تناقلت العديد من الصفحات التونسية في الموقع الاجتماعي يوم أمس خبرا عن عراك لفظي بين المصلين في أحد أكبر مساجد الكاف بسبب خطبة الجمعة التي وصف فيها الخطيب أعوان الأمن بأنهم إرهابيون. ورغم ما لقيه هذا الخبر من تداول وتعليق، فإن مفاجآت التونسيين في الموقع الاجتماعي لا تتوقف، ففي خضم المعارك السياسية اليومية والاتهامات المتبادلة، خصص كثير من الناشطين يوم أمس وقتا طويلا للتعازي في وفاة لاعب الإفريقي السابق لسعد الورتاني الذي توفي يوم أمس في حادث مرور، وكثيرون تذكروا بهذه الحادثة الأليمة الذكرى السادسة لوفاة نجم الترجي والمنتخب الهادي بالرخيصة، ورغم «اتفاق» الكثير من الناشطين في تبادل التعازي والأسف على الميت الشاب، فقد دخلت الانتماءات السياسية في النقاش، وفي مواجهة الاهتمام الكبير بوفاة هذا اللاعب، كتبت فنانة شابة من «أتباع موسيقى الراب» كما تصف نفسها تحتج: «رحمة الله على اللاعب الورتاني ويصبر عائلته، لكن الشعب يجوع، والدستور يضيع، والبلاد تدخل بعضها، وبعض التونسيين يحملون الكلاشنكوف علينا».
وما دمنا في حديث الكرة، فقد واجه المدرب نبيل معلول هجوما عنيفا من صفحات قريبة من «النهضة» منذ أن أعلن عن انضمامه إلى نداء تونس، وكتب ناشط حقوقي من العاصمة: «من التعاليق التي أقرؤها عن موضوع نبيل معلول، أكتشف أن أغلبية أنصار النهضة الذين يهاجمونه هم من أحباء الإفريقي»، وعلق صديق له على ذلك: «الباجي قايد السبسي من أشهر أنصار الترجي، وابنه كذلك، ولا نعرف إن كان معلول سيجر معه أنصار الترجي إلى نداء تونس».
وفي حديث الكرة أيضا، بدأ الاهتمام يتضاعف بالقنوات التلفزية الفضائية التي ستبث مباريات كأس إفريقيا للأمم قريبا، ثمة مقال نشرته صفحة جزائرية متخصصة في كرة القدم لقي تداولا كبيرا بين التونسيين لأنه يقدم كافة التفاصيل لمتابعة هذه المباريات مجانا، في ظل عجز القنوات الحكومية وغير المشفرة عن دفع تكاليف نقل المباريات، والطريف في الأمر هو ما يكشف عنه الكثير من الناشطين السياسيين من حماس مفرط للكرة. وقرأنا في صفحة ناشط من نداء تونس تعليقا جاء فيه: «جماعة النهضة لا يحبون الكرة، ولا يعرفون من الرياضة إلا المبارزة بالسيف وركوب الخيل، لذلك، فمنتخب تونس لكرة القدم لا يعنيهم». والحقيقة أن غرام التونسيين بكرة القدم لا يعرف حدود الانتماء السياسي، وأثناء المباريات المهمة، يتحول التونسيون جميعا إلى مدربين ومختصين في الكرة، وعند نهاية المقابلة، يعودون إلى خبراء في السياسة والاقتصاد.
وفي خضم أحاديث الكرة، ظهر خبر مثير للدهشة والتعاليق من مدينة الكاف عن «عراك لفظي عنيف» في جامع الرحمة وسط المدينة بين المصلين، وكتب ناشطون من الجهة أن إمام الجمعة قد قدم خطبة سياسية هاجم فيها قوات الأمن التي قتلت امرأة في حي دوار هيشر ووصفها بالإرهاب، وهو ما أثار حفيظة العديد من المصلين. ويضيف صاحب الخبر الذي لقيت فيه صفحات اليسار فرصة جديدة لمهاجمة تسييس المساجد وتركها للسلفيين: «لولا العقلاء، لتطورت الأحداث إلى ما لا تحمد عقباه».
ويرى حقوقيون معروفون بحيادهم أن «ما لا تحمد عقباه» يحدث كل جمعة في الكثير من المساجد، وهي الدعوات والنشاطات الجهادية، كما تناقلت عدة صفحات من المعارضة معلومات لا أحد يعرف صدقيتها حول «اختراق الجيش الوطني من السلفية الجهادية» مع تعاليق تبعث على الخوف، مما جعل زميلا تونسيا يقيم في ليبيا يكتب محذرا: «في ظل صمت وزارة الدفاع سوف تنمو الإشاعة، وينمو معها الخوف، خصوصا بالنظر إلى ظروف وفاة رقيب بالجيش ومحاولة آخر قتل نفسه مؤخرا».
والإشاعة تجد طريقها كل ساعة إلى الصفحات التونسية في الموقع الاجتماعي، ومعها الخوف والتخويف، خصوصا حين يتعلق الأمر بالسلاح الناري، حتى أن الكثير من الناشطين أصبحوا يختزلون اسم السلاح الروسي «كلاشنكوف» إلى «الكلاشن» من فرط ما تكررت، وفي هذا الوضع، فإن أقل الصفحات نجاحا، هي صفحات المؤسسات الحكومية للأسف الشديد.