الديبلوماسية الجزائرية لن تصمت عما صرح به الغنوشي في مقطع الفيديو الذي وقع تسريبه مؤخرا، كما ان النيابة العمومية الجزائرية قد تستدعي راشد الغنوشي للتحقيق معه حول النقاط التي تعرضت الى الجزائر. هذا ما توقعه عضو المجلس الوطني التأسيسي سمير الطيب في حوار صحفي مطول جمعنا به حول أهم القضايا السياسية المطروحة حاليا. بالطيب الذي يمثل حزب المسار الديمقراطي التقيناه في الحمامات على هامش الندوة السياسية التي نظمها فرع الحزب تحت عنوان: «يوم 23 أكتوبر – تونس الى أين؟» فخضنا معه حول مواضيع شتى منها علاقة حزبه ببقية الاحزاب وموقفه من الانتخابات التشريعية والرئايسة القادمة من حيث الاستعداد لها وتاريخها مثلما يظهر في الحوار التالي: حزب المسار الاجتماعي أين هو الآن – في علاقة بكل ما يحدث في تونس؟
لا شكّ أن ما يحدث الآن في تونس وما تمرّ به صعب للغاية وحزب المسار مدرك بشكل جيد لصعوبة الوضع وهو موجود في كل المعارك التي يخوضها أبناء شعبنا من أجل انتصار الانتقال الديمقراطي فنحن كحزب موجودون مع الاعلاميين في معاركهم ومع المعطلين عن العمل في احتجاجاتهم المشروعة والسلمية ومع المناطق الداخلية في حق المطالبة بالتنمية كل هذه المشاكل نتبناها ونبلّغها لمن لم يستمع لكن أيضا من دون تعقيد.
على مستوى الحراك السياسي ما هو موقع حزب المسار؟
حزب المسار كعادته يسعى دائما الى توحيد الصفوف كما كان شأنه في الانتخابات السابقة لكن أعتقد أن مسارات الجمع والتوحيد ستكون هذه المرة أفضل من سابقاتها بكثير فنحن الآن في جبهة مع الحزب الجمهوري وحركة نداء تونس ولنا اتصالات أخرى مع بعض قيادات الجبهة الشعبية ويمكن أن تسفر هذه الاتصالات عن جبهة ديمقراطية موسّعة طالما أن هم الجميع هو مصلحة تونس.
على ذكر الاستعداد الجبهوي هل سيتوقّف هذا الاستعداد عند حدود احداث جبهة انتخابية أم أنه مرشّح لما هو أكثر؟.. أعني هل سيتحول التوحيد الى انصهار مثلا بين حزب المسار والحزب الجمهوري ؟
الحوار بيننا وبين الحزب الجمهوري تجاوز نطاق أو حدود الجبهة الانتخابية لكن الحديث عن انصهار وذوبان أحد الطرفين في الآخر فهذا لا أعتقد أنه مطروح كل ما في الأمر أننا نسعى لتوحيد هذه المبادئ وربما تكون تحت يافطة أخرى أو عنوان آخر.
هل يعني ذلك أننا لن نتحدّث مستقبلا عن المسار والجمهوري كحزبين معطوفين بواو عطف؟
نحن لا نريد الاستباق فهذا يقرر سويا ومن منطلق الاقتناع بعد النقاش والحوار لكن ربما يكون باسم آخر: المسار الجمهوري مثلا، وهذا لن يكون باتخاذ قرارات مسقطة من القيادات لا بدّ لهذا الأمر في تقديرنا أن يمر عبر الهياكل والقواعد.
نحن في جبهة مع حزب نداء تونس والجمهوري ونسعى كما قلت الى تكوين جبهة مدنية موسّعة تمتد من نداء تونس الى الجبهة الشعبية لما فيه خير تونس والانتقال الديمقراطي.
لكن الملاحظ يرى أن الجبهة رفعت خاصة يوم الاعلان عن ميلادها شعارات معادية لنداء تونس؟
مصلحة تونس تقتضي اسقاط بعض الشعارات، وموقف بعض القيادات الجبهاوية ليّن الى حدّ بعيد وكله من أجل الحرص على نجاح الانتقال الديمقراطي ومصلحة الوطن. سؤال طرحه أحد المتدخلين في القاعة ولم تجِبْ عنه: كيف ستتصرّفون لو فشل الحوار الوطني المرتقب ورفضت حركة النهضة التخلّي عن وزارات السيادة لصالح مستقلين وتكنوقراط من أجل ضمان انتخابات نزيهة؟ لن نقبل مطلقا رفض النهضة التخلي عن وزارات السيادة ولن نقبل أن تكون الانتخابات القادمة بمستوى أو بسقف أقل من سقف الانتخابات الفارطة ومثل هذا المطلب يقتضي تسليم وزارات السيادة الى مستقلين وحياديين لضمان عدم التوظيف السياسي.
