15 سنة سجنا ضد الصحبي عتيق: الناطق باسم محكمة أريانة يكشف ويوضح..#خبر_عاجل    وزارة الصحة تجدد دعوة الأطباء المقيمين إلى اختيار مراكز العمل    منوبة: اصدار بطاقة إيداع بالسجن في حق مربي نحل بطبربة تسبب في حريق غابي    بطولة العالم لكرة اليد الشاطئية U17 : المنتخب التونسي ينهزم أمام نظيره البرازيلي 1-2    بلاغ توضيحي للجنة الإنتخابات بالنادي الإفريقي للمنخرطين    تونس أصبحت توفر تذاكر سفر للمهاجرين الأفارقة غير النظاميين الراغبين في العودة إلى بلدانهم    الكاف: تجميع أكثر من 427 الف قنطار من الحبوب وارتفاع منتظر في نسق موسم التجميع    سحر البُن.. وعبق الإبداع والفن    اختتام مشروع "البحر الأزرق هود"    بلديات طبرقة وعين دراهم وبوسالم تخلي المدن من الانتصاب الفوضوي    ارتفاع لافت في مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج... مؤشرات إيجابية للاقتصاد الوطني    زيارة وفد نيابي الى المركب الصحي بجبل الوسط: تراجع خدمات المركب بسبب صعوبات عدة منها نقص الموارد البشرية وضعف الميزانية والايرادات    عاجل : أزمة جديدة تلاحق محمد رمضان    ارتفاع درجات الحرارة يسبب صداعًا مزمنًا لدى التونسيين    وائل نوار: الرهان المستقبلي لقافلة الصمود حشد مئات الآلاف والتوجه مجددا لكسر الحصار    حماية المستهلك والتجارة الإلكترونية: تذكير بالقواعد من قبل وزارة التجارة وتنمية الصادرات    وزيرة الشؤون الاجتماعيّة بحكومة الوحدة الليبيّة تدعو إلى تعزيز التعاون بين تونس وليبيا في مجالات العمل الاجتماعي لفائدة الطفولة الفاقدة للسند    إزالة مخيم ''العشي'' للمهاجرين في العامرة..التفاصيل    وزير السياحة يؤدي زيارة إلى ولاية جندوبة    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    منتدى الحقوق الاقتصادية يطالب بإصلاح المنظومة القانونية وإيجاد بدائل إيواء آمنة تحفظ كرامة اللاجئين وطالبي اللجوء    بداية من 172 ألف دينار : Cupra Terramar أخيرا في تونس ....كل ما تريد معرفته    عاجل: اتحاد الشغل يطالب بفتح مفاوضات اجتماعية جديدة في القطاعين العام والوظيفة العمومية    عودة التقلّبات الجوّية في تونس في ''عزّ الصيف'': الأسباب    ''مرة الصباح مرة ظهر''.. كيف يتغيّر توقيت اعلان نتيجة الباكالوريا عبر السنوات وما المنتظر في 2025؟    وزير الإقتصاد في المنتدى الإقتصادى الدولي بسان بيترسبورغ.    صلاح وماك أليستر ضمن ستة مرشحين لجائزة أفضل لاعب من رابطة المحترفين في إنقلترا    مواعيد كأس العالم للأندية اليوم بتوقيت تونس: مواجهات نارية وأمل كبير للترجي    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    من مكة إلى المدينة... لماذا يحتفل التونسيون برأس السنة الهجرية؟    بلومبيرغ: إيران تخترق كاميرات المراقبة المنزلية للتجسّس داخل إسرائيل    عاجل: القلق الإسرائيلي يتصاعد بسبب تأجيل القرار الأميركي بشأن الحرب على إيران    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    عاجل/ طهران ترفض التفاوض مع واشنطن    روسيا تحذّر أمريكا: "لا تعبثوا بالنار النووية"    صاروخ إيراني يضرب بئر السبع وفشل تام للقبة الحديدية...''شنو صار''؟    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي يواجه الليلة لوس أنجلوس الأمريكي    ميسي يقود إنتر ميامي لفوز مثير على بورتو في كأس العالم للأندية    طقس اليوم: أمطار بهذه المناطق والحرارة في ارتفاع طفيف    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    ما تستهينش ''بالذبانة''... أنواع تلدغ وتنقل جراثيم خطيرة    عاجل/ سعيّد يكشف: مسؤولون يعطلون تنفيذ عدد من المشاريع لتأجيج الأوضاع    خامنئي: "العدو الصهيوني يتلقى عقابه الآن"    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    بالفيديو: رئيس الجمهورية يشرف على اجتماع مجلس الوزراء...التفاصيل    كأس العالم للأندية: أتليتيكو مدريد يلتحق بكوكبة الصدارة..ترتيب المجموعة    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    شارع القناص ...فسحة العين والأذن يؤمّنها الهادي السنوسي .. الثقافة وهواة اللقمة الباردة : دعم ومدعوم وما بينهما معدوم.. وأهل الجود والكرم غارقون في «سابع نوم»!    موسم الحبوب: تجميع4.572 مليون قنطار إلى غاية 18 جوان 2025    خطبة الجمعة... ذكر الله في السراء والضراء    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    وفاة أول مذيعة طقس في العالم عن عمر يناهز 76 عاما    أمطار أحيانا غزيرة ليل الخميس    بعد 9 سنوات.. شيرين تعود إلى لقاء جمهور "مهرجان موازين"    اطلاق بطاقات مسبقة الدفع بداية من 22 جوان 2025 لاستخلاص مآوي السيارات بمطار تونس قرطاج الدولي    وفاة 5 أعوان في حادث مرور: الحرس الوطني يكشف التفاصيل.. #خبر_عاجل    أمل جديد لمرضى البروستات: علاج دون جراحة في مستشفى الرابطة.. #خبر_عاجل    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يلعب على كل الحبال : المرزوقي... الرئيس البهلوان
نشر في الشروق يوم 16 - 01 - 2013

