كلفة يوم اصطياف لعائلة تونسية تتراوح بين 120 و150 دينارًا    الجيش التونسي في عيده ال69: درع الوطن وحصنه في وجه الإرهاب والتهريب    صابة الحبوب 2025: تونس تتجاوز 5.7 مليون قنطار وباجة في الطليعة!    عاجل/ ايران تقصف بئر السبع..وهذه حصيلة القتلى الإسرائيليين..    بعد القصف الايراني: تونس تعبر عن تضامنها مع قطر..    عاجل/ قبل ساعات من وقف إطلاق النار.. إسرائيل تغتال عالما نوويّا ايرانيا آخر..    كاس العالم للاندية : أنطوان غريزمان يحصد جائزة أفضل لاعب في مباراة أتلتيكو مدريد وبوتوفاغو    الترجي يُمثل تونس في مواجهة العمالقة: تشيلسي أول التحديات...تفاصيل    عاجل - تصنع التاريخ: أول امرأة وأفريقية على رأس اللجنة الأولمبية الدولية...من هي ؟    درجات الحرارة لهذا اليوم..    لمن لم ينجح في الدورة الرئيسية: هذه خطتك للنجاة!    نوفل الورتاني يغادر ديوان أف أم ويعود إلى موزاييك أف أم مديرًا للبرمجة    زغوان: حريق يلتهم 5 هكتارات بمنطقة جرادو، وتدخل فوري لأعوان الاطفاء    قتلى في هجوم إيراني على بئر السبع (فيديو)    تنسيقية العمل من أجل فلسطين: ننظر جديا في تتبع النائبة فاطمة المسدي    احتياطي العملة الأجنبية يُغطي 101 يوم توريد    تونس : واقع قطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية في أرقام    الأستاذ الجامعي منصف حامدي: الحرب تخاض بمعادلات وجودية... والعرب هم الخاسر الأكبر    بداية من اليوم: الانطلاق في رش المبيدات بالطائرة بهذه المناطق في ولاية تونس    جلسة عمل بولاية اريانة حول تقدم أشغال مشروع تهيئة و حماية مرفأ الصيد البحري بقلعة الأندلس    طقس اليوم: ارتفاع في درجات الحرارة ورياح تتقوّى جنوبًا.. ماذا ينتظر التونسيين؟    بئر السبع.. مشاهد للدمار الكبير الذي خلفته الصواريخ الإيرانية    الأهلي المصري يفشل في بلوغ الدور المقبل من كأس العالم للأندية.. الترتيب النهائي للمجموعة    وزارة الدفاع الوطني ترقي اميري اللواء صالح عبد السلام والأمجد الحمامي الى رتبة فريق    افتتاح الدورة 25 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون وتكريم نخبة من الإعلاميين ونجوم الدراما العربية    تونس جمعت قرابة 5.7 مليون قنطار من الحبوب الى غاية يوم 22 جوان 2025    عاجل/ اصابة عون أمن اثر تعرض دورية أمنية لهجوم من منحرفين بواسطة بنادق صيد..وهذه التفاصيل..    وزيرة الصناعة تؤكد في اول اجتماع للجنة الوزارية لتنفيذ عقد الاهداف للشركة التونسية للكهرباء والغاز اهمية المشروع في تحسين وضعية الشركة    هذا ما تقرر في حق رجل الأعمال لزهر سطى    استئناف حركة الملاحة الجوية في أجواء قطر    أخبار النجم الساحلي.. .الجمهور متفائل ونفخة يقود التحضيرات    عاجل: سفارة تونس بالدوحة تدعو الجالية التونسية إلى التحلي بالهدوء والتقيد بالتوجيهات    النفيضة .. . الدورة 12 من الملتقى الوطني للأدب التجريبي .. مختبر تجريب ،كتاب في الملتقى و للشعر والرسم نصيب    أولا وأخيرا: «باي باي» أيها العرب    في الصّميم .. تونس.. الترجي وأمريكا    أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    وزير الصحة ونظيره المصري يتناولان تعزيز الشراكة بين البلدين في عدّة مجالات صحية ذات أولوية    قطر توقف حركة الملاحة الجوية "مؤقتا"    مُشطّة ومرتفعة جدا: هذه كُلفة يوم واحد اصطياف لعائلة من 4 أفراد    عاجل/ بعد المنستير: نفوق كميات كبيرة من الاسماك بهذا الشاطئ    لاعبات التنس المحترفات: أنس جابر تتقدم إلى المركز ال59 عالميا    طبيبة تونسية تحذّر من التعرّي في الشواطئ: خطر صيفي حقيقي يهدّد صحتنا وصحة صغارنا!    تحذير للتوانسة: هواء بيتك ملوّث أكثر من الشارع ب5 مرات بسبب ''الكليماتيزور''    الصهد يبدّل المزاج؟ الحرارة العالية تنفع وتضر نفسيتك... هذا إلي لازم تعرفوا!    الوكالة التونسية للتكوين المهني تفتح باب التسجيل عن بعد لدورة خريف 2025    صفاقس: 100 % نسبة نجاح التلاميذ المكفوفين في بكالوريا 2025    كأس العالم للأندية: البرنامج الكامل لمواجهات الليلة    معين الشعباني بقود نهضة بركان المغربي الى نهائي كأس العرش    مول 35 مشروعا/ ناجي غندري: بنك الأمان يعمل على تشجيع الشركات للانخراط في مجال الإنتقال الطاقي..    في العيد العالمي للموسيقى: الأوركستراالسيمفوني التونسي يقدّم روائع الموسيقى الكلاسيكية    جبال الظاهر: وجهة سياحية أصيلة تنبض بالسكينة والتراث    بقلم مرشد السماوي…بعد أن توزعت ظاهرة مجموعات الغناء بالمنازل و الجمعيات في جل المدن الكبرى جل روادها من كبار السن هل أصبحنا في مجتمعنا نعيش فراغ أسري و عاطفي مريب ؟    عاجل - تونس : صدمة بالأرقام: الإناث يتصدرن حالات الغش في البكالوريا!    مهرجان تيميمون الدولي للفيلم القصير بالجزائر يفتح باب الترشح للمشاركة في دورته الأولى    طقس اليوم: قليل السحب والحرارة تتراوح بين 30 و39 درجة    المعهد الوطني للتراث:انجاز نشاط ميداني حول مشروع بحث عن موقع تابسيس الاثري    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخوف السياسي والحرب الأهلية الممكنة
نشر في الشروق يوم 07 - 01 - 2013


