أطلق خبراء ومختصون في المجال السياحي صيحة فزع حول الوضع الذي آلت إليه السياحة الصحراوية بجهة الجريد التي كانت إلى وقت غير بعيد إحدى أهم قوى الجذب السياحي في بلادنا.. وضعية تتطلب تدخلا عاجلا من كل الاطراف المعنية .. غلق 15 نزلا سعتها 2330 سريرا.. تراجع عدد السياح الوافدين على ولاية توزر إلى 73 ألفا وعدد الليالي المقضاة بالجهة إلى 122 ألفا بعد ان ظل العدد من سنة 2000 إلى سنة 2010 يفوق سنويا 300 ألف زائر يقضون كل عام ما بين 500 و700 ألف ليلة ..
أرقام مفزعة حول السياحة الصحراوية ، وهي مرشحة لمزيد التفاقم بالنسبة إلى سنة 2012 ، تم تداولها مؤخرا في ملتقى حول واقع وآفاق السياحة والفلاحة بالجريد نظمته «الجمعية العالمية لأصدقاء الجريد»، وتأتي هذه الأرقام لتؤكد أن السياحة الصحراوية في تونس، التي تُعد منتوجا فريدا من نوعه في حوض المتوسط ، وتوفر مدخولا هاما من العملة الصعبة لتونس ، تحتضر من سنة إلى أخرى بعد الثورة.
أسباب
من بين الأسباب التي كانت وراء تراجع أداء السياحة الصحراوية بجهة توزر بعد الثورة تتالي الحركات الاحتجاجية لعمال القطاع السياحي بالجهة مما أدى إلى غلق أهم الوجهات السياحية والفندقية بالجهة . وحسب السيد عبد الرزاق شريط ، وهواحد مؤسسي السياحة الصحراوية في توزر ، فقد أدى الغلق إلى تراكم ديون أصحاب النزل والمؤسسات السياحية بالجهة وهوما جعلهم يجدون صعوبات كبرى في الخلاص وفي إعادة تنشيط مشاريعهم .
ويذكر أن عبد الرزاق شريط قرر مؤخرا العودة إلى توزر بعد أن غاب عنها أكثر من عام ونصف ( اثر الحركات الاحتجاجية)، وقد قرر إعادة فتح الفضاء الترفيهي «شاق واق » يوم 15 ديسمبر الجاري في انتظار إعادة فتح متحف دار شريط وهوما سيُعيد تنشيط الحركة السياحية بالجهة حسب ما يتوقعه الخبراء .
ومن جهته ذكر الخبير الاقتصادي حسن الزرقوني خلال الملتقى ان من بين الاسباب أيضا تراجع الرحلات الجوية الداخلية والخارجية المتجهة لمطار توزر وعدم انتظامها إضافة إلى تعطل الاستثمار (بسبب غياب التشجيعات اللازمة) في المجالات الجديدة للسياحة الصحراوية بالجهة والاكتفاء بالنمط التقليدي.
لم شمل الجريدية
إضافة إلى لفت نظر السلطات حول هذه الوضعية الخطيرة للقطاع السياحي فإن جمعية أصدقاء الجريد ، التي يرأسها السيد الهاشمي بلوزة ، تسعى إلى «لمّ شمل الجريدية» سواء الموجودين في توزر اوخارجها اوخارج حدود الوطن وذلك قصد تشريكهم في كل التصورات الممكنة لإنقاذ ما يمكن انقاذه . وكشف الهاشمي بلوزة ان ما لا يقل عن 250 ألف جريدي يعيشون خارج الجريد منهم رجال اعمال ومقيمون بالخارج قادرون على الاستثمار السياحي المُتجدد في الجهة وسيقع حثهم شيئا فشيئا على الاستثمار عبر التعريف بمختلف الفرص الممكنة. وفي هذا الإطار بادر رجل الأعمال أصيل الجهة رؤوف قيقة بالاعلان عن بعث مشروع وحدة استشفاء بالمياه الطبيعية بتوزر بتكلفة 60 مليون دينار يوفر حوالي 400 ألف موطن شغل ومشروع ثان لكلية طب وصيدلة بتوزر موجهة إلى الأجانب غير المقيمين بتكلفة 94 مليون دينار ويوفر حوالي 1000 موطن شغل .
ديون ونقل جوي
اقترح مختصون آخرون ضرورة الغاء الديون المتراكمة للمؤسسات الفندقية وضرورة وقوف الدولة إلى جانبها في ما يتعلق بالجانب الاجتماعي للعاملين بالقطاع إلى جانب مشاركة الدولة أكثر فاكثر في تهيئة البنية الاساسية الضرورية لبعث المشاريع المستحدثة في مجال السياحة الصحراوية ( السياحة الاستشفائية بالمياه الصحراوية الساخنة – سياحة الاستراء – سياحة الصناعات التقليدية والواحات ...) ومزيد العناية بالطرقات وبالمسالك السياحية الصحراوية أوداخل الواحات في مختلف أرجاء الولاية وبالسياحة الثقافية في الجهة . كما اقترح آخرون ضرورة تكثيف الرحلات الجوية الداخلية والخارجية من وإلى مطار توزر وإليه لتشجيع السياح والتونسيين على التوجه إلى المنطقة في ظروف مريحة .