اتحاد الشغل: الهيئة الادارية الوطنية تدين الاعتداء على مقر الاتحاد وتتمسك بمقاضاة المعتدين    تعطل وقتي لجولان عربات المترو بسبب عطل في الأسلاك الهوائية الكهربائية    لأول مرة في إيران .. خلاف علني بين "الحرس الثوري" والرئيس بزشكيان    مهرجان قرطاج الدولي 2025: فرق فنية شعبية من ثقافات مختلفة تجتمع في سهرة فلكلورية    "نوردو" يشعل ركح مهرجان صفاقس الدولي في عرض شبابي حماسي    بسبب عطل في الأسلاك الهوائية الكهربائية...توقف وقتي لجولان عربات المترو    حفتر يعين نجله صدام نائبا له    ابراهيم بودربالة يحضرعرض بوشناق في مهرجان سوسة الدولي    عاجل/ رئيس الجمهورية يؤدي زيارة غير معلنة الى هذه الجهة..    غوغل تتحدى آبل وسامسونغ بواحد من أفضل الهواتف الذكية!    الف مبروك .. الطالبتان وجدان العباسي ومريم مباركي تتألّقان    تاريخ الخيانات السياسية (43) القرامطة يغزون دمشق    في سياق التنافس الإقليمي والدولي...تطوير موانئنا ... الورقة الرابحة    عاجل/ الهيئة الإدارية الوطنية لاتّحاد الشغل تقرّر تنظيم تجمع عُمّالي ومسيرة..    فاضل الجزيري في ذِمَّة اللَّه...المسرحي الذي غيّر مسار الفرجة في تونس    تنصيب مدير وكالة التحكم في الطاقة    وأخيرا.. كريستيانو يعرض الزواج رسميا على جورجينا    إحذروا.. هكذا يتحوّل المكيّف إلى خطر يهدّد صحتكم    قروض موسمية بقيمة 4.5 ملايين دينار لفائدة الفلاحين بهذه الولاية    وزارة التربية ترصد 239 مليون دينار لتهيئة وإحداث مؤسسات تربوية    ملف انستالينغو: إحالة يحي الكحيلي على أنظار الدائرة الجنائية    الليلة: الحرارة تتراوح بين 24 و35 درجة    وزيرة المرأة: المرأة التونسية الأولى عربيا وافريقيا في مجال البحث العلمي    فرصة لذوي الإعاقة البصرية: فتح باب الترشح لشعبة العلاج الطبيعي بتونس    توننداكس ينهي أولى جلساته الأسبوعية على تراجع طفيف    عاجل -إسبانيا : إجلاء أكثر من ألف شخص واتهامات بإشعال متعمّد    عاجل/ إنهاء مهام هذه المسؤولة..    موجة حر 2021.. تونس سجلت قياسات غير مسبوقة.. تعرف على التفاصيل!    النادي الإفريقي: بسام الصرارفي يلتحق بالمجموعة    في مثل هذا اليوم: سجّلت تونس الرقم القياسي المطلق للحرارة    عاجل/ حادث مرور قاتل ببنزرت وهذه التفاصيل..    نقابة الصحفيين تدين اغتيال الطاقم الإعلامي لقناة الجزيرة في غزة    عاجل/ محذّرا من حرب لا نهاية لها: ماكرون يدعو لتشكيل تحالف دولي لاستقرار غزّة    تحذير هام من "مياه الشاحنات".. #خبر_عاجل    سامي الطاهري: ما نستبعدوش حتى خيار الإضراب    الألعاب العالمية "شينغدو 2025": المنتخب الوطني لكرة اليد الشاطئية ينهزم أمام نظيره الكرواتي    اليوم: انطلاق دورة إعادة التوجيه الجامعي..    عاجل/ وزارة الصحة تحسم الجدل وتوضح بخصوص ما تم تداوله حول فيروس " Chikungunya "    الموز أو التمر.. أيهما أفضل للقلب والهضم وضبط سكر الدم؟    5 غلطات في شرب ''التاي'' تخليك تضر صحتك بلا ما تحس!    تونس تشارك في بطولة إفريقيا لرفع الأثقال للأواسط والأصاغر في غانا بتسعة رباعين    أفرو باسكيت "أنغولا 2025": برنامج مباريات المنتخب الوطني التونسي    ماهر السرولي يخلف نفسه على رأس الجامعة التونسية للرياضات الالكترونية    المخرج التونسي الفاضل الجزيري في ذمة الله    برشلونة يفوز على كومو بخماسية ويحرز كأس خوان غامبر    تجربة سريرية تثبت فعالية دواء جديد في مكافحة سرطان الرئة    فوربس الشرق الأوسط تكشف عن قائمة أبرز 100 شخصية في قطاع السفر والسياحة لعام 2025    ارتفاع مقلق في وفيات حوادث المرور: 9.13% زيادة منذ بداية العام    خزندار: الإطاحة بمنحرف خطير محل 6 مناشير تفتيش    عاجل/ دولة جديدة تقرر الاعتراف بدولة فلسطين خلال هذا الموعد..    نجوى كرم تحطم الأرقام في قرطاج وتكتب فصلاً ذهبياً جديداً مع الجمهور التونسي    عاجل: وفاة صاحب''الحضرة'' الفاضل الجزيري بعد صراع مع المرض    الرابطة المحترفة الاولى (الجولة الافتتاحية-الدفعة الثانية والاخيرة): النتائج و الترتيب    نابل: انطلاق فعاليات الدورة 63 من مهرجان العنب بقرمبالية    تاريخ الخيانات السياسية (42) .. ظهور القرامطة    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي (2 / 2)    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخوف السياسي والحرب الأهلية الممكنة
نشر في الشروق يوم 07 - 01 - 2013