منذ توليه مسؤولية رئاسة الجمهورية ظهر الدكتور منصف المرزوقي وكأنه يحاول التعامل مع كل المتناقضات والمراهنة عليها فهو تارة في السلطة وطورا في المعارضة وهو داخل الترويكا وخارجها في آن واحد وهو رئيس كل التونسيين مرات وهو زعيم حزب المؤتمر المتمرد في أحيان أخرى.

فماذا يريد المرزوقي؟ وهل سيستقر على حال واحدة وخطاب منسجم ؟.
هو الرئيس والمعارض واحيانا هو المجمع المفرق واخرى هو الداعم والمناهض وهو المطمئن المرعب تلك هي الحبال التي يلعب عليها رئيس جمهوريتنا الدكتور محمد المنصف المرزوقي ولسوء الحظ وربما لحسنه هو لا يلعب الا على حبلين متناقضين في نفس الوقت فما الذي يريده من هاته السياسة؟.

بدأت القصة بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي حين انتخب رئيسا للبلاد بعد مشاركة حزبه المؤتمر من أجل الجمهورية في تشكيل الترويكا الحاكمة وفي تلك المرحلة نذكر جيدا تلك الحرب التي احتضنتها تنسيقية الترويكا حول صلاحيات رئيسي الجمهورية والحكومة وكان من المفروض انه حصل اتفاق سابق على ذلك لكن حصلت المعركة التي تواصلت الى وقت غير بعيد ففي كل مفترق طرق تصله الاحزاب المتآلفة تنشب معركة صلاحيات جديدة.

حبال الترويكا

وفي هذا الاطار دارت اكبر المعارك التي كادت تعصف بالتحالف الحاكم بعد تسليم البغدادي المحمودي في 24 جوان الماضي وهاته المعركة لم تكن معركة حول مبدإ التسليم من عدمه وانما حول من من صلاحياته امضاء وثيقة التسليم لكنها وبالرغم من ذلك كانت اول مناسبة يهدد فيها الرئيس بالاستقالة رغم انه لم يفعلها في احداث 9 افريل حين ظهر كمعارض فقط وليس كرئيس دولة لكنه لم يتجاوز ذلك الحد في رفضه للقمع الذي تعرض اليه المتظاهرون واكتفى بإبداء اسفه لما حصل.

