ما كاد السيد اسماعيل بولحية يعلن ولو بصفة غير رسمية ان حركة الديمقراطيين الاشتراكيين التي كانت دائما تحوز على المرتبة الأولى بين أحزاب المعارضة في الانتخابات التشريعية سوف تدخل على الأرجح الاستحقاق الانتخابي القادم بصفة فردية حتى أكد السيد محمد بوشيحة الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية أن حزبه سيدخل بدوره الانتخابات المقبلة منفردا وبعيدا عن كل نية تحالفية مع أي طرف آخر! وبهذين الاعلانين يتأكد مبكرا أن أحزاب المعارضة مازالت الى الآن في جلها رافضة للعمل الجبهوي وغير عازمة الا على التنافس حول نسبته «الخُمُس» أي خمس مقاعد المجلس النيابي المتوفرة بديهة لهذه الأحزاب مما يعني كذلك ان التنافس في الانتخابات القادمة سينحصر بين أحزاب المعارضة لوحدها وليس بينها وبين التجمع الدستوري الذي أنهى أمس الاجتماع الاول للجنة المركزية وهو اجتماع تطرّق الى عدة مشاغل اجتماعية واقتصادية اضافة الى تطرقه الى الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة التي يعتبرها هذا الحزب محطة هامة سوف يختبر خلالها بالتأكيد عدة حقائق على الرغم من ترشيح كل المراقبين له كحزب فائز بالانتخابات من الآن! وعلى الرغم من وضوح الرؤيا للتجمع الدستوري الديمقراطي حول امكانياته واستعداداته للانتخابات المقبلة الا ان المحطات السياسية الكبرى وأيا كانت نتائجها تلقي دائما وفي العادة بدروس أمام الأحزاب الحاكمة حيث تمثل مناسبة حقيقية لاختبار الرأي العام ومدى تفاعله مع السياسات المطبقة والهياكل الحاكمة ومدى انسجامه مع خيارات تلك السياسات والهياكل. ومن هذه الزاوية يمكن فهم حرص التجمع على تحسس آفاق الموعد المقبل وحرصه على التحضير الكامل والجديد لها رغم تفرّق المعارضة ورفضها للتوحد الشيء الذي سيؤثّر حتما عليها، ويكون في صالح الحزب الحاكم. ويرى الملاحظون ان هذه الحقيقة تعلمها أحزاب المعارضة حق العلم ولكنها تتغاضى عنها وقد يعود ذلك بدرجة أولى الى تأكد جل هذه الأحزاب بعد سنوات طويلة من الممارسة أنه من الأجدى لها ان تبحث عن صيغ عمل سياسي آخر لا يعادي بالضرورة السلطة ولا يعتبرها هدفا، وبالتالي لا يجمع المعارضة ويوحدها فقط لأنها تشترك في الصفة. وهو ما يشير الى تغير كبير وفي العمق في الثقافة السياسية لهذه الأحزاب والتي ربما لم ينس بعضها انه خرج من رحم الحزب الحاكم وان العودة الى أحضانه ممكنة وإن بصيغ أخرى! وليس هذا بالأمر الغريب في الحقيقة طالما ان السنوات الماضية وفّرت للتجمع وحده مزيدا من العملقة والاكتساح وتركت بالمقابل ضمورا ملحوظا ومثيرا لدى أحزاب المعارضة التي لم تجد صيغا وحلولا توفر لها القدرة على تعبئة الناس والتأثير في الرأي العام والتي فقدت حتى منخرطيها الأقدمين. ولهذه الأسباب كلها ولمثل هذا الحديث الذي يحتاج الى شرح طويل والى دراسة دقيقة لكل التغيرات السياسية والسلوكية يبدو شبه واضح من الآن أن المشهد الانتخابي القادم لن يكون مختلفا عن المشهد الذي تجلى في الموعد الانتخابي الفارط الا في بعض تفاصيل ستظهر في وقتها ولن تكون ذات تأثير كبير!