فيما آجال الاحتفاظ انتهت .. دائرة الإتهام تؤجل النظر في ملف التآمر على أمن الدولة    في كمين لقوات الجيش و الحرس ...القبض على أمير كتيبة أجناد الخلافة الإرهابي    ولاية بنزرت تحيي الذكرى 68 لقوات الامن الداخلي وتكريم الشهيد فوزي الهويملي    احداث لجنة قيادة مشتركة تونسية إيطالية للتعليم العالي والبحث العلمي    خلال الثلاثي الأول من 2024 .. ارتفاع عدد المشاريع الاستثمارية المصرّح بها    دعوة إلى مراجعة اليات التمويل    القصرين: الداخلية تنشر تفاصيل الايقاع بعنصر ارهابي في عمق جبل "السيف"    بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين    أخبار النادي الصفاقسي .. غضب بسبب عقوبات الرابطة وتجاهل مطالب الأحباء    رياح قوية    لأول مرّة في تونس وفي القارة الإفريقية ...شاحنة سينمائية متنقلة تتسع ل 100 مقعد تجوب ولايات الجمهورية    تم جلبها من الموقع الأثري بسبيطلة: عرض قطع أثرية لأول مرّة في متحف الجهة    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    ارتفاع عائدات صادرات زيت الزيتون بنسبة 82.7 بالمائة    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    أنس جابر خارج دورة شتوتغارت للتنس    سيدي بوزيد.. تتويج اعدادية المزونة في الملتقى الجهوي للمسرح    توزر.. افتتاح الاحتفال الجهوي لشهر التراث بدار الثقافة حامة الجريد    سوسة: الاستعداد لتنظيم الدورة 61 لمهرجان استعراض أوسو    تخصيص حافلة لتأمين النقل إلى معرض الكتاب: توقيت السفرات والتعريفة    نقابة الصحفيين التونسيين تُدين الحكم بالسجن في حق بُوغلاب    الرصد الجوّي يُحذّر من رياح قويّة    عاجل/ محاولة تلميذ طعن أستاذه داخل القسم: وزارة الطفولة تتدخّل    عاجل : هجوم بسكين على تلميذتين في فرنسا    كأس تونس لكرة القدم: تعيينات حكام مقابلات الدور السادس عشر    بعد حلقة "الوحش بروماكس": مختار التليلي يواجه القضاء    حملات توعوية بالمؤسسات التربوية حول الاقتصاد في الماء    جلسة عمل مع وفد من البنك الإفريقي    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    انخفاض متوسط في هطول الأمطار في تونس بنسبة 20 بالمئة في هذه الفترة    عاجل/ وزير خارجية تركيا: حماس قبلت نزع سلاحها مقابل هذا الشرط    عاجل/ فاجعة جديدة تهز هذه المنطقة: يحيل زوجته على الانعاش ثم ينتحر..    عاجل/ تلميذ يطعن أستاذه من خلف أثناء الدرس..    عاجل : نفاد تذاكر مباراة الترجي وماميلودي صانداونز    اجتماعات ربيع 2024: الوفد التونسي يلتقي بمجموعة من مسؤولي المؤسسات المالية الدولية    ضربة إسرائيل الانتقامية لايران لن تتم قبل هذا الموعد..    زلزال بقوة 6,6 درجات بضرب غربي اليابان    عاجل/ هذه الدولة تحذر من "تسونامي"..    الحماية المدنية: 9 حالات وفاة خلال ال24 ساعة الأخيرة    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    أبطال إفريقيا: ماميلودي صن داونز الجنوب إفريقي يحط الرحال بتونس    تركيبة المجلس الوطني للجهات والأقاليم ومهامه وأهم مراحل تركيزه    سيدي بوزيد: حجز مواد غذائية من اجل الاحتكار والمضاربة بمعتمدية الرقاب    ريال مدريد يفوز على مانشستر سيتي ويتأهل الى نصف نهائي رابطة أبطال أوروبا    الحماية المدنية تنتشل جثة الشاب الذي انهار عليه الرّدم في بئر بالهوارية..    مصر: رياح الخماسين تجتاح البلاد محملة بالذباب الصحراوي..    اليمن: سيول وفيضانات وانهيارات أرضية    بطولة شتوتغارت: أنس جابر تتاهل الى الدور ثمن النهائي    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    توزر: المؤسسات الاستشفائية بالجهة تسجّل حالات إسهال معوي فيروسي خلال الفترة الأخيرة (المدير الجهوي للصحة)    الكاف: تلقيح اكثر من 80 بالمائة من الأبقار و25 بالمائة من المجترات ضد الأمراض المعدية (دائرة الإنتاج الحيواني)    الفضيلة    لعبة الإبداع والإبتكار في كتاب «العاهر» لفرج الحوار /1    وزير الصحة يعاين ظروف سير العمل بالمستشفى الجهوي بباجة    جراحة فريدة في الأردن.. فتحوا رأسه وهو يهاتف عائلته    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    مفاهيمها ومراحلها وأسبابها وأنواعها ومدّتها وخصائصها: التقلّبات والدورات الاقتصادية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ريبورتاجات «الشروق» : قفصة... مدينة الفسفاط... لم تجن إلا الوعود والإحباط

ستون قائمة انتخابية رحلت بلا رجعة خذلتهم في الانتخابات فعاقبوها بالنسيان أين رحل المائة حزب عن المدينة الثائرة ؟

غبار يسدّ الأنفاس.. رمال متحركة تغطي المعبّدات.. جدران صفراء وأخرى اصفرت بفعل الزمن.. وبقية باقية مهدّمة كأكوام حجارة في مقطع مهجور لا شيء يتشابه في البناءات الا التناقضات.. هكذا تستقبلك قفصة نهارا مكشوفة الوجه . مدينة الألف حكاية ورواية. أنثى مهملة الى حين.. طرقاتها هي تفاصيل وجهها وتجاعيده بفعل الأتربة الموسمية.. فبدت كالأميرة التي اختفت ملامح جمالها بفعل الرماد فلا تحتاج الا ان تغتسل من خطاياها..

