حضور أمني استثنائي شهدته الطرقات ومداخل المدن والمناطق السياحية منذ حوالي 4 أيام، لكنه تكثف طيلة نهار أمس بشكل لافت للانتباه.. مشهد جعل ردود الأفعال تتراوح بين الاطمئنان والخوف خاصة مع تزامن ذلك بمناسبة الاحتفال برأس السنة الإدارية. كشفت جولة قامت بها « الشروق « صباح أمس ان المشهد بالمداخل الرئيسية الشمالية والجنوبية والغربية للعاصمة كان لافتا للانتباه: حواجز متنوعة ودوريات أمنية مختلفة ومتعددة، بين حرس وطني وشرطة، مجهزة بالسلاح وبالدراجات النارية و بالعربات المختصة.. وبجانب الحواجز سيارات رابضة وأبواب صناديقها الخلفية مفتوحة للتثبت من محتوياتها بعد التثبت من هوية السواق والمرافقين..
من الشمال إلى الجنوب المشهد المذكور تكرر على مستوى مدخل الطريق رقم 8 تونسبنزرت (محول سبالة بن عمار قرب المركب التجاري جيان) وأيضا مدخل الطريق السريعة تونسبنزرت (محطة الاستخلاص سيدي ثابت) ومدخل الطريق رقم 7 تونسماطر (محول بجاوة ومحول قصر السعيد) وكذلك بمختلف محولات المداخل الجنوبية للعاصمة (الطريق رقم 1 والطريق السريعة تونسصفاقس) وبمحولات طريق المرسى وطريق المنطقة السياحية بقمرت وبمحولات الضاحية الشمالية إلى جانب مداخل الطريق السريعة الغربيةتونس وادي الزرقاء والطريق رقم 5 على مستوى محولات المرناقية وبرج العامري ومحولات المروج...
وحسب ما بلغ إلى علمنا من معطيات فإن طرقات المناطق الداخلية ومداخلها وخاصة المناطق الساحلية والمدن الكبرى على غرار سوسةوصفاقس وجربة وتوزر والحمامات ونابل وجرجيس والمعابر الحدودية البرية بالشمال وبالجنوب الغربي وبالجنوب الشرقي شهدت طوال نهار أمس وليلة امس درجة عليا من اليقظة الامنية.
هويات.. وتفتيش
خلال تواجدنا بالقرب من بعض الدوريات الامنية المتمركزة بالأماكن المذكورة، لاحظنا أن عمليات التثبت تشمل هويات سواق وركاب مختلف السيارات الخاصة وعربات النقل العمومي ( لواج تاكسي حافلات ) إلى جانب التثبت من محتويات العربات مع تفتيش دقيق للعربات الاكثر شبهة. والملاحظ أن أغلب النزل الكبرى خصصت على مستوى أبوابها الخارجية أعوانا لتفتيش العربات الوافدة عليها حيث تقع مطالبة السائق بفتح الصندوق الخلفي وهو ما لاحظناه مثلا قرب نزل الشيراتون بالعاصمة وقرب بعض النزل بقمرت.
مخاوف
رغم ارتياح المواطنين للحضور الامني على الطرقات، وهو ما تعودوا عليه في المناسبات والاعياد، إلا أن الشعور بالخوف والخشية من حصول مكروه لا قدر الله كان واضحا امس على الوجوه. فمن المواطنين من اعتبر ان هذا الحضور الامني المكثف انما يدل على ان السلطات الامنية لها معلومات عن امكانية حصول أمر ما ليلة رأس السنة، وعن وجود تهديدات لبلادنا ليلة رأس السنة بالذات خاصة في ظل ما تردد طيلة الايام الفارطة من تكفير للمحتفلين بهذه المناسبة. ولم يستبعد البعض امكانية استغلال هذه المناسبة للقيام بعمل ارهابي ما بإحدى المناطق التي تشهد كثافة ليلة رأس العام على غرار النزل والملاهي والمطاعم والمركبات التجارية.بينما ربط آخرون ما يجري بالأحداث الاخيرة التي شهدتها بلادنا ومنها بالخصوص ما يُروج عن تزايد مخاطر الارهاب وعن تزايد حضور السلاح هنا وهناك.
رأس السنة.. وأشياء أخرى
لم ينف مصدر مسؤول من وزارة الداخلية في تصريح ل «الشروق» الترفيع في درجة اليقظة والحيطة الامنية منذ صباح أمس، لكنه لم يؤكد في المقابل وجود أمر استثنائي تطلب كل تلك الكثافة الامنية. وقال مصدرنا ان القوات الامنية عودت المواطنين على الحضور بكثافة على الطرقات بمناسبة الاعياد المختلفة. غير أن مصادر أخرى مقربة من الداخلية لم تنف أن الحضور الامني الاستثنائي له علاقة ببعض التهديدات الارهابية التي تعيشها بلادنا منذ مدة والتي تزايدت في الفترة الاخيرة وهو ما كشفته السلطات الرسمية نفسها بعد أحداث فريانة والقصرين وجندوبة والكاف..
وقد علمنا أنه إلى حدود مساء أمس لم تكشف عمليات التفتيش والتدقيق على الطرقات عن وجود أمر استثنائي أو خطير.. وعن امكانية تواصل هذه «الكثافة الامنية» بعد مرور مناسبة راس السنة قال مصدرنا إنها ستتواصل بالفعل وقد تكون بدرجة أقل لكن المهم هم أن بلادنا في حاجة اليوم إلى أكثر يقظة أمنية.
عربات مشبوهة أكثر من غيرها
بسؤالنا لاحد المشرفين على الدوريات ان كانت عمليات المراقبة تُركز على عربات من نوع خاص أفادنا أنه يوجد بالفعل تركيز على بعض الاصناف «المشبوهة» من العربات خاصة المُغلقة (ستافات فورقونات شاحنات سيارات رباعية الدفع 4* 4) إضافة إلى سيارات الكراء (location) والسيارات ذات البلور الداكن (fumée) وشاحنات نقل البضائع (خاصة عندما تكون مشحونة) والسيارات الاجنبية . غير ان محدثنا يؤكد أن التركيز على هذه الاصناف لا يعني أن بقية العربات، خاصة السيارات السياحية الخاصة، خارج مجهر المراقبة بل يقع إيقافها هي الاخرى للتثبت من هوية سواقها وراكبيها وما يحتويه صندوقها الخلفي.