الجزائر تؤكد دعمها لإيران وتدين "العدوان الإسرائيلي"    ملتقى تونس الدولي للبارا ألعاب القوى: العناصر التونسية تحرز 9 ميداليات من بينها 5 ذهبيات    الكاف: تطوير القطاع الصحي بتدعيم طب الاختصاص وتوفير تجهيزات متطورة (المدير الجهوي للصحة)    عاجل/ الصين تدعو مواطنيها إلى مغادرة إيران في أسرع وقت..    عاجل/ بعد انذار بوجود قنبلة..طائرة تابعة لهذه الخطوط تغير مسارها..    تونس ترشّح صبري باش طبجي لقيادة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية    المائدة التونسية في رأس السنة الهجرية: أطباق البركة والخير    بعد التهام 120 هكتارًا من الحبوب: السيطرة على حرائق باجة وتحذيرات للفلاحين    الحرس الثوري: استهدفنا مقر الموساد في تل أبيب وهو يحترق الآن (فيديو)    بشرى للمسافرين: أجهزة ذكية لمكافحة تزوير''البطاقة البرتقالية'' في المعابر مع الجزائر وليبيا    انطلاق التسجيل بداية من يوم الخميس 19 جوان الجاري في خدمة الإرساليات القصيرة للحصول على نتائج البكالوريا    عاجل : ''طيران الإمارات'' تمدد تعليق رحلاتها إلى 4 دول    تعرفش علاش الدلاع مهم بعد ''Sport''؟    منوبة: الانطلاق في تزويد المناطق السقوية العمومية بمياه الري بعد تخصيص حصّة للموسم الصيفي ب7,3 مليون متر مكعب    الدورة 12 من الملتقى الوطني للأدب التجريبي يومي 21 و 22 جوان بالنفيضة    افتتاح مركز موسمي للحماية المدنية بفرنانة تزامنا مع انطلاق موسم الحصاد    عاجل/ رئيس الدولة يفجرها: "لا أحد فوق المساءلة والقانون..ولا مجال للتردّد في إبعاد هؤلاء.."    6 سنوات سجنا لنائب سابق من أجل الإثراء غير المشروع    أبرز ما جاء في لقاء رئيس الدولة بوزيري الشؤون الاجتماعية والاتصال..    الحماية المدنية : إطفاء 192 حريقا خلال ال 24 ساعة الماضية    قائد عسكري إيراني: شرعنا باستخدام أسلحة جديدة ومتطورة    عاجل/ آخر مستجدات أخبار قافلة الصمود لفك الحصار على غزة..    عبدالله العبيدي: إسرائيل تواجه خطر الانهيار وترامب يسارع لإنقاذها وسط تصاعد الصراع مع إيران    بعد السقوط أمام فلامنجو... الترجي في مواجهة هذا الفريق بهذا الموعد    لا تفوتها : تعرف على مواعيد مباريات كأس العالم للأندية لليوم والقنوات الناقلة    لاتسيو الإيطالي يجدد عقد مهاجمه الإسباني بيدرو رودريغيز حتى 2026    هيونداي 9 STARIA مقاعد .. تجربة فريدة من نوعها    الطقس اليوم: حرارة مرتفعة..وأمطار مرتقبة بهذه الجهات..    موعد إعلان نتائج البكالوريا 2025 تونس: كل ما تحتاج معرفته بسهولة    مطار طبرقة عين دراهم الدولي يستأنف نشاطه الجوي..    تحويلات التونسيين والسياحة تغطي أكثر من 80٪ من الديون الخارجية    121 حريق تسبّبت في تضرّر أكثر من 200 هك منذ بداية جوان: إقرار لجان تحقيق مشتركة للبحث في ملابسات اندلاع الحرائق    سر جديد في القهوة والأرز... مادة قد تحميك أكثر من الأدوية!    عدد ساعات من النوم خطر على قلبك..دراسة تفجرها وتحذر..    كيف سيكون طقس اليوم الثلاثاء ؟    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي ينهزم أمام نادي فلامينغو البرازيلي    ‌الجيش الإسرائيلي: قتلنا رئيس أركان الحرب الجديد في إيران علي شادماني    عاجل: أمر مفاجئ من ترامب: على الجميع إخلاء طهران فورا    كأس العالم للأندية: التشكيلة الأساسية للترجي الرياضي في مواجهة فلامينغو    كأس العالم للأندية: تعادل مثير بين البوكا وبنفيكا    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    يهم اختصاصات اللغات والرياضيات والكيمياء والفيزياء والفنون التشكيلية والتربية الموسيقية..لجنة من سلطنة عُمان في تونس لانتداب مُدرّسين    المندوبية الجهوية للتربية بمنوبةالمجلة الالكترونية «رواق»... تحتفي بالمتوّجين في الملتقيات الجهوية    في اصدار جديد للكاتب والصحفي محمود حرشاني .. مجموعة من القصص الجديدة الموجهة للاطفال واليافعين    تونس تحتضن من 16 الى 18 جوان المنتدى الإقليمي لتنظيم الشراء في المجال الصحي بمشاركة خبراء وشركاء من شمال إفريقيا والمنطقة العربية    تجديد انتخاب ممثل تونس بالمجلس الاستشاري لاتفاقية حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه لليونسكو    تونس تدعو إلى شراكة صحّية إفريقية قائمة على التمويل الذاتي والتصنيع المحلي    "مذكّرات تُسهم في التعريف بتاريخ تونس منذ سنة 1684": إصدار جديد لمجمع بيت الحكمة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خمسيات آدم فتحعي : أنا أو لا أحد!!
نشر في الشروق يوم 13 - 12 - 2012

