رافق غموض كبير مصادقة البرلمان الجزائري على اتفاقية الرسم النهائي للحدود البحرية بين الجزائروتونس وهو ما يفتح باب التأويلات أمام الأخبار التي راجت مؤخرا حول تفريط الجانب التونسي في جزء من مياهنا الاقليمية. وكان السيد العربي ولد خليفة رئيس المجلس الشعبي الوطني (البرلمان الجزائري) قد طلب من السيد مراد مدلسي وزير الخارجية الجزائري تقديم توضيحات للمجلس في جلسة الثلاثاء 8 جانفي 2012 حول الاتفاقية النهائية المتعلقة بالرسم النهائي للحدود البحرية بين تونسوالجزائر كتفعيل للمعاهدة الممضاة بين البلدين في جويلية 2011 وإن كانت هذه الاتفاقية قد حملت في طيّاتها عناوين مهمة تتعلق بمقاومة الارهاب والتصدّي لظاهرة التهريب والتعاون في مجالات استغلال الثروات البحرية والتنقيب عن النفط والموارد الطبيعية فإنها اتسمت في ذات الوقت بالكثير من الغموض في علاقة بحدود البلدين البحرية ناهيك وان تقارير اعلامية جزائرية ذكرت ان الجزائر قد وسّعت من مياهها الاقليمية بما يناهز الأربعة أميال بحري على حساب المياه الاقليمية التونسية زيادة على ما تضمّنته هذه الاتفاقية من صلاحيات تحصلت عليها الجزائر وتتعلق بحرية الوحدات الأمنية الجزائرية في استغلال المياه الاقليمية التونسية تحت غطاء مقاومة العصابات الارهابية ومطاردة المهرّبين وتجّار المخدرات وقوارب الصيد الاجنبية (من خارج البلدين).
وحددت الاتفاقية مناطق الصيد التي يستغلها البلدان على قاعدة 52 ميلا بحريا شمال المنطقة القديمة المخصصة للجزائر حسب ما تداولته تقارير صحفية جزائرية وهو ما يدعم المياه الاقليمية الجزائرية بأربعة أميال في حين تقلصت المنطقة المخصصة للصيد للبلاد التونسية بأربعة أميال بحرية وهو ما يعني سيطرة الجزائر على شبه جزيرة صورال (Ecueil des Sorelles) الواقعة في مستوى النقطة 1 من الحدود الترابية والتقاطع الحدودي طبرقة القالة من جهة فجّ الرومان.
وإن كانت هذه الاتفاقية قد تضمنت توطئة تعطي انطباعا بأنها متناغمة مع المعاهدات الدولية المعنية بالنزاعات الحدودية بين الدول على غرار اتفاقية الأممالمتحدة المتعلقة بالقانون البحري المؤرخ في 10 جانفي 1982 والتنقيحات التي شملت الفقرة 3 و83 من الفصل 74 فإن اللملمة التي تم تحريرها بها يعطي انطباعا بأن الدولة التونسية تسرّعت في المصادقة على هذه الاتفاقية الأمر الذي يفرض على السلطات التونسية تقديم توضيحات في هذه القضية ذات الصبغة السيادية.
نفس الغموض رافق الفصول المتعلقة بسيادة البلدين على مياههما الاقليمية في غياب رسم واضح لحدود تلك المياه ولم يفهم عديد الملاحظين معنى تبادل المعلومات في علاقة بالبحث والتنقيب عن الموارد الطبيعية والصلوحيات الممنوحة للطرف الجزائري الذي بإمكانه استغلال الجانب التونسي من الحدود البحرية للاستفادة من التغيّرات الجيولوجية وانسياب تلك الموارد بفعل المدّ والجزر الى عمق المياه الاقليمية التونسية.
وترك الفصل المتعلق بمكافحة العصابات الاجرامية والارهابية والتهريب وتجّار المخدّرات انطباعات بأن الدولة التونسية عاجزة عن حماية مياهها الاقليمية وتفويض الوحدات الأمنية الجزائرية لمراقبة تلك المناطق البحرية التونسية وانعكاس المسألة على السيادة الوطنية.