بقلم: الأستاذ عبد الواحد اليحياوي
(محامي وعضو المكتب السياسي للحزب الجمهوري)
يوم 4 ديسمبر وعندما كانت الحكومة واتحاد الشغل يمضيان اتفاقات تتوّج المفاوضات الاجتماعية كانت بعض الإشاعات ويبدو أن بعض قيادات حركة النهضة المحسوبة على الجناح الأورتودوكسي قد سربتها تتداول بين قواعد حركة النهضة مفادها ان الاتحاد بدفع من يسار الجبهة الشعبية ونداء تونس بصدد التحضير لإسقاط الحكومة عبر الزحف من ساحة محمد علي إلى القصبة لذلك تجمعت تلك القواعد تحت غطاء رابطات حماية الثورة أمام مقر الاتحاد لإجهاض الانقلاب المزعوم. لم يكن الانحياز للحكومة السبب الوحيد للتجييش والتحشيد وإنما استنفار خطاب مؤسّس على الخوف السياسي مفاده أن اليسار بوصوله إلى السلطة عبر تحالف مع التجمعيين سوف يعيد الاسلاميين إلى السجون من خلال قراءة تاريخية تعتقد أن التيار اليساري داخل سلطة بن علي هو من دفع إلى المواجهة بين السلطة والاسلاميين.

إن الخوف الذي يشعر به الاسلاميون حقيقي وكذلك ما يشعر به منافسوهم السياسيين من خوف على نمط حياتهم وحرياتهم ونعني بأنه حقيقي أن له امتداداته النفسية والسياسية بقطع النظر إن كان هناك ما يبرره واقعيا، وبالتالي فإن الخوف يصبح عنصرا من عناصر الفعل السياسي وتترتّب عليه نتائج مادية. إن الخوف السياسي يحوّل التنافس بين الأطراف السياسية إلى صراع إلغاء بحيث يصبح صراعا وجوديّا لا يستمرّ أي طرف سياسي في ساحة الفعل إلاّ بغياب الآخر أي بمعنى آخر استعمال العنف كطريقة لحسم الصرع السياسي.

إن خطورة الخوف السياسي تتأتّى من قابلية الصراع الذي تأسّس عليه لإنتاج حرب أهلية، ذلك أنه يتحوّل إلى موجه لسلوك الجمهور خاصة إذا تغذّى من خطاب سياسي تجييشي تستعمله الطبقة السياسية في علاقة بمصالح ذاتية وحزبية ضيّقة.