كما كان المرزوقي من أول الداعين الى حوار فكري مع السلفيين في تونس وفي نوفمبر الماضي دعا عدداً من قيادات التيار السلفي الجهادي وتنظيم أنصار الشريعة إلى المشاركة في حوار بهدف الاستماع إلى وجهات نظرهم حول مستجدات الأوضاع في البلاد وخاصة بعد الهجوم على السفارة الأميركية في تونس وأحداث منطقة دوار هيشر التي شهدت مقتل سبعة سلفيين في حادثتين لكن قبل هذا وبعده كانت لرئيس الجمهورية آراء ومقترحات أخرى.

وفي هذا الاطار قال المرزوقي يوم احداث السفارة الامريكية انه على الحكومة ان تتحمل مسؤولياتها امام الخطر السلفي الداهم كما رأى نفس الرئيس طبعا في سبتمبر 2012 ان السلفيين يتكاثرون «مثل السرطان»، وربما لا نناقش هنا صحة تصريحاته من عدمها لكن تناقضها رغم تزامنها فكأنه يريد كسب ود السلفيين من جهة بالتحاور معهم وان يتبرأ مما ينسب إليهم من افعال في الوقت نفسه ويكون قد كسب طرفي الصراع.

كيف يحاور رئيس الجمهورية اطرافا يرى انها «تكره الديمقراطية وتكفر الديمقراطية وتحتقر الديمقراطية ومستعدة لضرب الديمقراطية؟... ولم نأخذ في حقها التراتيب الضرورية في الابان وبدأت تتكاثر مثل السرطان» لكنه قبلها وبالتحديد في فيفري وبعدها بالتحديد في نوفمبر دعاهم الى الحوار.

حبال اليوسفيين والبورقيبيين

وكان لرئيس الجمهورية السبق في اللعب على التناقضات منذ توليه لمهامه حين قرر ان لا يصطف وراء اليوسفيين فقط او البورقيبيين وحدهم وخير استمالة الطرفين باستقبال عائلتي الحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف في نفس اليوم وحاول اظهار العملية على انها سعي الى المصالحة بين عائلتين لكن كلا الطرفين اعتبر ان اليوسفيين او البورقيبيين ليسوا مجرد عائلتين وانما هما تياران فكريان مختلفان ولا يكفي حفل استقبال للعائلات لإجراء المصالحة بينهما وهو ما مثل بداية فاشلة في لعبة تواصلت وذهب الى ابعد من ذلك.

وفي هذا التمشي وجه مستشارو المرزوقي في ماي 2012 ضربة قوية الى الحكومة وهم جزء منها حين طالب المستشار شوقي عبيد بحل الحكومة بعد اقراره بفشلها ودعا الى تكوين حكومة مصغرة وفي نفس الاطار كتب عدنان منصر مقالا بعنوان «حتى لا تحفر الحكومة قبرها بيدها» وجه فيه نقدا لاذعا الى الحكومة والى غياب برنامج واضح كما طالب المستشار أيوب المسعودي باقالة محافظ البنك المركزي وقد اعتبرت هذه التصريحات على خطورتها نيرانا صديقة لكنها تواصلت حد ان المرزوقي اتهم النهضة في اوت 2012 بأنها تعتمد نفس ممارسات النظام البائد وبأنها تسعى الى السيطرة على مفاصل الحكم في البلاد وجاء ذلك في خطابه للمؤتمر الثاني لحزب المؤتمر من اجل الجمهورية الذي القاه نيابة عنه عدنان منصر.

واظهرت المناوشات مع شركائه في الحكم وخاصة حركة النهضة الرئيس وكأنه مناضل في صفوف المعارضة ولم تقتصر تلك التصريحات على المناسبات السياسية فقط بل وحتى المناسبات الاجتماعية مثل تصريحاته اثناء موجة البرد التي اجتاحت الشمال الغربي بداية العام الماضي وفي الذكرى الثانية ل17 ديسمبر في سيدي بوزيد وغيرها فهو الرئيس وفي نفس الوقت المعارض لبرنامج هو شريك فيه.

