رهانات عديدة رفعتها المندوبية الجهوية للثقافة بالمهدية من أجل تحريك ودفع الفعل الثقافي في إطار رؤية وأمام بوابة مشروع.. هكذا كان الرهان من أجل ثقاقة بديلة وطرح متجدد يحمل هاجسا فكريا وثقافيا علّ الانتعاشة تعود لهذه المدينة. ولهذا شرعت المندوبية الجهوية للثقافة وعلى رأسها السيد طارق بوجلبان الذي تم تعيينه مؤخرا على رأس المندوبية في إرساء تقاليد فعل ثقافي بديل فكانت الإطلالة الأولى تكريما للذاكرة الموسيقية التونسية من خلال الاحتفاء بالمبدع الفنان عدنان الشواشي الذي منحته المهدية حق قدره ومقداره فكان تكريما داخل إطار منتدى بعثته المندوبية هو منتدى الموسيقى التونسية الذي يحتفل بالمبدعين التونسيين الذين دخلوا في مدار النسيان فكان لقاء حميميا أنعش الذاكرة، وسما بالذوق، حيث قدم المعهد الجهوي للموسيقى بالمهدية بعضا من أشهر أغاني الفنان عدنان الشواشي الذي بان عليه التأثر عند سرد تجربته واسترجاع مساره، كما احتفى به أكاديميا ومعرفيا وفنيا الأستاذان المولدي فروج في كلمة الافتتاح، ولسعد الزواري في مداخلة بعنوان «سيرة عدنان الشواشي الموسيقية من تراثية الأثر إلى حداثة الأسلوب»، لتتجسد هذه التظاهرة احتفاء بمبدع وبمسار موسيقي وبذاكرة...
إن المسار الذي اختارته المندوبية الجهوية للثقافة هو مسار يحتفي بالمبدع التونسي في جل المجالات ومختلف الفنون في إطار إيقاع ثقافي متجدد افتتحت به أشغال الموسم الثقافي الجديد الذي يبقى في انتظار محطات أخرى تحتفي وتكرم المثقفين والمبدعين في ولاية المهدية، وفي انتظار لقاءات تجمعهم بوالي الجهة، وبالمندوب الجهوي للثقافة من أجل وضع خارطة طريق للفعل الثقافي وذلك باستقطاب مبادراتهم والاستماع لهواجسهم، وانتظاراتهم ومقترحاتهم، وخاصة التباحث في مشروع مركز الفنون الدرامية الذي ينتظره أهالي المهدية وكذلك المركب الثقافي الحديث الذي رُصدت له الاعتمادات منذ زمن ليس بقريب لما يمكن أن يساهما به من حركية في مشهد ثقافي يبدو في أمس الحاجة إلى «ضخ» أفكار مغايرة ومجددة.
إن الفعل الثقافي في عاصمة الفاطميين وان بدأ والحق يقال يشهد صحوة وانتعاشة في المدة الأخيرة، إلا أنها لا يجب أن تكون ظرفية، أو مرتبطة ببعض المواعيد الموسمية، بل نبتغيها أن تكون على أسس صحيحة وذات مسار واضح من أجل فعل ثقافي جهوي حقيقي يعيد للمهدية اعتبارها ومكانتها الثقافية والحضارية التي تستحقها.