عاجل/ هذا ما قررته محكمة التعقيب بحق المتهمين في قضية "انستالينغو"..    مجلس وزاري يتابع إجراءات مختلف الوزارات استعدادا لعودة التونسيين بالخارج إلى أرض الوطن..    280 مؤسسة توفر 100 ألف موطن شغل تونس الثانية إفريقيا في تصدير مكونات السيارات    بورصة تونس ..مؤشر «توننداكس» يبدأ الأسبوع على ارتفاع    أخبار المال والأعمال    تحطم طائرة عسكرية من نوع "إف 35" في ولاية نيومكسيكو الأمريكية (فيديو)    الاحتلال يترقب قرارا من غوتيريش يصنفها "قاتلة أطفال"    رونالدو يشد عشاقه بموقفه الرائع من عمال الملعب عقب نهاية مباراة النصر والاتحاد (فيديو)    اليوم في رولان غاروس .. أنس جابر من أجل الدور الثالث    الرابطة في مأزق...الترجي يطالب باحترام الرزنامة    جينيف: وزير الصحة يؤكد الحرص على التوصّل لإنشاء معاهدة دولية للتأهب للجوائح الصحية    نبيل عمّار ل«الشروق»...انتظروا اتفاقيّات نوعية بين تونس والصين    قريبا يشرع البرلمان في مناقشته هذه ملامح القانون الجديد للشيك دون رصيد    الحزقي: قريبا رقمنة الرقابة الإدارية    موجة اعترافات أوروبية جديدة بدولة فلسطين ...تسونامي يعصف بالاحتلال    بنزرت: الاذن بالاحتفاظ بشخص وفتح بحث تحقيقي من اجل اضرام النار عمدا بمنقولات في حادث نشوب حريق بمستدودع الحجز البلدي    تشييع الجندي المصري ضحية الاشتباك مع الإسرائيليين على معبر رفح    نائب فرنسي يرفع علم فلسطين خلال جلسة الجمعية الوطنية الفرنسية    بن عروس: متابعة ميدانية لوضعية المحصول بالمساحات المخصّصة للزراعات الكبرى    بطاقة إيداع بالسجن ضد سمير العبدلي من أجل شبهات جرائم إرهابية    نقص فرص العمل عن بعد وضعف خدمات رعاية الأطفال يمثلان عائقا رئيسيا لوصول النساء إلى سوق العمل (دراسة)    تصفيات كاس العالم 2026:غدا الاعلان عن قائمة لاعبي المنتخب التونسي    ملعب غولف قرطاج بسكرة يحتضن نهاية هذا الاسبوع كاس تونس للغولف    البطولة السعودية: نزول فريقي سعد بقير وأيمن دحمان الى الدرجة الثانية    قفصة: الدفعة الثالثة والأخيرة من حجيج الجهة تغادر اليوم في إتجاه البقاع المقدّسة عبر مطار قفصة-القصر الدولي    تعظيم سلام يا ابن أرض الرباط ... وائل الدحدوح ضيفا على البلاد    قبل جولته الأدبية في تونس العاصمة وعدة جهات، الكاتب جلال برجس يصرح ل"وات" : "الفعل الثقافي ليس فقط في المركز"    افتتاح الدورة السادسة للمهرجان الدولي للموسيقيين والمبدعين من ذوي وذوات الإعاقة بعد أكثر من 4 سنوات من الغياب    الشركة التونسية للكهرباء والغاز تطلق خدمة إلكترونية جديدة    وزير الصحة يشارك في مراسم الاعلان عن مجموعة أصدقاء اكاديمية منظمة الصحة العالمية    وزارة الصحة تنظم يوما مفتوحا بعدد من الولايات للتحسيس بمضار التدخين في اليوم العالمي للامتناع عن التدخين    الليلة أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 18 و28 درجة    قابس: الاحتفاظ بشخص مفتش عنه وحجز كمية من الهواتف الجوالة المسروقة    جنيف: وزير الصحة يستعرض الاستراتيجيات والخطط الصحية الوطنية في مجال علاج أمراض القلب    المنستير: أجنبي يتعرّض ل'براكاج' والأمن يتدخل    عملية بيع تذاكر'' الدربي'' : الأسعار... متى و أين ؟    لدعم خزينته: الأولمبي الباجي يطرح تذاكرا افتراضية.. وهذا سعرها    فتح باب الترشح للدورة 36 لمهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية    بداية من اليوم.. مدينة الثقافة تحتضن الدورة السادسة للمهرجان الدولي للموسيقيين والمبدعيين من ذوي الإعاقة    عاجل : شكاية جزائية ضد وزيرة العدل ليلى جفال    عاجل : الديوانة بميناء حلق الوادي تحبط محاولة تهريب'' زطلة و مخدرات ''    تذمّر المواطنين بسبب غلاء أسعار الأضاحي..التفاصيل    لأول مرة.. إعتماد هذا الإجراء مع الحجيج التونسيين    حادث مرور مروّع في القصرين    وزير التجارة الجزائري يدعو إلى عقد منتدى أعمال ثلاثي جزائري تونسي ليبي    عاجل :عطلة بيومين في انتظار التونسيين    هيونداي تونس تتوج بعلامة "أفضل علاقات عامة" في المؤتمر الإقليمي لشركة هيونداي موتور في جاكرتا    قفصة: القبض على 5 أشخاص من أجل ترويج المخدّرات    هذا فحوى لقاء رئيس الدولة بالصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح..    في الملتقى الوطني للتوعية والتحسين البيئي... ياسين الرقيق يحرز الجائزة الأولى وطنيا    في إطار تظاهرة الايام الوطنية للمطالعة بعين دراهم ...«الروبوتيك» بين حسن التوظيف والمخاطر !    فضيحة الساعات الفاخرة 'روليكس' تلاحق رئيسة بيرو    4 ألوان تجذب البعوض ينبغي تجنبها في الصيف    بن عروس : اختتام الدورة الثالثة والثلاثين لمهرجان علي بن عياد للمسرح    أولا وأخيرا «عظمة بلا فص»    أليست الاختراعات التكنولوجية كشفٌ من الله لآياته في أنفس العلماء؟    معهد الفلك المصري يكشف عن موعد أول أيام عيد الأضحى    مواقف مضيئة للصحابة ..في حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العدوان والدفاع الشرعي من منظور القانون الدولي والممارسة الاسرائيلية والأمريكية
نشر في الشروق يوم 24 - 12 - 2012

