سادتي الأكارم يا من تربعتم على عرش الربيع العربي وجئتم قبل مجيئه أعرف ما تواجهونه من صعاب، وأعرف أن الربيع لا يأتي مباشرة بعد الخريف والريبة، وها أنا أسألكم ليطمئن قلبي. ماذا لو حل الربيع العربي فعلا بقفصة وتفتحت باكورات أكمام أزهاره وأطلقنا سراح المحكوم عليهم بالسجن المؤبد في ظلمة دواميس المناجم ومنحناهم عفوا تشريعيا عاما وباقة من زهور هذا الربيع تعويضا عن سنوات الجمر و«الحقرة» وتنفسوا من أريجها ما هو كفيل بتسريح قنوات النفس في رئاتهم المسدودة بغبار النبش في رحم الجبال هل كان المرسوم 97 يخدشهم سبعا وتسعين مرة؟
ماذا لو حلّ هذا الربيع فعلا بالرؤية أو بالحساب في القصرين وانتشرت وروده في سباسبها واستعادت فيها أرضها المروية بالدماء خصوبتها هل تبقى للحلفاء علاقة ب«الرزام» في التعامل مع أبنائها؟
ماذا يحصل لو هل هلال هذا الربيع فعلا في ربوع سليانة التي اختص أهلها في تقطير النبتات الغابية ووجدوا في زهور هذا الربيع ما يقطرونه ليرشوا به أنفسهم وهاماتهم وذواتهم هل كانوا في حاجة الى من يرشهم ب«الرش»؟
ماذا لو حلّ هذا الربيع فعلا بسيدي بوزيد ووجد أهلنا هناك من الزهور ولو كانت قليلة لينسجوا منها تيجانا لتغطية رؤوسهم هل كانت رؤوسهم تبقى «عريانة منها لربي»؟ ماذا لو دخل هذا الربيع من بوّابة الثورة لا من بوّابة راس جدير هل كان سي جدير هذا يفعل بأهلنا هناك ما برأسه ما لا يفعله العدو بعدوه؟
ماذا لو حلّ هذا الربيع فعلا في مدنين وقاومت جذور وروده وأهاره زحف الفقر الذي يسبق زحف الرمال الزاحفة هل كانت «الكلاشنكوف» تنضم الى هذا الزحف وتزحف؟
ماذا لو حل هذا الربيع فعلا بالجهات الداخلية بكل مداخلها ودواخلها ورعى النحل من رحيق نوّاره وملأ أجباحه عسلا ربيعيا صافيا خالصا هل كانت حلاوة هذا العسل تنسي الأهل مرارة الخبزة المرّة؟
ماذا لو تساءل يوغرطة من فوق مائدته بالكاف أين الربيع العربي في الكاف هل لنا من جواب سوى: «طاح الكاف على ظلّو» من بنزرت الى بن قردان؟ أم سنقول له تمهل مرور «العزارة» و«قرّة العنز» والليالي السود التي تسبق كل ربيع بالحساب «العربي».