حبال المتناقضات السياسية

ومؤخرا طلع علينا رئيسنا المفدى بخطاب جديد يحمل تسمية «الحوار الوطني» واستقبل في هذا الاطار مختلف مكونات المشهد السياسي التونسي وان كانت تلك المبادرة أعادت إلى رئاسة الجمهورية دورها الحقيقي الا ان بعض الثغرات جعلتها هي ايضا تدخل في خانة اللعب على المتناقضات حيث انه وفي الوقت الذي يرفع فيه حزب المؤتمر شعار اقصاء التجمعيين ومحاسبتهم يستقبل المرزوقي كل مشتقات التجمع الى جانب ذلك وفي نفس الوقت الذي تعارض فيه اغلب الاطراف الديمقراطية في البلاد وجود رابطات حماية الثورة يستقبلهم الرئيس في اطار الحوار الوطني ما قد يعصف بمبادرته سياسيا.

ربما لو اعدنا هاته الفقرة لاتضحت أكثر فالمعادلة التي تحملها صعبة ومعقدة، الاحزاب الديمقراطية تعارض وجود رابطات الثورة بشدة والمرزوقي يستقبل الاثنين، ثانيا الرابطات وحزب المؤتمر والنهضة يعارضون الاحزاب التجمعية والرئيس يستقبلهم جميعا، حزب الرئيس يرفض التعامل مع احزاب يعتبرها تجمعية وتقدم بمشروع لإقصائها من الساحة السياسية والرئيس يستقبلهم جميعا، قمة في الابداع في اللعب على كل الحبال.

وحتى الحبال الخارجية....

وعلى صعيد العلاقات الخارجية لم يكن اداء الرئيس افضل فلعنة اللعب على المتناقضات تلاحقه، مثلا هو ضد اي تدخل اجنبي في سوريا لكنه في نفس الوقت يطالب بتدخل عربي وان كان تحت تسمية حفظ الامن، وفي نفس الاطار يستقبل «مؤتمر اصدقاء سوريا» ويكون المبادر بطرد السفير السوري وقطع العلاقات معها ثم يعود الى الحبل الاول يستقبل اللاجئين السوريين ويجد انهم اول من تضرر من قطع العلاقات حقيقة هناك ابداع من رئيسنا حتى على مستوى العلاقات الدولية.

ومن الشطحات الاخرى تدخل المرزوقي في الشؤون الداخلية لعدد من البلدان التي تمثل عمقا استراتيجيا لتونس منها انتقاده للنظام المغربي في حضور سفيرها الى جانب نصيحته الشهيرة للجزائر بتمكين الاسلاميين من الحكم وعدم التصدي لهم مثلما حصل في التسعينات من القرن الماضي والتي وترت الاوضاع اكثر بين البلدين، ونفس الشيء حصل مع روسيا عندما اقترح نيابة عنها ان تحتضن بشار الاسد وقد رد عليه الكرملين مثلما ردت عليه الجزائر والمغرب بان لا يتكلم باسم دولة اخرى غير تونس.

هي ربما نسميها انتكاسات لسياستنا الخارجية لكنها تبقى في اطار اللعب على الحبال الذي يمكن ان نتجاوزه في تونس لكن انعكاساته الخارجية قد لا تحتملها البلاد خاصة في حالة الضعف التي تعيشها منذ جانفي 2011 وفي ظل الاوضاع المتوترة على حدودنا سواء مع الجزائر او ليبيا.

اذن لم يترك رئيسنا الموقر حبلا دون ان يجربه سواء داخل البلاد او خارجها سياسيا كان او اجتماعيا فكل الحبال تستهويه وتناديه فيسير فوقها مسلوب التفكير يتأرجح بينها ثم يقفز من فوقها غير عابئ بعواقب السير او القفز المهم بالنسبة اليه انه لم يترك أيا منها دون ان تكتشفه نعلاه، ومع مرور الذكرى الثانية ل14 جانفي نتمنى ان يقلع المرزوقي عن هاته الهواية وعن خطواته البهلوانية الهاوية ويضع نصب عينيه مصلحة البلاد فربما التقليل من القفز سيساهم الى حد ما في استقرار الصورة على الاقل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.