العدوان هو كل عمل عسكري برّي جوي أو بحري ينتهك السيادة الاقليمية للدولة أو استقلالها السياسي يؤدي الى مسؤولية دولية للدولة المعتدية ويتكفل بردعه مجلس الأمن الدولي عملا بأحكام الفصل السابع من الميثاق وتحديدا المواد 39 الى 42 منه ويفتح المجال للتقاضي أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد القادة السياسيين والعسكريين للدولة المعتدية وذلك من أجل جريمة العدوان التي أقرها ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية وفي المقابل يفتح العدوان المجال أمام الدولة المعتدى عليها لممارسة حقها في الدفاع الشرعي بشرط أن يكون العدوان قد وقع وأن يكون الرد متزامنا معه وان يتناسب الرد على العدوان مع العدوان ويتناسب الدفاع مع الهجوم حتى لا يتحوّل الرد على العدوان الى عدوان في حد ذاته على أن يقع اعلام مجلس الأمن بجميع تلك الاجراءات حتى يتحمل مسؤولياته لاحقا في ردع العدوان والحفاظ على السلم والأمن الدوليين.

لكن تلك مقولات قانونية أضحت مهجورة في واقع العلاقات الدولية المحكوم بالقوة أين أعطيت مفاهيم مغايرة للعدوان وحق الدفاع الشرعي الى درجة شرعية العدوان بتعلة ممارسة حق الدفاع الشرعي لمنع عدوان وارهاب محتمل وامتلاك محتمل لأسلحة الدمار الشامل وكل هذا يتنزل في اطار الحروب الوقائية والضربات العسكرية الاستباقية التي طالما برّرتها اسرائيل وأمريكا فلاقت الانتقاد تارة والاستحسان تارة أخرى الى أن وقع تكريسها فعليا بعد هجمات 11 سبتمبر.

فإذا كان من منظور القانون الدولي أن قصف مركز البحوث النووي العراقي تموز سنة 1984 وقصف مقر القيادة الفلسطينية في حمام الشط في تونس سنة 1985 واغتيال أبو جهاد سنة 1988 وقصف مصنع الاسلحة بالخرطوم سنة 2012 والاعتداء الحالي على غزة من قبيل الاعمال العسكرية العدوانية فإن اسرائيل تعتبره دفاع شرعي لمنع عدوان أو ارهاب محتمل وامتلاك محتمل لأسلحة الدمار الشامل وقد تدعم هذا المفهوم كذلك أمريكا خاصة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر إذ تم احتلال افغانستان سنة 2001 الى الآن بتعلة الدفاع الشرعي ومقاومة الارهاب ليقع احتلال العراق لاحقا سنة 2003 بتهمة احتمال امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل التي ثبتت عدم صدقيتها وقد سقط في فخ هذا المفهوم مجلس الأمن وخاصة العرب والمسلمين فالمجلس أعطى صكا على بياض للقوى العظمى لشن الحروب عملا بقراراته 1368 و1973 لسنة 2001 المتعلقة بافغانستان إذ أعطى القرار 1973 الحق لأي دولة في اعلان الحرب متى تشاء وضد من تشاء إذا اشتبهت أو تأكدت بأن الطرف الآخر يمارس أو يحضّر للارهاب وأن ما سيقوم به هو عمل ارهابي وذلك دون اعتماد أية مرجعية أخرى مثل مجلس الأمن أما العرب والمسلمين ففيهم من ساند وفيهم من صمت حيال احتلال العراق بتعلة امتلاكه للاسلحة المحظورة ودون إذن من مجلس في تجاوز واضح وتأويل منصف للقرار 1441 لسنة 2002 الذي يشترط صدور قرار جديد يبيح التدخل العسكري في العراق خاصة وان القرار 678 لسنة 1991 تحدث في فقرته ح13 عن شرق أوسط خالي من أسلحة النمار الشامل ولكن لا أحد طالب بضرورة إلتزام اسرائيل به.

