مرضى لا يتلقون العلاج بسبب إضراب في المستشفيات...وعمال لا يجدون وسيلة نقل عمومية تنقلهم إلى مقرات عملهم... اكتظاظ ...ومصالح مواطنين تتعطل... وطلبة عاجزون عن الوصول للكليات...هي ضريبة يتحملها المواطن لكن في الشق الآخر هناك عمال ومواطنون آخرون «اختنقوا» ووجدوا في الاضراب وسيلتهم في التعبير واسترجاع الحقوق. «الشروق» حاولت رصد آراء التونسيين في «الحق في الاضراب»... حق يبحث عن طريق بين مطرقة الحق المهضوم وسندان التضحية بمصالح مواطنين آخرين. بداية الحديث كانت مع السيد داودي عبد المنعم (صاحب مشروع) الذي اعتبر أن عملية الاضراب هي حق مشروع لاسترداد الحقوق.
وأشار محدثنا إلى من يتعرضون للمظالم ومن يقع تجويعهم ويعيشون أزمات ولا يجدون سبيلا لاسترداد حقوقهم غير اللجوء للإضرابات والإعتصامات.. وأضاف أنه وفي كل إضراب واحتجاج هناك طرف رابح وآخر خاسر وأن الأسباب قد يكون مبالغا فيها...ليكون المواطن هو الخاسر في كل الحالات. ودعا إلى ضرورة تنظيم الإضرابات وتقنينها بصورة أوضح.
لا للتسييس
أشار السيد رضا ترخاني (موظف) إلى الوضع الذي يعيشه التونسيون واصفا إياه بالوصول إلى «قطع المسمار»...وأضاف بأن الحق في الاضرا هو حق مكفول دستوريا وشبه الوضعية التي تعيشها البلاد بمثل شعبي: «زغرطولها في وذنها...قالت مسحورة». وأضاف بأن الاضرابات والاحتجاجات التي تحمل إلى الهاوية لا حاجة لنابها وأن المواطن قد مل التناحرات والتجاذبات.
ظالما أو مظلوما
تحدث السيد رضا الترخاني عن الإضرابات التي تتحول أحيانا إلى الدفاع عن مبدإ آنصر أخاك ظالما أو مظلوما مثلما هو الحال في اضراب النقل أمس والذي أصبح من خلاله المواطن ضحية.
وأضاف بأنه لم يبق أي موضوع أو سبب لم يقم من أجله المضربون بالاحتجاج والإضراب أو الاعتصام فأحيانا يتم تنظيم إضراب لأسباب ضعيفة أو غير واضحة ليكون «الزوالي» والساعي للتمتع بالخدمات العمومية هو الضحية.
وطالب محدثنا بأن تنأى النقابات عن التجاذبات السياسية وبأن تبتعد عن تسييس القضايا والمطالب النقابية والحقوق الشرعية. في المقابل اعتبر فخر الدين الخزامي (طالب) أن إضراب النقل مشروع للدفاع عن زميل تعرض للاعتداء...واعتبر أن بعض الإضرابات الأخرى غير مقبولة في هذا الظرف الذي تعيشه تونس مثل المطالبة بالزيادات في قطاع الصحة. وأضاف بأن الاضراب مشروع لكن المواطن هو الضحية فهو من يتم حرمانه من حقوقه والتمتع بخدمات مثل الحق في التداوي والحق في النقل وغيرها من الحقوق.
ضريبة انتقالية
اعتبر سفيان بن فتح ا& (عاطل عن العمل) أن القيام باضرابات من أجل الحصول على الحقوق في العمل والنقل والصحة وغيرها من الحقوق أمر مشروع. واعتبر أن الاضراب هو وسيلة تعبير وضغط مشروعة... وقال انه من المهم ان يتحمل المواطنون تبعات الاضراب فهو ضريبة طبيعية في التحولات الديمقراطية وفي مسارات الحصول على الحقوق وخلال الفترات الانتقالية.
وأضاف بأن على المواطن أن يتفهم أسباب الاضراب للوصول لبناء دولة الحرية والديمقراطية ودولة القانون والحصول على الحقوق. بدورها اعتبرت اسلام بلحاج (طالبة) ان الاضراب حق مشروع لكن كثرته مضرة وتخنق المواطن. واقترحت أن تكون الاضرابات منظمة ويتم الاعلان عنها حتى يقوم المواطن بتدبير أموره.
وأكّدت وئام عيادي (طالبة) حق العمال في الاضراب لكنها تساءلت حول أسباب القيام باضرابات أحيانا دون فهم الاسباب أو دون الوقوف على مطالب واضحة للمضربين. ولاحظت السيدة هيام (موظفة) أن الاضرابات يقع تسييسها، وأضافت أن الأسباب واهية ويتقاتل طرفان واحد حكومي وآخر نقابي ويكون المواطن هو الضحية. وقالت «كأن حسن وحسين تخاصما وكانت دادا عائشة هي الضحية...».
وقالت ان المواطن ضحية كل ما يقع ومصالحه هي التي يقع الاضرار بها، فالتجاذبات السياسية بين الحكومة والاتحاد والضحية هو العامل. أما المواطن منصف (موظف) فقد كان متذمرا وعبّر عن ملخّص ما يحدث بمثل «تخاصم سعد وسعدون ووضعوا مباركة في «الحبس»». دولة القانون؟!
تحدث الاستاذ بديع جراد (أستاذ في القانون) عن استغرابه من القيام باضرابات لأتفه الاسباب. وقال ان الاضراب في فترة انتقالية هو خيانةوطنية وضرب للشرعية وارباك للنظام وهي ثورة مضادة وجريمة لا تغتفر في حق الوطن.
واستغرب من القيام باضراب بسبب عملية عنف بين امرأة وسائق حافلة وشبه تفاهة سبب اضراب النقل بالاضراب الذي تم من سلفيين على سفارة الولاياتالمتحدةالامريكية وما خلفه من اضرار للبلاد والعباد.
وأكد محدثنا على ضرورة الصرامة في تطبيق القانون من أجل انجاح الثورة. وأضاف بأن حق الاضراب مقنن لكن القانون لا يعترف بالاضرابات العشوائية والتي لا تتبع الاجراءات القانونية. واستغرب من اضراب بوقف البلاد وشؤون العباد. وقال «هذا أغرب من الخيال فالاضرابات العشوائية غير موجودة حتى في افغانستان والدول المتخلفة». ودعا إلى فتح ملفات الفساد والى محاسبة المتسببين في اخراج حق الاضراب من مهامه وصورته الاصلية معتبرا أنه على الحكومة الوقوف بصرامة والمحاسبة وتطبيق القانون أو عليها الاستقالة ان لم نستطع فرض القانون وارساء دولة القانون.