سلسلة من الاجتماعات تتصل بالشأن العام انعقدت في المدّة الأخيرة بجهة المنستير تشكل بعض المعطيات فيها مؤشرات لمشهد سياسي جديد بدأ يتشكل في المنطقة. لقد كانت الاجتماعات التي عقدتها حركة النهضة في مدن مثل جمال وقصر هلال وغيرهما تمثل مستندات تبين حجم انتشار الحركة في الولاية، وهذا بدا واضحا في نتائج انتخابات 23 أكتوبر السابقة لكن في المقابل شكل الاجتماع العام الذي نظمه المكتب الجهوي لحركة «نداء تونس» مؤخرا بالمنستير مناسبة للوقوف على الصدى الواسع الذي تلقاه هذه الحركة في الجهة.
وفي الأيام الأخيرة نظم حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي، اجتماعا جهويا عاما في نفس المدينة لم يشهد نفس درجة البهرج والحضور الذي شهده اجتماع حركة «نداء تونس» لكنه كشف عن تنامي انتشار المسار في الولاية وتزايد ثقله فيها...
من ناحية أخرى وفي نفس السياق كان حضور القيادي في الجبهة الشعبية حمّة الهمامي إلى مدينة بنان في إطار تظاهرة ثقافية احتفت بكتابه «مطارحات حول المرأة» فرصة أكّدت أنّ هذا المناضل بدأ جني ثمار مساره النضالي المشهود به عند القاصي والداني فالندوة التي كانت ثقافية في صيغتها مشبعة بالسياسي في مضمونها شهدت إقبالا جماهيريا معتبرا نسبيا كما شهدت يسرا في التواصل بين رمز حزب العمال التونسي والحاضرين في جهة لم يكن متاحا فيها في الماضي القريب للسيد حمة أن يحاور عموم الناس وخاصّتهم بمثل ما لاحظنا من اليسر والحميمية أحيانا...
وغير بعيد عن الوقائع السابقة شكّل إضراب أساتذة التعليم الثانوي في الجهة في المدّة الأخيرة مناسبة أخرى لرصد تغيرات تطرأ على مشهد الشأن العام في ولاية المنستير إذ بلغ هذا الإضراب حسب مصادر نقابية رقما قياسيا في نسب المشاركة على نحو قد يكون محرارا دقيقا لمزاج الرأي العام في الجهة.
من ناحية أخرى وفي سياق متصل لا يمكن أن نمرّ على نوعية الجمهور الحاضر في اجتماعات الشأن العام المنعقدة في ولاية المنستير في الأيام الأخيرة دون الوقوف على ازدياد ملحوظ في نسبة الحضور النسائي ونوعيته، فقد تكاثر حضور العنصر النسائي من المحجبات وغير المحجبات على حدّ سواء وهنّ لم يكتفين بمجرد الوجود الشكلي بل لقد لاحظنا في أكثر من مناسبة أنّ جرأتهن في أخذ الكلمة والمحاورة كانت لافتة للانتباه.
إحدى المتدخلات أرجعت هذا الأمر في حديث معها إلى رد فعل فطري ينطلق من هاجس الخوف من خطر فغر فاه و بدأ يتهدد حقوق المرأة و مكتسباتها...
ختاما تلك مجموعة من الوقائع الموضوعية رصدناها بعين الملاحظ ونميل الى اعتبارها إشارات أولية قد ترتقي الى مستوى المؤشرات الدّالة على بدايات تشكل مشهد سياسي جديد في جهة المنستير بعد ثورة كسرت القيود والخشية من سطوة الحزب الواحد المهيمن على تفاصيل حياة الناس.