أعرق مدن التاريخ أنثى الأربعون ألف عام.. .تقول الكتب والمراجع أنها كانت محاطة بأكثر من 100 قصر هو نفس عدد الأحزاب السياسية التي نشطت فيها قبل الانتخابات.. عاقبتهم قفصة بالخذلان فعاقبوها بالنسيان.. اختفى المائة قصر بمفعول الزمن ,,كما اختفت الاحزاب التي لم يتبقّ من اثرها الا محلات غيّرت من واجهاتها وتحولت الى مقاه للعب الورق .. ومقرات أحزاب مكشوفة لا يتعدى عددها اصابع اليد.

ستون قائمة انتخابية تقدّمت لطلب يد قفصة في عرس 23 اكتوبر.. بقدر عدد اجتماعاتهم بقدر عدد الوعود التي قطعوها على انفسهم.. لكنهم رحلوا في هدوء غير مدركين انها ربما كانت ستمنحهم فرصة أخيرة.. . لا شيء تبقى من حمّى الانتخابات وكل تلك المعلقات والكراسي والابواق.. الا جدران لوّطت بدهان اعوان البلدية لحجز مكان لمعلقة انتخابية.. وبعض الجدران الاخرى التي لم تطلها ايدي العابثين فحافظت على بعض الكلمات المحتشمة.. ذكرى لدماء سفكت هناك «شهداء وجرحى الثورة أمانة بين أيديكم».. «ثورة الكرامة».. «ثورة الشعب» بين الأمس القريب واليوم ما الذي تغيّر بعد عامين من الثورة ؟ من انتفاضة شعب قيل أنها عفوية..

«قبصة» في سجّل الكشوفات هي الجذر.. والجذر فرعه ثابت لا يتغّير لذلك رغم الاغتيالات المتتالية مازالت تحتفظ بماضيها الدفين.. .لكن «قفصة» يدوّنها تاريخ من يكتبون أنها عنوان «داء جلدي» وكأنما هي وليّة صالحة تصيب بالطفح كل من يحتك بأحلامها المؤجلة الى حين.. سنة ثانية ثورة.. ارتفعت فيها وجيعة الألم والمخاض وتضاعف عدد حفرها والمطبات وسط الطرقات. بقدر عدد الاعتصامات والاحتجاجات .حتى تخال نفسك تهتزّ بين الفينة والاخرى وتتعثر الى ما لا نهاية.

مدينة الثورة نائمة

كل شيء هنا ينام باكرا من الساعات الأولى بعد المساء.. فتحّتك ذاكرتك بقصّة الأميرة النائمة التي تنظر فارسا من غياهب الزمن.. ليمنحها قبلة أولى تعيد اليها والى المملكة الحياة.. لا متاحف تفتح للعموم.. كمن يخفي ثورته من اللّصوص.. .الترميل مغلق بفعل الترميم الذي لم تنته اشغاله من سنوات.. أو لنقل أشغال تدليس التاريخ بإخماد صوت الحجارة الثرثارة بالاسمنت الأصفر كما أخمدوا عيون المياه الجوفية قبل سنوات بعنوان صيانة الواحات.. .التي تعبرها اليوم لتشاهد العمّال يضرمون نارا الى أسفل نخلة.. لطبخ الشاي..

سنة ثانية ثورة حوّلت البرج البالغ من العمر 569 عاما الى مصبّ للفضلات..في حين أغلق تاريخ 8ألاف عام « الكدية السوداء» تلك الهضبة المغطاة طبيعيا بحجارة مشعّة لبقايا أغلفة الحلزون بأبواب حديدية.. أشبه بمن يحجب ملامح عروس.. .هو حياة انسان مرّ من هنا اسمه «الانسان الكبصي. لا شيء بهذه المدينة قابل للنسيان.. لا معلقات إشهارية تحمل عنوان «قريبا» الا محلات الملابس الجاهزة أو خماّرة وسط المدينة..

قفصة المظلومة

أين رحل المائة حزب عن المدينة الثائرة ؟ ولماذا تربكهم مدينة مظلومةمظلومة عبر الزمن ؟ لماذا حملوا أمتعتهم وغادروا وكأنها جوقة موسيقيةمؤجرة لموسم واحد ؟

تهمس قفصة أنها مدينة تعود للعصور الحجرية لذلك لا يحكمها الا من تفننّ في تفاصيلها وثناياها.. تاريخها حافل بالانتصارات على الورق فهي مهزومة عبر التاريخ.. نتيجة لعصيانها.. يفضح تاريخها عدد الهزمات التي عاشتها قبل 816 عاما بسبب عصيانها دولة الموحدّين.. .فهي المدينة المحكومة بالحرمان منذ أكثر من ثمانية عقود.

لا شيء حافظ على هيبته وتوازنه في هذه المدينة إلاّ مقابرها.. فهي المدينة الوحيدة في العالم التي تفتح قبورها مسبقا للغرباء.. وتعدّ لهم أماكن فسيحة.. تتساوى مع الأرض.. تسأل عن هذا السرّ شيوخ المدينة.. .يبتسمون لك في صمت لكنهم لا يمنحونك تفسيرا.. سوى إنها قفصة مدينة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.