وحيال هذا الصمت ثم الشرعنة للمفاهيم الجديدة للعدوان والدفاع الشرعي المسوّقة أمريكيا واسرائيليا عادت ما يسمّى بالحروب الوقائية والضربات المباغتة والاستباقية الى مسرح الأحداث في العلاقات الدولية حيث أن من أهم قواعد تلك الحروب الوقائية هي اعتمادها على الضربات المباغتة دون انتظار انكشاف الأدلة العدوانية للطرف الآخر المقصود وهو ما أوضحه وزير الدفاع الأمريكي الأسبق رامسفيلد في اجتماع لوزراء دفاع الحلف الأطلسي ببروكسال بتاريخ 6 جوان 2002 حيث قال ان الحلف الأطلسي لا يمكن أن ينتظر الدليل الدامغ حتى يتحرّك ضد المجموعات الارهابية أو يهدد الدول التي تملك الأسلحة الكيمياوية والبيولوجية والنووية الأمر الذي يهدد السلم والأمن الدوليين ويعرضهما الى الخطر ويجعل الاستقرار العالمي رهين بالإرادة الأمريكية المنفردة غير الملتزمة بأي سلطة دولية أخرى غير السلطة الأمريكية.

ومن هذا المنظور يعتبر الآن أوباما أن العدوان الاسرائيلي هو عمل شرعي وردّ على الصواريخ المنطلقة من غزة متناسيا أن الصواريخ انطلقت بعد خرق اسرائيل للتهدئة باغتيالها لأحد القادة الميدانيين ل«حماس» ومن هذا المنظور سيقع التعامل مع طهران في أقصى الأحوال الربيع القادم خاصة بعد سقوط دمشق وتنامي الاتجاه المخالف للقانون الدولي والمصمم على تسليح ثوار سوريا وما العدوان على غزة إلا مقدمة وجسّ نبض لموقف دول الربيع العربي وخاصة مصر ولكن في كل الأحوال الواقع العربي غير قادر على تعبئة تحالف عسكري ضد اسرائيل ولا حتى ضغط دبلوماسي داخل مجلس الزمن لفرض حظر جوي فوق غزة وإدانة العدوان وذلك بفعل الفيتو الأمريكي أما مستقبل الأيام فسيكشف أن الخليج والشرق الأوسط على أبواب حروب وقائية وضربات استباقية وأن الحسم العسكري بات وشيكا وربيع 2013 نقطة الصفر فاليوم غزة وغدا دمشق وما بعد غد طهران بدءا من ولاية أخيرة لأوباما التي ستجعله في حل من كل التزام وملامح ذلك بدأت منذ الأسبوع الأول من انتخابه حيث وقع اشتباك جوي بين طائرة أمريكية ومقاتلات إيرانية فوق مياه الخليج مع وعيد بالردّ القاسي من طرف الإدارة الأمريكية تلاه التزام واضح برفض التوجّه الفلسطيني للأمم المتحدة للمطالبة بعضوية غير قارة وصولا الى تبرير العدوان الحالي على غزة.

في انتظار ما ستفرزه الانتخابات الاسرائيلية المزمع إجراؤها في 22 جانفي 2013 وما سيحصده تحالف الليكود بيتنا من نتائج وهو تحالف بين حزبين يمينيين متطرفين الليكود بزعامة نتنياهو وإسرائيل بيتنا بزعامة ليبرمان وما العدوان على غزة إلا حملة انتخابية مسبقة للتأثير على الناخب الاسرائيلي واستميال الأحزاب الدينية وهكذا تذهب دوما الدماء العربية وقودا للانتخابات الأمريكية والاسرائيلية ليقع تكريس مفهوم أمريكي وإسرائيلي مغلوط للعدوان والدفاع الشرعي في إطار زيف واضح للشرعية الدولية.

الأستاذ علي الهرّابي (سوسة)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.