الحرب في مالي ليست بسيطة حسب صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية التي اعتبرت أن فرنسا تورطت على ما يبدو في حرب طويلة الأمد وأن عهد الحرب الخاطفة ولّى وانتهى. طرحت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية تساؤلاً في مقال نشرته على موقعها الإلكتروني أمس الثلاثاء عن طبيعة التدخل العسكري للقوات الفرنسية في مالي، وعما إذا كانت باريس ستواصل حربها على الإسلاميين المسلحين في مالي أطول فترة ممكنة، خاصة أن الأهداف الفرنسية تصطبغ ب«الطمع».
أشباح الماضي
وكان الجيش الفرنسي قد تحدث أمس الأول الاثنين عن تحقيق بعض التقدم في مدينة ديابلي بمساعدة الجيش المالي. واستهلت الصحيفة الفرنسية مقالها بالإشارة إلى تصريحات جان إيف لو دريان - وزير الدفاع الفرنسي- للتأكيد على أن الهدف من وراء تدخل فرنسا عسكريًّا ضد المقاتلين الإسلاميين في مالي ومساعدة القوات الأفريقية كان واضحًا، إلا أن «الطموح» الفرنسي كبير مما يفتح المجال لحديث عن مدة استمرار هذه العمليات. وكان لو دريان قد أعلن أن «الهدف» من التدخل العسكري الفرنسي في مالي هو «استعادة كامل أراضي» هذا البلد من أيدي الجماعات المسلحة في الشمال.
وأكد الوزير الفرنسي - الذي وعد باستئصال بؤر المقاتلين في مالي والعمل على استعادة وحدة أراضيه - في تصريحاته الأخيرة أن فرنسا لن نترك «جيوبًا» للمقاومة. وذكرت «لوفيغارو» أن هذه التصريحات ليست جديدة لأن هذه الكلمات كانت تتردد دائمًا داخل أروقة وزارة الدفاع الفرنسية منذ شهور طويلة إثر تفجر الأزمة في مالي وسيطرة الإسلاميين على مدن إستراتيجية في شمال البلاد.
ونقلت الصحيفة عن بعض المصادر المقربة من وزير الدفاع قولها: «فرنسا كانت تستعد منذ سبتمبر الماضي للتدخل عسكريًّا في منطقة الساحل... بهدف تحقيق سلامة أراضي مالي ووحدتها».
وقالت الصحيفة: «الاختلاف الوحيد بين تصريحات اليوم والأمس هي أن المسؤولين السياسيين استبعدوا آنذاك نشر قوات برية».
في انتظار الأفارقة
وأضافت القول «ساعة الصفر لاستعادة شمال مالي لم تحن بعد.. فحتى الوقت الراهن اكتفت القوات الفرنسية بمنع زحف الجماعات الإسلامية المسلحة إلى العاصمة المالية باماكو عن طريق توجيه ضربات جوية إلى قواعد الجماعات المسلحة في الشمال أو مساندة الجيش المالي من خلال نشر قوات فرنسية برية لاستعادة المدن التي يسيطر عليها الإسلاميون».
وبدأت القوات الفرنسية التقدم شيئًا فشيئًا باتجاه الشمال إذ أحكمت سيطرتها على مدينتي ديابالي ودونتزا في وسط مالي مع إتاحة الفرصة للقوات المالية للدخول أولاً إلى هذه المدن.
وترى الصحيفة أن السبب وراء تراخي القوات الفرنسية في مسألة استعادة الأراضي الشمالية في مالي وإزاحة الجماعات الإسلامية المسلحة منها هو رغبتها في جعل هذه المهمة بيد القوات الأفريقية تجنبًا لأية اتهامات بشأن سعيها إلى إنشاء مستعمرة جديدة لها في مالي.
و اعتبرت الصحيفة أن «اعتماد فرنسا الكامل على القوات الإفريقية هي نقطة الضعف الوحيدة في هذه الحرب.. ذلك أنه إذا كانت القوات الفرنسية مؤهلة لشن هجوم كهذا على الجماعات الإسلامية المسلحة فإن القوات الإفريقية غير مستعدة لتلك المهمة - تمامًا مثلما هو الحال بالنسبة إلى القوات المحلية - نظرًا إلى نقص التدريب وسوء التسليح وغياب التنظيم».
وأوضحت الصحيفة أن القوات الإفريقية لا يمكن لها أن تتدخل عسكريًّا في مالي إلا بعد مرور عدة أشهر، في وقت ترغب فيه فرنسا نشر هذه القوات في أسرع وقت ممكن لاستعادة شمال مالي من أيدي الإسلاميين.