تم مؤخرا اكتشاف آثار رومانية بمنطقة أولاد بوسمير من معتمدية جبنيانة تعود للعهد الروماني، وهي عبارة عن حوض دائري يتضمن لوحات فسيفسائية وصور لبعض الحيوانات والأرجح وجود مدينة أثرية في الفضاء المجاور لها. الصدفة وحدها كانت وراء اكتشاف هذه الآثار، حيث كان الطفلان أمين ومالك أبناء السيد منذر بوشعالة المقيم بمنطقة أولاد بوسمير حوالي 7 كلم شرق مدينة جبنيانة يقومان بحفر مأوى للأرانب أمام منزلهما فعثرا على حوض دائري الشكل نقش بلوحات فسيفسائية تعود للفترة الرومانية.
وقد تم إعلام صاحب المنزل المقيم بإيطاليا بهذه القطعة الأثرية فعاد إلى أرض الوطن وقام بإعلام الجهات الأمنية والمعهد الوطني للآثار بهذه الإكتشافات المذهلة. الكنز الأثري عبارة عن حوض دائري الشكل نقش في أرض صخرية يبلغ قطره حوالي مترين وعمقه متر ونصف كان مغطى بالتراب منذ قرون ولم تمسسه يد إنسان من قبل، وقد رسمت بداخله وبجوانبه لوحات فسيفسائية جسدت حيوانات مختلفة في شكل صور لبعض الطيور وغزالة وأسماك في حين نقش بأسفله صورة صليب.
وحسب المعطيات التاريخية تعود هذه الوحدة الأثرية للقرنين الثالث أو الرابع ميلادي أي خلال الفترة الأخيرة من حكم الرومان في شمال إفريقيا وبداية العهد البيزنطي للاعتبارات التالية: فهذا الحوض هو فضاء يحتضن ما يعرف بطقوس التعميد في الديانة المسيحية التي تقوم على غسل الطفل خلال الأسابيع الأولى من ولادته في حوض يحمل في أسفله صورة الصليب الذي يرمز للمسيح وهو مؤشر على تخلصه من الخطيئة الأولية لآدم وحواء حسب المعتقدات المسيحية والإعلان عن اعتناقه النصرانية مباشرة إثر هذه الطقوس.
وقد إنطلقت الإمبراطورية الرومانية في نشر الديانة المسيحية في صفوف سكان البلاد التونسية منذ القرن الثالث ميلادي، وفي السياق ذاته فإن انتشار اللوحات الفسيفسائية إلى جانب تشييد المسارح والحمامات يعود إلى بداية القرن الثالث ميلادي وهي الحقبة الزمنية التي برزت فيها طبقة أروستقراطية وثرية إهتمت بتشييد المدن والإزدهار العمراني.
وترجح مصادرنا وجود مخزون أثري بالمنطقة المجاورة لهذا الإكتشاف حيث تحيط به المرتفعات من جوانب عديدة خاصة وأن جهة أولاد بوسمير لا تبعد سوى 6 كيلومترات عن مدينة بطرية المدينة الرومانية العريقة. وهي مناسبة للجهات المعنية للانطلاق في الحفريات بهذه المنطقة الأثرية المخفية والمنسية لعلها تتحول إلى فضاء أثري يقع ربطه بشبكة السياحة الثقافية مما يفتح آفاقا جديدة للاستثمار والتشغيل.