يشكو قسم الاستعجالي بمستشفى فرحات حشاد بسوسة نقائص بالجملة من حيث الإطار الطبي وشبه الطبي أو من حيث المعدّات والأدوية وجودة الخدمات. فزائر قسم الاستعجالي ليلا يقف على حجم المعاناة التي يعيشها أحد أشهر المؤسسات الاستشفائية في تونس.. معاناة لا يجتر مرارتها المرضى القادمون على عجل أو من أقظّت الحمّى مضاجع أطفالهم بل تشمل أيضا الأطباء والممرضين الذين يقضون ساعات طويلة من العمل ويتحمّلون الأذى وسخط المرضى أحيانا مع أنهم ضحايا وليسوا مذنبين ولا حيلة لهم ولا قدرة على تغيير هذا الواقع.
«الشروق» كانت شاهدة على عدّة حالات وصلت مستشفى فرحات حشاد بسوسة في الليلة الفاصلة بين الجمعة والسبت الماضيين حيث غصت قاعة الانتظار بعشرات المرضى معظمهم من الأطفال الذين يشتكون الحمّى أو من المصابين بنزلات برد مفاجئة وبالتهابات في الحنجرة، لكن اللافت في الأمر غياب الأطباء المقيمين وأطباء الاختصاص والاكتفاء باعتماد الأطباء الداخليين وهم في الأصل متربصون يفتقدون للخبرة اللازمة في التعاطي مع بعض الحالات.
ويعمل الأطباء الداخليون في قسم الاستعجالي ساعات طويلة، حيث ذكرت إحدى الطبيبات أنّها تباشر عملها منذ الساعة الواحدة بعد الظهر حتى ساعة متأخرة من الليل بل حتى مطلع الفجر دون انقطاع...
الطبيبة التي كانت مظاهر الإرهاق بادية على وجهها أكّدت أنّ الحركة داخل قسم الاستعجالي لا تكاد تهدأ وأنّها لم تتمكّن من التقاط أنفاسها لتناول شيء من الطعام حتى تقوى على مواجهة ليل طويل مليء بالأتعاب.
واشتكت الطبيبة فضلا عن الاكتظاظ وكثرة المقبلين على القسم والنقص في الإطار الطبي المؤطّر من نقص في المعدّات، ففي هذا القسم آلة واحدة لقيس الحرارة يستخدمها عشرات الأطفال تباعا دون أدنى اعتبار لشروط حفظ الصحة وآلات الكشف عن الحنجرة والأذنين غير متوفرة والأدوية الضرورية للحدّ من الحمّى بصفة عاجلة غير كافية لعشرات الأفواه التي تنتظر دورها.
أين أطباء الاختصاص؟
امرأة شابة كانت تحمل مولودها الجديد الذي لم يتجاوز عمره 18 يوما اضطرّت للانتظار من الساعة الثامنة مساء إلى ما بعد منتصف الليل حتى تكشف الطبيبة عن الرضيع دون ان تتمكّن من تشخيص حالته وتقديم ما يلزمه من العلاج...
واضطرت المرأة إلى انتظار قدوم طبيب مختصّ قد يأتي وقد لا يأتي مع أنّ وضعها الصحي ووضع مولودها لا يحتملان الانتظار. وقد عبّر الحاضرون عن تذمرهم لتدني الخدمات في قسم الاستعجالي إلى هذا الحدّ... ولم تقتصر الشكوى على المرضى بل إن أحد الممرضين صرخ في الحاضرين قائلا «احتجوا، اعتصموا لنغير هذا الوضع... سنموت من شدة التعب وقلة ذات اليد»... فعسى أن تبلغ هذه الصرخة الجهات المعنية ويتحسن حال المستشفى.