تقع مدينة بوشبكة على الحدود الغربية للبلاد التونسية وهي آخر نقطة للعبور الى التراب الجزائري وبها أكبر بوابة على الحدود ويقطنها حوالي 1600 ساكن وتبعد عن معتمدية فريانة حوالي 40 كيلومترا و تتمتع بمقومات هائلة. ولكن يبدو أن هذه المقومات لم تشفع لهذه المدينة من أن تفلت من براثن الفقر والحرمان.«الشروق» زارت أهالي بوشبكة وتحدثت اليهم ورصدت مآسيهم. ليس من الصعب عليك أن تصل مدينة بوشبكة باعتبار أنها بوابة العبور الى التراب الجزائري ولكن الصعوبات تكتشفها منذ أن تعرج على اليمين وتدخل الطريق المؤدية اليها وهي طريق تلابت – بوشبكة – تبسةالجزائرية حيث تعاني هذه الطريق من رداءة كبيرة باعتبار أنها غير مهيأة ومملوءة بالحفر علاوة على أنها ضيقة لا تتسع حتى لسيارتين بجانب بعضهما البعض بل عليك الانتظار بسيارتك اذا اعترضتك أخرى حتى لا يقع المكروه فهذه الطريق في حاجة الى توسعة خاصة وأنها خطيرة جدا بتعرجاتها المفزعة لأنها تشق الجبال وتشرف على أودية كبيرة ومنذ مفترق بوحية الى الوصول الى أول قرية وهي درناية أي حوالي كيلومترين لا تجد دورية أمنية تؤمن حياة مستعملي هذا الطريق الحيوي سواء من التونسيين القاصدين الجزائر أومن الجزائريين القاصدين بلادنا وفي طريقك الى بوشبكة تعترضك قرية «درناية» الفقيرة المنتصبة على حافة الطريق لتنذر بالمآسي والفقر وبعدها بحوالي كيلومترين تجد مدينة بوشبكة آخر نقطة تونسية من الناحية الغربية مدينة ذات شارع وحيد غير مهيإ يفتقر الى الانارة ليلا رغم خطورة موقعها إذ عادة ما تكون معبرا لسيارات التهريب التي تنطلق بسرعة كبيرة شأنها شأن قريتي بوحية وأم علي المحاذيتين وعادة ما كانت أيضا منطقة عبور حتى لعصابات إرهابية مما يهدد الأهالي هناك وشباب عاطل العمل وفلاحة معطلة بفعل الفقر وعدم تدخل الجهات المعنية ومستوصف مغلق كامل الأسبوع ومدرسة ابتدائية متداعية للسقوط وكأن من يدرس ويدرّس فيها ليسوا بالبشر هذه هي الصورة الحقيقية لأهالي بوشبكة وليس كما أشيع عنهم أنهم يتمعشون من تجارة العبور مع الجزائر فالشاب ياسين فريضي عبر بكل أسف عن الحالة التي يعيشونها في أقصى نقطة من الجمهورية وعن تناسي الحكومات المتعاقبة لهم وهو صاحب شهادة عليا شارك في المناظرات لكن دون جدوى شأنه شأن العديد من شباب المنطقة ، هذا التجاهل ألقى بالعديد من الشباب في المخاطرة في تجارة التهريب وهو ما جاراه فيه عبد الوهاب بن حامد الذي رأي أن لا حل سوى امتهان تجارة التهريب ولاحظ أنه لولا وجود الجزائر المجاورة لضاع الجميع وهدد باللجوء اليها وقد أدت حالة الفقر والتهميش الممنهج حسب رأيه الى تكثيف عملية النزوح نحو القصرينالمدينة أوالولايات المجاورة أو حتى نحوالمدن الكبرى المحظوظة مما أفرغ ريف بوشبكة وأهملت أراضيه الفلاحية القادرة بخصوبتها ومناخها الجيد على إطعام كافة الجمهورية لو توفرت إرادة سياسية جادة.
الانقطاع عن الدراسة رفع في نسبة الأمية
من المشاكل التي تعترض الأهالي هناك هو انقطاع أبنائهم مبكرا عن الدراسة وخاصة في مستوى الاعدادي والثانوي نتيجة الفقر من ناحية وعدم وجود إعدادية بالمكان حيث أشار السيد عمار الى انقطاع أبنائه عن الدراسة لضيق الحال حيث عجز عن توفير مستلزماتهم الدراسية شأنه شأن العديد من الأولياء مما أدى الى ضعف نسبة التمدرس في المنطقة وارتفاع نسبة الأمية بها. وأشار الى معاناة تلامذتهم الذين يتكبدون عناء التنقل اما الى بودرياس أوالى تلابت اللتان تبعدان أكثر من ثلاثين كيلومترا لمواصلة دراستهم في الاعدادية والمعاهد الثانوية وطالبوا بإنشاء على الاقل مدرسة اعدادية في المنطقة فتلامذتهم يستفيقون الخامسة صباحا ولا يعودون الا السابعة مساء نظرا لعدم توفر الحافلات بصفة دورية على الاقل.
الأحزاب تاجرت بنا وسنطرد أي مسؤول حكومي
هذا ما قاله الحبيب بن حامد حيث اتهم الحكومات بعدم تحمل مسؤولياتها تجاه منطقته وكذلك الأحزاب وأعضاء التأسيسي عن كتلة القصرين الذين لم يزر أي منهم المنطقة بعد الانتخابات خاصة الأحزاب التي وصلت الى قبة البرلمان وحذّر جميع السياسيين من مغبة العودة الى بوشبكة أثناء الحملة الانتخابية القادمة خاصة وأنهم تهافتوا على المنطقة سابقا لكسب ودها في الأصوات وكذلك حذر المسؤولين الحكوميين من زيارة منطقتهم ولكنه استثنى رئيس الحكومة وطالبه بزيارتهم للإطلاع عن كثب عن ما يعانونه .
لا ثقافة ولا فلاحة
من بين ما تطرق له محدثونا من أهالي بوشبكة هو غياب المؤسسات الثقافية حيث لا توجد دور ثقافة ولا شباب ولا حتى نادي ثقافي يلتجئ اليها الشباب في أوقات الفراغ مما جعل أبناءهم فريسة للمقاهي والشارع مع ما يرافق ذلك من امكانية الضياع ويشير الفلاح محمد عمار حامدي الى مسألة في غاية الاهمية وهي غياب كهربة الآبار السقوية حيث يوجد بالمنطقة قرابة 15 بئرا تشتغل بطريقة تقليدية مما يعطل عملية الانتاج نتيجة غلاء أسعار البنزين مما أتلف العديد من الاشجار المثمرة ورغم وعود السلطات الجهوية المعنية الا ان الوعود لم تتجسد على أرض الواقع الى يومنا هذا.