تحت هذا العنوان وافانا النقابي والناشط المدني الدكتور عبد الحميد الفهري بمقال يستعرض فيه أسباب وانعكاسات تغيير النيابة الخصوصية بقرقنة. «وإذا النيابة سُئِلت بأي ذنب عُزلت؟» ذلك هو السؤال الذي حيّر الأهالي بقرقنة بعد أنْ قامت الحكومة ممثلة في وزارة الداخلية بإقالة المجلس البلدي (النيابة الخصوصية). وتأتى هذه الحيرة من غرابة هذا الموقف في حقّ مجموعة هدرت وقتها وجهدها لخدمة المواطنين بأقلّ ما يمكن من المعدات والوسائل وكان من الأحرى بالحكومة المحترمة أن تنتبه إلى حجم هذه الصعوبات التي تعرفها البلديات الصغرى ذات الموارد الهزيلة والتي تكون قبلة الزائرين كجرجيس وقرقنة وحمام سوسة وطبرقة بحكم طيب الإقامة بها في فصل القيض... لكن طغى على ما يبدو الحساب السياسي على التقييم الموضوعي وجاءت مواقف وزارة الداخلية منسجمة تماما مع ما أعلنه أتباع الحزب المهيْمن على ما يُسمى فكاهة بالمجلس «التقسيسي» حين شنوا حملات على أعضاء البلديات التي لم يستطيعوا السيطرة على أنشطتها من ذلك ساقية الداير وصفاقس الكبرى والشيحية وقرقنة. ومعلوم أن سلطة الإشراف أُجبِرت أمام صمود الأهالي وتمسّكهم بالنيابات التي اختاروها بعد 14 جانفي على التراجع عن إقالة هذه النيابات بل تمّ إصدار أمر بالرائد الرسمي في 2 أوت 2011 يمدّد نشاط كلّ النيابات بكامل البلاد إلى تاريخ إجراء الانتخابات البلدية. فبأي عقل سياسي وإداري تفكر هذه الحكومة؟ وهل يجوز إطلاقا لطرف رصين ومتحمّل لمسؤوليته أن يدوس القوانين التي سنّها من أجل فرض معادلة ترجّح كفة حزب بعينه. والواقع أنّ مسألة سطو الأحزاب الحاكمة وخاصة حزب النهضة على المواقع الادارية المفصلية واضح للعيان في المدّة الأخيرة. وقد بلغ حدّ عزل عمد وتنصيب آخرين. والحقيقة أنه لا فضل للمنصّب على المعزول قهرا سوى الانتماء إلى الحزب الحاكم المتسلط بكل الوسائل على الجهاز الإداري في البلاد. ولننظر حصرا في النيابة الأساسية بقرقنة. فهي قبل كل شيء اختيار لعناصر تمثل أغلب قرى الأرخبيل تمّ بقدر فائق من التوافق بين الأهالي بواسطة الجهود المضنية التي بذلها أعضاء لجنة حماية الثورة في ظروف حالكة. وهذا يزيد على قانونيتها شرعية ثورية وتوافقية. كما تستجيب الهيئة الحالية إلى شرط يوافق خصوصية الجزيرة وهو أن يكون الأعضاء مقيمين بقرقنة ومواكبين للحياة اليومية للأهالي. وهو شرط أساسي لا بدّ من تفعيله مع كل الذين يتحملون مسؤوليات إدارية في قرقنة. وبالتالي فإن تنصيب أية هيئة مستوردة على قياس ال«ترويكا» سيعرض قرقنة إلى اضطرابات نحن في غنى عنها. وبعد، هل أن الحكومة ومن يخطّط لها سياسيا على وعي بما يمكن أن ينجرّ عن هذه القرارات الحزبية المُسْقطة من رجّات قد تهزّ أمن الجزيرة واستقرارها الهش أصلا؟ وهل أن ذنب النيابة وموجب إقالتها حسب ما صدر عن أتباع الحزب الحاكم هو تقصيرها في تأمين النظافة. والجميع يعلم أنّ هذا شأن لا يهمّ قرقنة وحدها، فإذا تم تطبيق هذا المبدأ فلن تبقى نيابة واحدة في كامل البلاد. فقد عمّ البلاد الوسخ وغزاها الذباب وتردى المشهد الحضري في كلّ الجهات إلى أقصى حدوده. ولكن الأوساخ التي نخشاها من هذه القرارات وهي أخطر من أكداس الفضلات، فالوسخ الأمرُّ هو عودة آلة السلطة بأساليبها القذرة المستندة على فوقية القرارات وقهر الشعب بالاستحواذ على أجهزته المدنية. ونحن في قرقنة لا نختلف عن بقية أهالينا في كل الرّبوع إذ سنتصدى بكل الوسائل المتاحة لكل تجاوز للقانون والشرعية والتوافق المدني ونعتبر أن كلّ ما يمكن أن يحصل من اضطرابات إنما هو على مسؤولية من كان وراء سكب الزيت على النار.