بقلم: الأستاذ عبد الواحد اليحياوي
(محامي وعضو المكتب السياسي للحزب الجمهوري)
يوم 4 ديسمبر وعندما كانت الحكومة واتحاد الشغل يمضيان اتفاقات تتوّج المفاوضات الاجتماعية كانت بعض الإشاعات ويبدو أن بعض قيادات حركة النهضة المحسوبة على الجناح الأورتودوكسي قد سربتها تتداول بين قواعد حركة النهضة مفادها ان الاتحاد بدفع من يسار الجبهة الشعبية ونداء تونس بصدد التحضير لإسقاط الحكومة عبر الزحف من ساحة محمد علي إلى القصبة لذلك تجمعت تلك القواعد تحت غطاء رابطات حماية الثورة أمام مقر الاتحاد لإجهاض الانقلاب المزعوم. لم يكن الانحياز للحكومة السبب الوحيد للتجييش والتحشيد وإنما استنفار خطاب مؤسّس على الخوف السياسي مفاده أن اليسار بوصوله إلى السلطة عبر تحالف مع التجمعيين سوف يعيد الاسلاميين إلى السجون من خلال قراءة تاريخية تعتقد أن التيار اليساري داخل سلطة بن علي هو من دفع إلى المواجهة بين السلطة والاسلاميين.

إن الخوف الذي يشعر به الاسلاميون حقيقي وكذلك ما يشعر به منافسوهم السياسيين من خوف على نمط حياتهم وحرياتهم ونعني بأنه حقيقي أن له امتداداته النفسية والسياسية بقطع النظر إن كان هناك ما يبرره واقعيا، وبالتالي فإن الخوف يصبح عنصرا من عناصر الفعل السياسي وتترتّب عليه نتائج مادية. إن الخوف السياسي يحوّل التنافس بين الأطراف السياسية إلى صراع إلغاء بحيث يصبح صراعا وجوديّا لا يستمرّ أي طرف سياسي في ساحة الفعل إلاّ بغياب الآخر أي بمعنى آخر استعمال العنف كطريقة لحسم الصرع السياسي.

