تفاصيل اعلان إضراب عام وطني لقطاع المحاماة في تونس    لأول مرة منذ 37 عاما.. الرجال أكثر سعادة بوظائفهم من النساء    القيروان: غرق ثلاثة شبان في صنطاج ماء بالعين البيضاء    بالفيديو: تفكيك شبكة دوليّة مختصّة في مجال تهريب المُخدّرات وهذا ما تم حجزه    كرة اليد: الترجي يتفوق على المكارم في المهدية    نقابة الصحفيين تدعو مكتبها التنفيذي الموسع إلى الإجتماع    بلاغ هام لرئاسة الحكومة بخصوص ساعات العمل في الوظيفة العمومية..    العثور على شابين مقتولين بتوزر    حفوز: العثور على جثث 3 أطفال داخل خزّان مياه    التوقيع على 18 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرامج تنفيذية في هذه المجالات بين تونس والعراق    باجة: اطلاق مشروع "طريق الرّمان" بتستور لتثمين هذا المنتوج و ترويجه على مدار السنة [صور + فيديو]    وزارة التجارة: تواصل المنحى التنازلي لأسعار الخضر والغلال    رجة أرضية بقوة 3.1 درجة على سلم ريشتر بمنطقة جنوب شرق سيدي علي بن عون    قادة الجيش يتهمون نتنياهو بتعريض حياة الإسرائيليين والجنود للخطر وهاليفي يؤكد إن حرب غزة بلا فائدة    مؤشر جديد على تحسن العلاقات.. رئيس الوزراء اليوناني يتوجه إلى أنقرة في زيارة ودّية    أخصائي نفسي يحذّر من التفكير المفرط    البطولة العربية لالعاب القوى (اقل من 20 سنة): تونس تنهي مشاركتها ب7 ميداليات منها 3 ذهبيات    رسمي.. فوزي البنزرتي مدربا للنادي الإفريقي    سليانة: عطب في مضخة بالبئر العميقة "القرية 2 " بكسرى يتسبب في تسجيل إضطراب في توزيع الماء الصالح للشرب    التهم الموجّهة لبرهان بسيّس ومراد الزغيدي    شركة "ستاغ" تشرع في تركيز العدّادات الذكية "سمارت قريد" في غضون شهر جوان القادم    جربة.. 4 وفيات بسبب شرب "القوارص"    وفاة 3 أشخاص وإصابة 2 اخرين في حادث مرور خطير بالقصرين    المحكمة الابتدائية بسوسة 1 تصدر بطاقات إيداع بالسجن في حق اكثر من 60 مهاجر غير شرعي من جنسيات افريقيا جنوب الصحراء    افتتاح نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك وسط العاصمة لعرض منتوجات فلاحية بأسعار الجملة وسط إقبال كبير من المواطنين    مدنين: نشيد الارض احميني ولا تؤذيني تظاهرة بيئية تحسيسية جمعت بين متعة الفرجة وبلاغة الرسالة    سيدي بوزيد: تظاهرات متنوعة في إطار الدورة 32 من الأيام الوطنية للمطالعة والمعلومات    زهير الذوادي يقرر الاعتزال    مصر تهدد الاحتلال بإنهاء اتفاقيات كامب ديفيد    امين عام التيار الشعبي يلتقي وفدا عن حركة فتح الفلسطينية    سبيطلة.. الاطاحة بِمُرَوّجَيْ مخدرات    صفاقس تتحول من 15 الى 19 ماي الى مدار دولي اقتصادي وغذائي بمناسبة الدورة 14 لصالون الفلاحة والصناعات الغذائية    في الصّميم ... جمهور الإفريقي من عالم آخر والعلمي رفض دخول التاريخ    ر م ع الصوناد: بعض محطات تحلية مياه دخلت حيز الاستغلال    سيدي بوزيد.. اختتام الدورة الثالثة لمهرجان الابداعات التلمذية والتراث بالوسط المدرسي    المالوف التونسي في قلب باريس    الناصر الشكيلي (أو«غيرو» إتحاد قليبية) كوّنتُ أجيالا من اللاّعبين والفريق ضحية سوء التسيير    نتائج استطلاع رأي أمريكي صادمة للاحتلال    حضور جماهيري غفير لعروض الفروسية و الرّماية و المشاركين يطالبون بحلحلة عديد الاشكاليات [فيديو]    اليوم: إرتفاع في درجات الحرارة    انشيلوتي.. مبابي خارج حساباتي ولن أرد على رئيس فرنسا    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    حل المكتب الجامعي للسباحة واقالة المدير العام للوكالة الوطنية لمقاومة المنشطات والمندوب الجهوي للشباب والرياضة ببن عروس    النادي الافريقي - اصابة حادة لتوفيق الشريفي    الدورة 33 لشهر التراث: تنظيم ندوة علمية بعنوان "تجارب إدارة التراث الثقافي وتثمينه في البلدان العربيّة"    مع الشروق .. زيت يضيء وجه تونس    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    مدير مركز اليقظة الدوائية: سحب لقاح استرازينيكا كان لدواعي تجارية وليس لأسباب صحّية    نحو 6000 عملية في جراحة السمنة يتم اجراؤها سنويا في تونس..    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    أسعارها في المتناول..غدا افتتاح نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك بالعاصمة    عاجل : إيلون ماسك يعلق عن العاصفة الكبرى التي تهدد الإنترنت    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    بعيداً عن شربها.. استخدامات مدهشة وذكية للقهوة!    تونس تشدّد على حقّ فلسطين في العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتّحدة    في تونس: الإجراءات اللازمة لإيواء شخص مضطرب عقليّا بالمستشفى    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العدالة الانتقالية: وجهة نظر 1 / 2
نشر في الصباح يوم 09 - 05 - 2012

- قامت الثورة التونسية ضد الاستبداد و الفساد الذي كان السمة الرئيسية للنظام السياسي البائد.