أنا أو لا أحد! عبارة تختزل ذهنيّة منظومة الاستبداد والفساد التي ثار عليها شعبنا. من هذه الذهنيّة تستمدّ الممارسة السياسيّة عوَجَها وعلى هذه الذهنيّة ينشأ الفقر والتهميش والبطالة وتزوير اللعبة السياسيّة وتعطيل الفكر والإبداع وترويع كلّ مخالف وتخوين كلّ معارض وتشويه كلّ محتجّ.

أنا أو لا أحد! إستراتيجيّةُ حُكْمٍ تعني في جملة ما تعني السعي إلى الهيمنة على الإدارة والقضاء والإعلام والأمن ومحاولة دقّ إسفين بين الشعب ومثقّفيه ومنظّماته النقابيّة والحقوقيّة وتوظيف الديمقراطيّة لتضليل المواطنين وقمعهم وسنّ القوانين على القياس وعدم المساواة لا أمام القانون ولا بين الناس.

أنا أو لا أحد! هذا هو الشعار الذي وقف طيلة عقود وراء رصّ المقابر والسجون بخيرة شباب تونس ومحاولة ضرب الشعب بعضه ببعض والبحث أكثر من مرّة عن تعلاّت لتركيع منظّمات المجتمع المدنيّ وتحديدًا المنظّمة النقابيّة.

على هذا الشعار وعلى الذهنيّة التي يعبّر عنها ثار شعبُنا. وليس من تحصينٍ للثورة أفضل من تطبيق الشعارات التي رفعها شعبُنا أهدافًا لثورته: العمل والحريّة والكرامة.
لو فهم حُكّامُنا الجُدد هذه الشعارات لعرفوا أنّ شعبنا يريد القطع نهائيّا مع الديكتاتوريّة المافيوزيّة كانت أم عسكريّة أم ثيوقراطيّة ولسدّوا الباب أمام العنف الميليشيويّ ولوفّروا على البلاد الكثير من الأزمات ولما حصل ما حصل لمفكّرينا ومبدعينا وإعلاميّينا ولما حدث ما حدث في سليانة وقبلها في سيدي بوزيد وفي قابس وفي غيرها ولما سمح البعض لنفسه باستهداف الاتّحاد العامّ التونسيّ للشغل في سابقة يندى لها الجبين.