إن خطورة الخوف السياسي تتأتّى من قابلية الصراع الذي تأسّس عليه لإنتاج حرب أهلية، ذلك أنه يتحوّل إلى موجه لسلوك الجمهور خاصة إذا تغذّى من خطاب سياسي تجييشي تستعمله الطبقة السياسية في علاقة بمصالح ذاتية وحزبية ضيّقة.

تبدو تركيبة المجتمع التونسي الاثنية والعقائدية والثقافية موحّدة وتمثل حاجزا تاريخيا امام أي انزلاق لحرب اهلية. ولكن البلاد غير محصّنة أمام موجات عنف سياسي قد تنتهي بحسم على طريقة حزب اللّه، ثم احتقان سياسي ينهي التجربة الديمقراطية.

إن مخاطر العنف السياسي حقيقية إذا لم يتفطّن التونسيون إلى أن العنف المؤسّس على الخوف يمكن أن يكون الأكثر خطرا على البنية السياسية والاجتماعية للمجتمع التونسي. لذلك وجب الانتباه إلى مخاوف بعضنا واحترام ذلك الخوف بتبديده وذلك بالتأسيس داخل المشترك من خلال إنتاج رأس مال رمزي جديد يزاوج بين الثقافي والسياسي أي بإسناد المشترك الثقافي بمشترك سياسي قانوني يتمثل في المواطنة كموقع يتساوى فيه الجميع بدون خوف من إمكانية الإلغاء المتبادل.

كنت اعتقد أن المسار الأنسب للمرحلة الانتقالية الثانية هو تكوين حكومة وحدة وطنية إلى غاية الانتخابات القادمة لأسباب متعلقة أساسا بالجدوى السياسية ولكني اعتقد الآن أن التونسيون يجب أن يؤسّسوا مشتركين خلال مدة الخمس سنوات القادمة لأن من شأن ذلك كسر حالة الاستقطاب الايديولوجي التي تميّز الساحة السياسية.

إن الاستقطاب السياسي بين الاسلاميين والتجمعيين السابقين ليس حقيقيا إذ هو يخفي استقطابا ايديولوجيا بين الاسلام السياسي واليسار الثقافي، ذلك أن التجمعيين خرجوا من التاريخ وأصبحوا فقط شتات عسكر سياسي يستعمله اليسار والنهضة في معركة كسر عظم ايديولوجي.

إن الهم السياسي للتجمعيين هو تصفية المرحلة السابقة بدون أضرار أو لنقل بأقل أضرار ممكنة لذلك فإنهم يلتجؤون إلى حركة النهضة. وأحيانا إلى التحالف مع يسار في مفارقة إيديولوجية غريبة لان التجمعيين ذوي المرجعية الدستورية هم أقرب تيار فكري لحركة النهضة لذلك عندما عبر السيد فوزي اللومي عن وجوب لقاء تاريخي بين الاسلاميين والدساترة فقد كان يدرك تماما ذلك لأن الاسلاميين والدساترة سينتهون إلى اتّجاه واحد محافظ ويميني.

إن الخطوة الأولى الواجب اتخاذها هو ان يتفهم التونسيون خوف كل طرف بمعرفة ماذا حدث منذ الستينات وما تعرض له اليساريون والقوميون والاسلاميون من اضطهاد سياسي يحضر اليوم في عمق بنية اللاشعور السياسي في علاقة ثقافية بتاريخ سياسي دموي.

يجب أن نحترم خوف بعضنا وأن نبدأ معا في حفر مجرى واحد في التاريخ سينفتح بعد ذلك على رؤى وأفكار مؤسّسة في الاختلاف والمغايرة.
إن عقلا سياسيا تأسّس «في الفتنة الكبرى» (الجابري – جعيّط) سيظلّ مستعدّا دائما لإنتاج فتن صغرى ما لم نقم بتفكيك ذلك الإرث التاريخي والقطع مع التصوّر الأشعري المركزي حيث طرف واحد يمتلك الحقيقة. وحيث «نظرية الكسب الكلامية» التي تحوّلت إلى نظرية في الكسب السياسي إذ تخلق النخبة السياسية الفعل كخطاب وتتبناه الجماهير كفعل مادي يمكن أن يكون عنفا سياسيا وحتى حربا أهلية.

إني ادعو إلى حكومة وحدة وطنية تستمر إلى ما بعد الانتخابات القادمة وسيشارك فيها جميع التونسيين وفق برنامج سياسي واقتصادي واضح قطعا مع شهوة السلطة، شهوة الاستبداد، شهوة الالغاء...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.