و بالقدر الذي فشل فيه النظام السابق في تنمية البلاد و تحقيق التوازنات العامة لكنه نجح في بناء شبكة من العلاقات و القوانين التي تشرع الظلم وتحمي النهب و التعديات و تمنح المناعة المطلقة لكل من كان في ركاب السلطة بارتكاب كل الخروقات و الموبقات و الاستئثار بكل ما تقع عليه أعينهم و ما تطاله أيديهم. بعض الذي ضبطته لجنة تقصي الحقائق و التحقيقات الصحفية يكشف عن حجم الدمار الذي ألحقته الطغمة الحاكمة بنسيج العلاقات الاقتصادية والاجتماعية و السياسية. و لعل من أسباب التردد في فتح ملف المحاسبة و المساءلة هو تشعب الشبكة العنكبوتية للمستفيدين والوسطاء و الموظفين الذين كانوا أدوات و عناصر نظام الفساد.
لم يسلم أي قطاع من القطاعات من الانخراط بصفة مباشرة أو غير مباشرة في تغذية هذه العلاقات المشبوهة حتى أصبح الفساد هو قاعدة التشغيل و الاستثمار و إدارة الشأن السياسي و اليومي للناس.
والغريب أن ملف الفساد الذي نخر كل مكونات المجتمع التونسي لم يترجم, بعد الثورة, إلى قضايا لاسترداد الحقوق, فهل يعني أن كل وثائق التعديات و عمليات النهب قد أتلفت؟ أو أن حجم التواطؤ و الانتفاع كان من الاتساع و الضخامة حيث طال كل الناس ما يمنعهم من إثبات الأضرار و القيام بدعاوي في الحق الشخصي ؟ الغالب على الظن و بالنظر إلى بطء المحاسبة و فتح الملفات و حتى استحالتها هو أن جيش المستفيدين هو من الضخامة حيث لا يمكن لهم الإدعاء على الفساد. فربما قبضوا ثمن انخراطهم في النظام و الانتفاع من الحماية التي كانت توفرها لهم عائلة الطرابلسية و عائلة بن علي. على ذلك فمن الطبيعي أن من دفع رشوة للحصول على الصفقات العمومية و بنى ثروات طائلة لا يمكن أن يتظلم. و الذي دفع مزايا أو مقابل لتشغيل كل أبناء و بنات القبيلة و العرش لا يشتكي. و الذي تنازل عن حصة في شركة أو أعطى جزءا من المرابيح من مشاريع و صفقات مشبوهة لا يمكن أن يدين نفسه. و كيف يدعي الفساد من تحصل على وظائف عليا و تسميات و ترقيات و منافع أو مقاسم فلاحية أو صناعية بفضل التوصيات و التدخلات؟ لذلك نسمع جعجعة ولا نرى طحينا. وحدها البلاد من دفع الثمن, وحدها الدولة من سرقت و نهبت وحرمت من مداخيل الجباية و الأداءات و تقطعت فيها أوصال القانون. وحدها الجهات المعدمة حرمت من أموال وأرصدة ضخمة كانت السبيل الوحيد لتشغيل الشباب وتحسين ظروف العيش والصحة و النقل و التعليم. وحدها البلاد من ظلمت.
العدالة الانتقالية, مفهوم جديد للعدالة الاجتماعية
أهمية إنجاز العدالة الانتقالية لا تكمن في رد الحقوق إلى أصحابها فحسب, بل في فلسفة العدالة نفسها. فالقوانين التي سنطبقها في العدالة الانتقالية هي التي ستعرف لنا العدل من الظلم و الصواب من الخطأ. المطلوب من العدالة الانتقالية ليس المحاسبة أو المسامحة و إنما تحديد فلسفة العدالة نفسها التي سنبني عليها مجتمعا يتساوى فيه المواطنون و تتحدد فيه الأدوار بين مختلف المواقع و يترجم بشكل من الأشكال تساوي الحقوق و تجريم التجاوزات. المقاييس التي تقوم عليها العدالة الانتقالية هي التي ستحدد مفهومنا للعدل بين الناس. المطلوب هو تحديد المنظومة القانونية التي تضمن الحقوق و تجرم الظلم, بعد تعريف الحقوق و تحديد الواجبات. تطهير الإدارة لا يتم بتغيير الأشخاص بل بتغيير منظومة العلاقات التي أصبحت بالفعل قائمة على ثقافة الفساد. ربما يكون التنظيم الإداري الهرمي جزء من الخراب الذي استشرى في هياكل الدولة و الإدارة و أرغم الكثير من العمال و الموظفين على الانخراط في الفساد بحكم علوية منطق الهرمية prime à la Hiérarchie . لا يجرؤ عامل أو موظف أو حتى مدير عام على رفض طلب رئيسه المباشر دون الخشية من التعرض لجريمة الامتناع عن العمل أو تهمة عدم الأهلية و التجاوب أو الحرمان من الترقيات و التسميات و هي حقوق يكفلها القانون. لذلك مراجعة القوانين الإدارية هي الجزء الأهم في مشروع العدالة الانتقالية حتى تعزل العلاقات المشبوهة و الفاسدة من جملة العلاقات الطبيعية.
العدالة الانتقالية والمستفيدون من الفساد
يجب أن نفرق بين نوعين من المستفيدين ونوعين من المظلومين.
أول المستفيدين من نظام الفساد هم المباشرين للعمل السياسي و الذين كانوا يعرفون أنهم يعرفون مدى حظوتهم و سطوتهم. كانوا كهنة المعبد و هامان فرعون. كلمتهم لا تقع في الأرض وأوامرهم لا ترد و لا تناقش. يفعلون ما يحلو لهم و ما لا يحلو لهم. همهم الوحيد كان الدفاع على حصونهم و حظوتهم ونفوذهم. يبنون الطرق في البحر و يحولون التراب إلى ذهب. رأس هذه الطبقة هم الفئة الأولى من رموز السياسة و الحكم و أرباب الإدارة في مؤسسات الدولة و الشركات العامة. العدالة الانتقالية يجب أن تطال كل هؤلاء المسؤولين دون استثناء لأنهم أصحاب القرار, والذي أطلق يدهم مثلا في تشغيل أصحاب الوساطات كان يسمح لهم من تشغيل المعدمين, لكنهم لم يفعلوا. كانوا يمارسون التشغيل العرقي و هذا ظلم يجب أن يحاسبوا عليه. يحاسبون أيضا لأنهم كانوا مشرفين و يعرفون أنهم كانوا مشرفين على منظومة الفساد, و يعرفون أنهم كانوا يقبضون و يستفيدون من وراء هذا العمل معرفة و إدراكا تامين. و يحاسبون أيضا على الدمار الذي أحدثوه للمؤسسات و الأنظمة أو شاركوا فيه, وهم معروفون و لا يتجاوزون تعداد حبات السبحة.
الفئة الثانية من المستفيدين هم أصحاب الأموال و الثروات التي تشكلت بالحلال و الحرام تحت قبة الرعاية و الحماية Les nouveaux riches. كانوا فراخ محضنة الفساد و دخلوا عالم رجال الأعمال عنوة و قسرا حتى افسدوا تقاليدهم و بثوا وباء الرشوة والتهديد في جميع مفاصل الإدارة و مصالح الدولة وتاجروا في كل الممنوعات و فتحوا أبواب البلاد على مصراعيها. كانوا يتمتعون بحصانة العائلة و حمايتها و يتهربون من جميع أنواع الجباية والضرائب يعوضونها بالهدايا و الخدمات و تمويل خلايا التجمع و شبكات المفسدين. كل الذين شاركوا أو تشاركوا أو عملوا واجهة أو كومبارس لفرد من أفراد الفساد فهو مدان و يجب أن يحاسب أقله دفع ما تخلد بذمته للدولة بعد إجراء جرد لكل الكسب الحرام الذي جمعه.
اطار سام ببنك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.