انتقد رئيس جمعية الشفافية المالية سامي الرمادي بشدة إحداث المجلس الاعلى للتصدّي للفساد الذي يرأسه رئيس الحكومة والذي تم أوّل أمس تفعيل نشاطه معتبرا أن الحكومة لا يمكنها أن تكون خصما وحكما في وقت واحد إذا كانت تعتزم القضاء على الفساد. وعبّر السيد سامي الرمادي أن الجمعية ضدّ احداث هذا المجلس الذي يضمّ عددا من أعضاء الحكومة. وطالب بأن تكون مكافحة الفساد في صلب هيئات مستقلة على غرار لجنة مكافحة الفساد والرشوة مع تمكينها من صلاحيات أوسع ودون أن يكون هناك تداخل بينها وبين القضاء. وتساءل كيف يمكن لوزير من المجلس أن يفتح ملف فساد ضد زميله في الحكومة مثلا؟ وأضاف أنه من غير المعقول أن يترأس المجلس رئيس الحكومة، إذ يجب ان تكون لهيئة مكافحة الفساد صلاحيات واسعة دون تدخّل في الشأن القضائي.
استقلالية
ولاحظ مصدرنا أن الفساد زاد بعد الثورة أكثر مما كان عليه في نظام بن علي إذ كانت تونس تحتل المرتبة 59 عالميا في 2010 وأصبحت في المرتبة 73 في 2011 بسبب غياب هيبة الدولة وضعفها وهذا ما يحدث في كل الثورات في العالم عادة وذكر أنه لابد من الردع لتدارك الوضع كما قدّم جملة من الآليات للقضاء على الفساد أهمّها استقلالية النيابة العمومية وفصلها عن السياسة وذلك حتى يتمكن وكيل الجمهورية أو حاكم التحقيق من فتح بحث دون الرجوع الى وزير العدل وهي مسألة تعمل بها كل الديمقراطيات في العالم، وتمكينه من الامكانيات المادية والبشرية لفتح ملفات الفساد.
تراكم التفويضات
كما دعا رئيس الجمعية الى عدم تراكم التفويضات فمن غير المعقول أن يكون رئيس جمعية كرة قدم هو ذاته نائب في مجلس النواب ورئيس بلدية... حتى لا يخلق مناخ للفساد.
وطالب بفصل المعاينة العلمية عن القرار السياسي فعندما يقرّر مسؤول سياسي احداث مشروع يقوم بالدراسة العلمية هيكل مستقل حتى لا تكون المشاريع وفق قرارات شعبوية أو غير مجدية أو للمحاباة.. كل هذا بالاضافة الى تفعيل دور المراقبين داخل المؤسسات وهو ما كان يمكن أن تقوم به وزارة الاصلاح.
دائرة المحاسبات
ومن الآليات الاخرى التي يجب توفيرها لضمان القطع مع الفساد هي توفير الاستقلالية المادية والمعنوية لدائرة المحاسبات لتتمكن من محاسبة كل مؤسسات الدولة بما في ذلك رئاسة الجمهورية والأحزاب السياسية والجمعيات المحلية... ولاحظ أن هذه الدائرة في وضعها الحالي لا تتوفر لديها الامكانيات المادية ولا البشرية لفتح الملفات. وأكّد أن تقاريرها يجب أن تنشر للعموم وتساءل كيف يمكن لادارة يعين مديرها من الوزير الاول وتحدد ميزانيتها من وزارة المالية أن تقوم بعمل فيه فتح ملفات الفساد لهذه الحكومة؟ لذلك فإن استقلالية هذه الادارة يعدّ ضمانة لمراقبة الفساد وفتح الملفات بكل الادارات التونسية. ولاحظ الرمادي أن الحكومة التي تبحث عن الحد من الفساد تعرف جيدا آليات ذلك والتنفيذ يبقى حسب جديتها ورغبتها في الاصلاح.
إفلات من العدالة
من جهة أخرى اعتبر مصدرنا أن العدالة الانتقالية التي يتم الترويج لها حاليا تعدّ افلاتا من العدالة. ودعا الى ترك القضاء المستقل يقوم بدوره أما العدالة الانتقالية فهي عبارة عن محاولة ايجاد تسوية مع الفاسدين وتدخل في اطار ابتزاز رجال الأعمال على غرار مقترح تقدّم به رئيس حزب يتمثل في احداث رجال الأعمال الفاسدين لمشاريع تنموية للافراج عنهم.وتساءل مصدرنا من نصب هؤلاء للتدخل في القضاء؟ «وكيف يفلت سارق الثور من العقاب لأن له المال ويسجن سارق الدجاجة لأنه فقير؟».
ولاحظ محدثنا أنه تم تخصيص ميزانية ب 8 مليارات و156 مليونا لوزارة العدالة الانتقالية كان من الأجدر انفاقها في مشاريع تنموية ونترك الفساد للقضاء.
التعويض
وتحدّث الاستاذ سامي الرمادي عن ملف التعويضات الذي يشرف عليه وزير هو خصم وحكم لأنه معني بالتعويض واعتبر أن كل هذه الملفات من المفروض أن يتعهّد بها القضاء الاداري الذي من شأنه ان يقدّر الضرر والتعويضات إذا استوجب الأمر ذلك، علما وأن هناك العديد من الذين ظلموا في ترقياتهم لم يكونوا منتمين الى أحزاب ولم يتمتعوا بالعفو العام كما تم جبر ضرر بعض المتضررين في النظام السابق على حساب زملائهم في العمل لذلك فالجهة الوحيدة المخوّلة لانصاف الجميع هي القضاء المستقل.