هل يعني رفضكم الذهاب الى الشارع يوم 23 أكتوبر؟
اطلاقا لا، نحن ضدّ الفوضى والعنف ونحن حريصون على تجنيب وطننا مزالق العنف ولكن لنا وسائلنا للضغط على حركة النهضة من أجل التخلي عن وزارات السيادة التي سيكون لها تأثير على مجريات الانتخابات القادمة وهذا مرفوض ونحن كأحزاب ديمقراطية سنجتمع ونقرر ما يتناسب مع حجم المسألة.
طالبتم بجلسة لمناقشة ما ورد في فيديو رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي يوم 19 أكتوبر, هل ستُعقد هذه الجلسة؟
نحن لم نطالب بجلسة لمناقشة ما ورد من تصريحات أعتبرها غريبة من رئيس حركة النهضة بل طالبنا بجلسة حوار بين النواب وخاصة بالنواب، لكن رئاسة المجلس أغرقتنا بجلسة استماع للحكومة وكالعادة هذا الموقف نعتبره يندرج ضمن سوء ادارة عمل المجلس. أما عن محتوى الفيديو فاني أستغرب فعلا صمت النيابة العمومية والقضاء العسكري على عدم استدعاء السيد راشد الغنوشي الى حدّ هذه اللحظة. ورغم ذلك نتوقّع ألا تصمت الدبلوماسية الجزائرية التي نعرفها جيّدا أما نيابتها العمومية فستقوم في تقديرنا بدعوة السيد راشد الغنوشي لما خصّ به الجزائر في تصريحاته وتحدّث عن مرحلة الموت المعمم على الأبرياء في الجزائر لان الشيخ تكلم بلغة الجمع عن تلك الأحداث واعتبر نفسه جزءا منها بما أنه كان يقيم آنذاك في الجزائر ولعل هذا اعتراف صريح بضلوعه ولو بجزء من المسؤولية عن تلك الأحداث الدموية ولهذا السبب نعتقد أن يمثل الغنوشي أو أن يُستْدعى للمثول أمام النيابة العمومية الجزائرية.
ما هو تقييمكم لما أعلنت عنه «الترويكا» مؤخرا حول المبادرة؟
نحن نرحب بما نعتبره يساعد على التقدّم في التوافق ولكننا لن نقبل أن يكون الأمر بمثابة الاعلان النهائي والمستبق لما سيسفر عنه الحوار الوطني كما أننا نعتبر التاريخ المقترح لاجراء الانتخابات غير واقعي فتاريخ 23 جوان هو مرحلة امتحانات ونتائج ولا يمكن أن نوافق على هذا التاريخ الذي نعتبره بمثابة اقصاء للفئة الشبابية والمتمدرسة وهذا خطير على نسبة المشاركة في الانتخابات وعلى نجاحها أيضا ونحن نحتاج الى الجلوس أولا ثم الحوار ثم التوافق.
التوافق خارج المجلس (مبادرة الاتحاد) ونقل القرارات اليه لمجرد التوقيع الا يذهب ذلك بجدواه ويحوله الى غرفة توقيعات وكفى؟
لا لا اطلاقا نحن نحاول أن نسهّل عمل المجلس لأن الحوار أيضا في المجلس أصبح مجرّد كلام بمساحة زمنية لا تفوق 3 دقائق في غالب الأحيان ويتم اللجوء بعدها الى تصويت شبه آلي. نحن نتفق على خطوط عريضة والمجلس يقوم بمهامه بشكل جدي وخارج نطاق التجاذبات وهذا أفضل للانتقال الديمقراطي وغرض الاتحاد من هذه المبادرة لا يتعدى البحث عن التوافق حول الخطوط العريضة والعامة ليس أكثر الاتحاد يسعى الى تقريب وجهات النظر بين الفرقاء. ونتمنى كل الخير لتونس ونأمل في نجاح الحوار الوطني والتوافق حول أجزاء مهمة من مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل.