تعتزم مجموعة من المستشارين الجبائيين الدخول في إضراب جوع خلال الفترة القادمة احتجاجا على عدم فتح ملفات الفساد الجبائي الذي يكلف الخزينة العامة أكثر من 10 مليار دينار سنويا. هذا ما ذكره ل «الشروق» المستشار الجبائي وعضو الجمعية العالمية للجبائية الاستاذ لسعد الذوادي مضيفا أنه تم استبعاد المنظمات المهنية للمستشارين الجبائيين والمحامين والقضاة من المشاركة في الندوة العلمية التي أقامها الحوار الجبائي الدولي بتونس مؤخرا حول العدالة الجبائية الحوكمة الرشيدة واعتبر محدثنا تغيب هذه الجهات جريمة الهدف منها مواصلة تنمية «صناعة الفساد» كما أن مواصلة العمل بالمنظومة التشريعية القديمة وعدم سن قانون للكشف عن «الكسب غير المشروع» الذي من شأنه أن يكشف عصابة الفساد في المجال الجبائي.
سألنا مصدرنا من يقصد بعصابة الفساد التي مازالت تتستر على الملفات فأجاب بأنهم «متغلغلون» في وزارة المالية تحديدا (موظفون) وأضاف الإدارة على علم بالجرائم الجبائية والرشوة ولا تحرك ساكنا تجاه الفاسدين والمتهربين من الضريبة .
هذه الفئة تنشط في المهن الحرة دون «باتيندة» ويعدون حسب محدثنا بالآلاف منهم المرسمون بهيئات مهنية وليس لهم معرفات جبائية ولا يصرحون بالجباية ولا تستهدفهم المراقبة والأخطر من ذلك أن نهب الموارد العمومية حسب الاستاذ ذوادي يتم أيضا من قبل شركات أجنبية خاصة منها الناشطة في مجال المحروقات وذلك باستعمال آلية الأسعار المضخمة والفوترة الوهمية التي تشرف عليها شركات عالمية وذلك بهدف تضخيم أعباء هذه الشركات حتى تتهرب من الضريبة.
ويضيف مصدرنا أن مئات الشركات التي يتم تكوينها بصفة غير قانونية مختصة في الإستشارات الجبائية والقانونية متكونة من أشخاص انتحلوا صفة المستشارين الجبائيين والمحامين في خرق واضح للفصل 56 من مجلة الضريبة على الدخل والفصلين (10 و 291 من المجلة الجزائية) هذه الشركات تسهل عملية التهرب من دفع الضريبة وتساهم حسب محدثنا في تخريب الخزينة العامة.
كما تم تعطيل مشروع القانون المتعلق بإعادة هيكلة مهنة المستشارين الجبائيين الجاهز منذ 94 علما وأن القانون المعمول به حاليا اعتبره الاستاذ الذوادي متخلفا يعود إلى سنة 1960 ويشير إلى قوانين نسخت منذ سنة 59 (على غرار قانون الوظيفة العمومية) ولمقاومة هذا الحجم الكبير من الفساد قدم الاستاذ عدنان البديوي محام خلال أوت الماضي عريضة من 9 صفحات إلى وزير المالية فيها تفاصيل المخالفات التي أسست وفقها هذه الشركات المخالفة للقوانين لكن لم يلق إجابة حول هذه الشكاية فأعاد إيداعها يوم 31 ماي 2012 لنفس الإدارة كما تقدم بشكوى في الغرض إلى المحكمة الإدارية للحسم في انتشار هذه الشركات (وهو ما تأكدنا منه من الاستاذ البديوي).
وبالتوازي يعد المستشارون الجبائيون الملفات لمقاضاة السلطات التونسية أمام مجلس حقوق الانسان بجنيف وذلك حسب الاستاذ الذوادي بسبب خرق السلطات التونسية للعهود الدولية بالخصوص منها مبادئ باريس المتعلقة بالمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وكذلك خرق مبادئ العدل الأساسية المتعلقة بضحايا التعسف في استعمال السلطة الذي يقع ضحيته حسب محدثنا المستشار الجبائي بحرمانه من حقه في العمل وفق قانون 2006 من الترافع في المحاكم للدفاع عن المطالبين بالضريبة رغم أن هذا الحق أقرته المحكمة الادارية من خلال عدد هام من القرارات التعقيبية . ولاحظ مصدرنا أن المستشارين الجبائيين أعدوا استراتيجية كاملة لمكافحة الفساد وقد تم تقديمها للجهات المعنية حتى تستأنس بها.