تلتجئ أغلب النساء بأرياف ولاية جندوبة للعمل بالقطاع الفلاحي لتوفير متطلبات الحياة فينهضن منذ ساعة مبكرة من اليوم للعمل المضني بالحقول ولأكثر من عشر ساعات بأجر زهيد وحقوق مسلوبة ولا احد يدافع عنهن. هؤلاء النسوة يبدأن يومهن منذ الساعات الأولى لانبلاج ضوء الفجر ولا تسل عن حالة رحلة التنقل بين المنازل والحقول فمنهن من يقطعن عدة كيلومترات على القدمين للوصول إلى الحقول ولا عزاء لهن سوى الصبر ومنهن من تتنقلن على متن السيارات والشاحنات في رحلة محفوفة بالمخاطر والحوادث المرورية التي يكون بعضها قاتلا.
والنسوة العاملات المناضلات يصرفن أجرة اليوم رغم مرارة تحصيلها على العائلة في ظل كثرة المصاريف وضرورة تعاون المرأة والرجل من أجل تغطية متطلبات الحياة وكذلك من باب تحصيل لقمة العائلة في ظل تعفف رجال الأرياف عن العمل وانشغالهم باللهو والمرح في المقاهي .
النساء العاملات وبمجرد العودة ينطلقن في ماراطون جديد من العمل المنزلي المتأرجح بين إحضار الأكل وجلب الماء من العيون والآبار والحنفيات إن وجدت وتنظيف الملابس والمنزل وجلب الحطب من الغابة ليكون الموقد للطعام والتدفئة في أماكن قل وندر أن يكون فيها لمواقد الغاز وأجهزة التدفئة مكان ولكل من يشك لحظة في هذا الواقع الذي ففي الحقيقة يخفى ويجهله الكثيرون نقول أرياف فرنانة وعين دراهم وغار الدماء ووادي مليز وبلطة بوعوان وطبرقة وبوسالم تدعوكم لزيارة وعلى كل زائر أن يوفر قوة أعصاب وقلب صبور لأن المشهد يمكن تصنيفه ضمن المشاهد الدرامية بامتياز في ظل صمت رهيب من المنظمات الحقوقية والنقابية ربما لأنها ليست معادلة هامة في صراعاتهم السياسية وفي اجنداتهم الايديولوجية .
حال المرأة الريفية هذا لا ينطبق عليه ما قيل ويقال حول الحقوق المحفوظة والمكاسب الكبرى ومجلة الأحوال الشخصية وهو ما يتطلب تنصيصا على حقوق بعينها في الدستور الجديد ولما لا تلقيب كل عاملة بالفلاحة بالمرأة المجاهدة من أجل لقمة عيش ممزوجة بالعرق المدرار ومنمقة بالتضحيات الجسام بعيدة عن الحسابات المادية والسياسية وحسابها الوحيد في ذلك التضحية من أجل إسعاد الآخرين.