لو طبّق حُكّامُنا الجُدُد هذه الشعارات لما سمحوا لبعضهم، كي لا نعمّم، بإعادة إنتاجها، ولوفّروا علينا كلّ هذا البطء في معالجة المشاكل الاجتماعيّة والاقتصادية وكلّ هذا التلكّؤ في كتابة الدستور وفي تأمين انتخابات نزيهة وفي محاسبة المجرمين وفي إنصاف الشهداء والجرحى والمناضلين وفي دسترة حقوق الإنسان وفي تأمين استقلال القضاء والإعلام.

أنا أو لا أحد! على هذا الشعار وعلى ذهنيّته ثار شعبُنا. وإنّ من الضروريّ العاجل لمن يقود هذه المرحلة أن يفهم بشكل حاسم ونهائيّ أنّه لم يعد ممكنًا لأيّ حاكم لا راهنًا ولا مستقبلاً أن يفرض على المجتمع التونسيّ أيّ شيء بالقوّة.
انتهى شعار أنا أو لا أحد وانتهى معه إلى غير رجعة، حتى إن لم يتّضح ذلك فورًا، الزمنُ الذي توّهم فيه البعض أنّ في وسعه وضع قدمه على عنق البلاد صارخًا أنا الدولة والدولة أنا! فيردّ الصدى: سمعنا وأطعنا. بايعناك بايعناك!

لن يفعل الشعب التونسيّ ذلك لا حاضرًا ولا مستقبلاً لأنّه لم يفعل ذلك قبْلاً بل صبر وصابر حتى أنضجَ لحظتَه. تلك طبيعته. وإذا لم يفهم البعض ذلك فليعْلَم أنّ لكلّ شيء ثمنه وأنّ للانفراد بالسلطة تحديدًا أفدح الأثمان. وإنّ أوّل أثمان الانفراد بالحكم الانفراد بتحمُّل التبعات.

وإذا كان في الأكثريّة الحاكمة من يحلم بزمن الرعيّة المستكينة فليعْلَم أنّ الهرولة إلى الوراء باتت مستحيلة ولينتبه إلى أنّ فرض الخيارات بالقوّة لم يعد ممكنًا وليعلم أنّ الحريّة والكرامة تنتصران دائمًا طال الزمن أم قصر، وليستيقظ على عصر الأنترنات والمواطن المتحرّر، وليتأكّد من أنّ الشعب الذي يمنح الشرعيّة في الانتخابات لا يعتبرها صكًّا على بياض حتى الانتخابات القادمة، فهو السيّد وهو الذي يحدّد قواعد اللعبة وهو الذي يختار موعد تصحيحها أو تغييرها والخروج عليها.

وإذا كان في الأكثريّة الحاكمة من يغار بصدق على هذه البلاد، ولديَّ أملٌ في ذلك، فليعمل ما يجب عمله لجعل هذه الأمور بمنأى عن كلّ شكّ. وهو ما يتطلّب الاعتراف بالأخطاء والإنصات إلى هموم الناس ووضع حدٍّ نهائيّ للأيدي المُسلّحة والقبول بمجتمع ديمقراطيّ يستظلّ بمبادئ حقوق الإنسان والتحاور الحقيقيّ مع مؤسّساته النقابيّة والحقوقيّة والمدنيّة وإبعاد وزارتي الداخليّة والعدل عن كلّ شبهة حزبيّة والحرص على تأمين استقلال القضاء والإعلام بشكل لا لبس فيه.

عندئذ تطمئنّ النفوس ويتجدّد الصبر ويتغلّب التوافق. وليست هذه الأمور مطلوبة لمعالجة الاحتقان الراهن فحسب بل هي مطلوبة أيضًا وبشكل عاجل، لإعادة الثقة في الانتخابات القادمة وفي اللعبة السياسيّة ككلّ.

إنّ كلّ امتحان انتخابيّ يدور في ظلّ انعدام الثقة الراهن لن يفضي إلاّ إلى شرعيّة هشّة مشكوك فيها، مآلُها المزيد من العنف والمزيد من تضييع أهداف هذه الثورة الممكنة التي مازالت تحتاج إلى عمل كبير كي تتحوّل إلى ثورة حقيقيّة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.