أمام جمهور غفير غصت به قاعة العرض لمسرح مدينة تونس، قدم الثنائي لمين ومحمد علي النهدي عملهما «زميقري» وهو عمل من نوع مسرح الممثل الواحد وكما يطلق عليه «الوان مان شو».. المسرحية من اخراج لمين النهدي وتمثيل نجله محمد علي النهدي. «زميقري» مواطن تونسي كان يعيش في المهجر لفترة طويلة، وقرر بعد الثورة العودة الى أرض الوطن، ليكتشف ما حدث من متغيّرات مناقضة تماما لانتظاراته..
كوميديا سوداء
«الزمقري» حدثنا عن الفوضى التي عمت البلاد وخاصة تونس العاصمة، عن المخدرات التي انتشرت وصارت تروج في العلن، حدثنا عن الأحزاب التي تكاثرت كالنمل، وعن العنف.. وغيرها من المظاهر الاجتماعية التي ميّزت فترة ما بعد الثورة..
محمد علي النهدي او «الزمقري» طرح كل هذه المشاكل بشكل ساخر تعقبه مرارة، فكانت مسرحيته مثل نوع «الكوميديا السوداء» فضحكنا طويلا لكننا تألمنا أكثر.. لم أشاهد في السابق «دالي» النهدي على ركح المسرح، لكن في «الزمقري» برهن أنه ممثل من طراز رفيع، تقمص العديد من الشخصيات بحرفية عالية، ونجح في تجسيد «المنحرف» (بابيون) والشاذ «زبقليوة» والشاعر (الأستاذ التعيس) وغيرها من الشخصيات المختلفة في تركيبتها بنفس الدقة وذات الحرفية..
حرفية في الأداء
ليس هذا فحسب، لقد برهن النهدي الممثل انه متعدد الاختصاصات وذلك من خلال مشاهد الرقص التي أبرزت قدرته على تطويع جسده لأدائها.
أكيد ان وراء حرفية والأداء المميز لمحمد علي النهدي، أحد روّاد فن الكوميديا في تونس، وأحد رموزها الأفذاذ وهو مخرج العمل الفنان لمين النهدي الذي ركّز في انجاز هذا العمل على القدرات الذاتية وموهبة محمد علي في غياب اي متممات ركحية أخرى أو ديكور فالركح كان خاليا الا من الممثل ولم يقع توظيف الا المؤثرات الموسيقية، او الإنارة التي كانت عنصرا فاعلا في المسرحية وتم توظيفها بشكل دقيق وإيجابي.
على امتداد ساعتين، كان محمد علي يروي مغامرات «الزمقري» بإيقاع سريع جعل الزمن يمرّ بسرعة... ساعاتان من الضحك، وقف بعدها الجمهور طويلا لتحية الممثل والمخرج.
بعد «صنع في تونس» و«تونسي . Com» «الزمقري» ستشكل الحدث المسرحي خلال الموسم الجديد وفي مهرجانات هذا الصيف.