياقة متهورة انتشرت هذه الأيام.
أما باعة مواد البناء، فحدّث ولا حرج، أكداس من الاسمنت والآجر والرمل على جانبي الطرقات، ولا من مجيب لاستغاثة المواطن الذي ظل يراقب بغبن تواصل سيطرة النافذين، والمستهترين بالقانون الذين يعرفهم الخاصة والعامة، ولم يجدوا من ينقذهم منهم.
النيابة الخصوصية بقصور الساف، ورغم علمها بكل هذه التجاوزات إلا أنها بقيت عاجزة، ولم تحرّك ساكنا، بل إنها لم تستطع أن تنفّذ عشرات قرارات الهدم في بناءات تجاوز أصحابها القانون، وصدرت أحكام قضائية بإزالتها.. فمتى ستدق ساعة تطبيق القانون؟