«الرديف» العمود الفقري «للحوض المنجمي» تشير كتب التاريخ وفهارس تفسير الحروف والكلمات أن للعنوان معنى واحدا هو مرادف لكلمة «جندي الإحتياط». «الرديف» هو ذاك اللاعب الذي يبقى على كرسي الإحتياط ليحل محل أحد اللاعبين في حال اصابته أو خروجه من الملعب وفي معناه أنه «الآتي»... ...يوم أمس السبت...تتحرك المدينة المنجمية ذات 129 ربيعا بغبار يشقّ الأنفس... يؤكد كل من يتحدث إليك أنهم أحياء بقدرة الله... فاستنشاق غبار الفسفاط على مدار الساعة جعلهم منهكين جسديا بأمراض لا تظهر للعيان...إلا أنها مسجلة باطنيا.. لا شيء بالمدينة ينبئ بحدوث احتفال...هدوء حذر..لا سيارات ولا أحزاب ولا قائمات سياسية...وكأنما الحملة الانتخابية لم تمرّ من هنا ذات فصل...ولم يتبق بشوارع المدينة إلا حزبان أحدهما لليمين والثاني لليسار...
لا احتفال
غياب الاحتفالات والمعلقات عوضته كتابات الجدران ...وتيرة الاعتصامات التي تخمد كما الرماد لكن سرعان ما تعود. باحدى المرتفعات حيث أكوام الفسفاط ومرتفعات الكثبان السوداء نصبت خيمة إلى ركن مدخل شركة نقل المواد المنجمية جلس اليها عدد من المعتصمين الذين انقسموا إلى مجموعتين مجموعة أولى اعتصمت بإدارة الشركة «ببئر لمبوش» لمنع الموظفين من الدخول ومن دخول الحرفاء ومجموعة اعتصمت عند «البسكولة» وهي الميزان لمنع الشاحنات من وزن الحمولة من الفسفاط أو المغادرة...»
يوم رابع من الاعتصام
اعتصام يدخل يومه الرابع والفسفاط بمنجم الرديف متوقف... لا شاحنات تعبر من هنا أو تغادر بخسائر تقدر بالمليارات...فالرديف هي العمود الفقري للحوض المنجمي فباتت كمن تعاني فقراته من تآكل في «الغضروف» قد يحتاج إلى عملية جراحية لزراعة غضروف اصطناعي حتى لا يتداعى كل الجسد .
اعتصام مفتوح
... المعتصمون أبناء الرديف التي ولدت مع الاستعمار بعضهم احترف البطالة...وآخرون عادوا من جزر جربة وقرقنة من حضائر البناء للإستقرار بالمدينة...بعد سنوات رأوا فيها أنها كانت غربة من أجل أجر زهيد... فمصانع الفسفاط أولى بهم. داخل الخيمة المنتصبة إلى الرمال...تسمروا لا يغادرون المكان إلا بدوريات لحراسة البسكولة وحتى لا ينجح أي شاحنة من الاقتراب.
يقول محمد موسى : «معدل أعمارنا في الخمسين عاما وكلنا لنا عائلات في كفالتنا أقلنا لديه طفلان صغيران ...عاطلون باعتبار أن أعمالنا كانت في اطار العامل اليومي... والمعتمدية بلا معتمد ولا أي مسؤول محلي... وعلينا التنقل إلى قفصة.
اغلق مركز الاقليم بالرديف
«مركز الاقليم بالرديف مغلق هو الآخر بفعل الاعتصام» هكذا تحدث عمر بوشقراوي محتجا على المماطلة : «بعضنا كان يعمل بحضائر البناء بجرجيس لكن وقع طردهم باعتبار أن أبناء الجهة أحق بالعمل...منذ 4 أشهر ونحن نتلقى وعودا بالإدماج داخل «اللوزينا» أي مقطع الفسفاط... تلقينا مواعيدا لكن التاريخ المحدد للتنفيذ كان يوم 5 جانفي...فقررنا الاعتصام.»
انتداب مباشر
من المبرمج بحسب تصريحات المعتصمين ل «الشروق» أن يقع انتدابهم على الحضائر للعمل بمقطع الفسفاط لكن المعتصمين غيروا من طلباتهم . هكذا تحدث حسين صويلح مؤكدا أنه قرر أن يتم ادماجهم نهائيا ولن يقبلوا بإتفاقية الحضائر...فهو على مشارف العقد الخامس وغادر قطاع العمل بحضائر البناء نهائيا لعدم قدرته على الإقامة بعيدا عن أسرته.
لا للمناظرة
«لا للمناظرة» هكذا صرح عبد الله ومحمد معتبرين أن المناظرة ستشير إلى تجاوز أعمارهم السن القانوني أو أن مؤهلاتهما لا تتماشى مع الخطط المعروضة.
عودة قوية لرؤساء الشعب
يقول علي : « لن نذيع سرّا إذا قلنا أن النظام السابق هو من يتحكم في مستقبلنا تصوروا أن واجهة مطالب الرديف يحتلها رؤساء الشعب التجمعية فهي الحاكم الناطق وهي التي تجد الأولوية في التحدث للوالي» يقطع حديثه فتحي ليؤكد أن شخصا همس في أذنه بمقر الولاية أنه اذا أراد فضّ مشكلته فعليه فعلا تدبر مسؤول سابق صحيح متسائلا فلماذا جعلت الثورات اذا فقط للإطاحة برأس الحكم؟
شركات المناولة
شركات المناولة يراها بوجمعة أنها معضلة الرديف فنقل الطن الواحد يساوي 15 دينارا والحمولة والواحدة تساوي أحيانا 600 دينار ويمكن أن تبلغ الشاحنة الواحدة ثلاثة سفرات يوميا وبالتالي مدخول الشاحنة الواحدة قد يصل إلى 1800 دينار في اليوم...منهما أن هذه الصفقات تتم لأشخاص دون غيرهم...في حين أن أبناء المنطقة محرمون ومعلوم عملية نقل واحدة كفيلة بتوفير الحياة لأكثر من عائلة.
المعتصمون يصرون على أن اعتصامهم مفتوح إلى أجل تعيينهم وأنهم هذه المرة لن يرضوا بالحضائر عقودا بل بالانتداب المباشر... في المقابل توقف نشاط مقاطع الفسفاط بالرديف يسجل يومه الخامس الذي يتزامن مع سنة ثانية ثورة.