تبدو تركيبة المجتمع التونسي الاثنية والعقائدية والثقافية موحّدة وتمثل حاجزا تاريخيا امام أي انزلاق لحرب اهلية. ولكن البلاد غير محصّنة أمام موجات عنف سياسي قد تنتهي بحسم على طريقة حزب اللّه، ثم احتقان سياسي ينهي التجربة الديمقراطية.

إن مخاطر العنف السياسي حقيقية إذا لم يتفطّن التونسيون إلى أن العنف المؤسّس على الخوف يمكن أن يكون الأكثر خطرا على البنية السياسية والاجتماعية للمجتمع التونسي. لذلك وجب الانتباه إلى مخاوف بعضنا واحترام ذلك الخوف بتبديده وذلك بالتأسيس داخل المشترك من خلال إنتاج رأس مال رمزي جديد يزاوج بين الثقافي والسياسي أي بإسناد المشترك الثقافي بمشترك سياسي قانوني يتمثل في المواطنة كموقع يتساوى فيه الجميع بدون خوف من إمكانية الإلغاء المتبادل.

كنت اعتقد أن المسار الأنسب للمرحلة الانتقالية الثانية هو تكوين حكومة وحدة وطنية إلى غاية الانتخابات القادمة لأسباب متعلقة أساسا بالجدوى السياسية ولكني اعتقد الآن أن التونسيون يجب أن يؤسّسوا مشتركين خلال مدة الخمس سنوات القادمة لأن من شأن ذلك كسر حالة الاستقطاب الايديولوجي التي تميّز الساحة السياسية.

إن الاستقطاب السياسي بين الاسلاميين والتجمعيين السابقين ليس حقيقيا إذ هو يخفي استقطابا ايديولوجيا بين الاسلام السياسي واليسار الثقافي، ذلك أن التجمعيين خرجوا من التاريخ وأصبحوا فقط شتات عسكر سياسي يستعمله اليسار والنهضة في معركة كسر عظم ايديولوجي.

إن الهم السياسي للتجمعيين هو تصفية المرحلة السابقة بدون أضرار أو لنقل بأقل أضرار ممكنة لذلك فإنهم يلتجؤون إلى حركة النهضة. وأحيانا إلى التحالف مع يسار في مفارقة إيديولوجية غريبة لان التجمعيين ذوي المرجعية الدستورية هم أقرب تيار فكري لحركة النهضة لذلك عندما عبر السيد فوزي اللومي عن وجوب لقاء تاريخي بين الاسلاميين والدساترة فقد كان يدرك تماما ذلك لأن الاسلاميين والدساترة سينتهون إلى اتّجاه واحد محافظ ويميني.

إن الخطوة الأولى الواجب اتخاذها هو ان يتفهم التونسيون خوف كل طرف بمعرفة ماذا حدث منذ الستينات وما تعرض له اليساريون والقوميون والاسلاميون من اضطهاد سياسي يحضر اليوم في عمق بنية اللاشعور السياسي في علاقة ثقافية بتاريخ سياسي دموي.

يجب أن نحترم خوف بعضنا وأن نبدأ معا في حفر مجرى واحد في التاريخ سينفتح بعد ذلك على رؤى وأفكار مؤسّسة في الاختلاف والمغايرة.
إن عقلا سياسيا تأسّس «في الفتنة الكبرى» (الجابري – جعيّط) سيظلّ مستعدّا دائما لإنتاج فتن صغرى ما لم نقم بتفكيك ذلك الإرث التاريخي والقطع مع التصوّر الأشعري المركزي حيث طرف واحد يمتلك الحقيقة. وحيث «نظرية الكسب الكلامية» التي تحوّلت إلى نظرية في الكسب السياسي إذ تخلق النخبة السياسية الفعل كخطاب وتتبناه الجماهير كفعل مادي يمكن أن يكون عنفا سياسيا وحتى حربا أهلية.

إني ادعو إلى حكومة وحدة وطنية تستمر إلى ما بعد الانتخابات القادمة وسيشارك فيها جميع التونسيين وفق برنامج سياسي واقتصادي واضح قطعا مع شهوة السلطة، شهوة الاستبداد، شهوة الالغاء...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.